استشاري الباطنة والغدد الصماء أيام قلائل ويهل علينا هلال الشهر الفضيل، ونبدأ صيام شهر رمضان. ويعد مرضى السكري إحدى أكثر فئات المرضى التي قد تتأثر بالصيام، لذا من خلال هذا المقال سوف نسلّط الضوء على أبرز النصائح، والتعليمات التي يتوجب على مرضى السكري اتباعها أثناء الشهر الكريم. *هل الصيام يؤثّر بشكل سلبي على مريض السكري؟ -مما لا شك فيه أن الصيام يحمل العديد من التأثيرات الإيجابية على صحة الجسم، والتي تتضمن ضبط مستويات سكر الجلوكوز بالدم، بشرط اتباع عادات غذائية صحية أثناء ساعات الإفطار. وبشكل عام، ينبغي على مريض السكري مراجعة الطبيب المعالج قبل بداية شهر رمضان من كل عام، وذلك لتحديد ما إذا كان قادراً على الصيام أم لا. *من هم مرضى السكري الذين لا يجوز لهم طبياً صيام الشهر الفضيل؟ -يظل الطبيب المعالج هو الشخص الأوحد الذي يمكنه التصريح لمريض السكري بصيام شهر رمضان من عدمه. وإجمالاً من الناحية الطبية، لا يجوز لمريض السكري صيام شهر رمضان في الحالات التالية: 1.مريض السكري من النوع الأول (مرض السكري الذي ينشأ في الطفولة بمعظم الأحيان نتيجة عجز البنكرياس على إنتاج هرمون الإنسولين، ويعتمد في علاجه على حقن الإنسولين تحت الجلد)، ولديه تاريخ مرضي من هبوط السكر المتكرر، أو ارتفاع نسبة الحموضة بالدم بالذات خلال الستة أشهر الأخيرة قبل رمضان. 2.مريض السكري من النوع الثاني، والذي يصاحبه حالة متقدمة من قصور الكبد أو الكلى الوظيفي، ويعاني من هبوط متكرر، أو تفاوت شديد بقراءات السكر. 3.مريض السكري الذي تتجاوز نتيجة اختبار الهيموجلوبين السكري لديه 10%، ويوجد لديه قصور في الشرايين التاجية، أو مضاعفات أخرى بسبب عدم انتظام السكر. 4.إذا أصيب مريض السكري بغيبوبة السكري خلال الأشهر الستة الأخيرة التي تسبق شهر رمضان. *كيف يستعد مريض السكري لشهر رمضان؟ -للاستعداد لشهر رمضان لابد أولاً من إجراء اختبار الهيموجلوبين السكري، ومن ثم الوقوف على مستوى السكر التراكمي بالدم. كذلك يلزم زيارة الطبيب المعالج لبحث مدى إمكانية صيام الشهر الفضيل هذا العام. مع تغيير روتين الدواء بما يتلاءم مع الشهر الكريم. ونؤكّد على ضرورة الإفطار بشكل فوري، والتوقف عن الصيام في نهار رمضان إذا شعر المريض بأي أعراض مرضية قد تشير إلى حدوث انخفاض شديد بمستوى سكر الجلوكوز بالدم، ولعل أبرز هذه الأعراض: اختلال مستويات الوعي والإدراك، التعرّق الغزير المفاجئ، تسارع معدل ضربات القلب أو التنفس أو كليهما، تنميل شديد بالأطراف. *ما هي التغذية المناسبة لمريض السكري أثناء شهر رمضان، وهل تختلف عن الأشخاص غير المصابين بالسكري؟ -لا خلاف على أن شهر رمضان يحفل بالعديد من العادات الغذائية الخاطئة التي قد تسبب الضرر لمرضى السكري، لذا ينبغي اتباع العادات والممارسات الغذائية الصحيحة التي يتوجب على الجميع من دون استثناء اتباعها. في البداية، ننصح مرضى السكري بضرورة الشروع في تناول الإفطار مباشرة بمجرد انطلاق مدفع الإفطار، كما ننصح بتأجيل موعد وجبة السحور لتكون قبل الفجر مباشرة. وذلك للحفاظ قدر المستطاع على مستوى سكر الجلوكوز بالدم وفق مستويات ثابتة من دون تأرجح. أيضاً يرى خبراء التغذية أن أفضل ما يمكن لمريض السكري أن يبدأ به إفطاره هو بضع تمرات (1-3 تمرات كحد أقصى حسب انتظام السكر)، ليتم بعد ذلك الانتقال إلى الأطباق الرئيسية التي ينبغي أن تكون قدر المستطاع خالية من الدهون، مع التركيز على تناول الفواكه والخضروات الطازجة. كذلك تلعب طريقة الطهي دوراً مهماً في هذا الشأن، إذ ينصح بالاعتماد على الأطعمة المشوية أو المسلوقة، مع تجنب الأطعمة المقلية قدر المستطاع. ومن الجانب الآخر، ينصح بالاهتمام بتناول الماء والسوائل خلال الفترة من بعد وجبة الإفطار وحتى السحور، مع الحد قدر الإمكان من تناول الحلوى، والوجبات الخفيفة. ويظل المبدأ الأكيد والثابت هو تناول الطعام من دون إفراط، وهي قاعدة تسري على الجميع سواء مرضى السكري، أو غير المصابين بالسكري. نصائح مهمة ينبغي على مرضى السكري وضعها بعين الاعتبار أثناء صيام رمضان: بالنسبة لتقسيم وتعديل العلاجات يوجد فيها اختلافات حسب جرعات ونوعية العلاج الذي يتلقاه المريض، ولابد من استشارة الطبيب قبل الشهر الفضيل بعدة أسابيع للعمل على هذه التعديلات حسب حالة كل مريض على حدة. إذا كان مريض السكري يتناول جرعة واحدة من الأقراص عبر الفم، ينبغي تناولها قبل الشروع في الإفطار مباشرة. أما إذا كان النظام الدوائي المتبع يتضمن أكثر من جرعة دوائية من الأقراص عبر الفم، يتم تقسيم الحصة اليومية من الدواء على جرعتين، بحيث يتم أخذ الجرعة الأكبر (ثلثي الحصة اليومية) قبل الإفطار مباشرة، والجرعة الأصغر (ثلث الحصة اليومية) قبل وجبة السحور. في حال انخفاض مستوى السكر في الدم عن 70 ملغم/دسل أو شعرت بأعراض انخفاض السكر يجب أن تنهي صيامك بشرب كوب من العصير أو الحليب. في حال ارتفاع مستوى السكر في الدم عن 300 ملغم/دسل يجب أن تنهي صيامك. بالنسبة لمرضى السكري الذين يتلقون حقن الإنسولين تحت الجلد، يتم تقسيم الإنسولين بحيث يتم إعطاء ثلثي الجرعة قبل الإفطار مباشرة، والثلث المتبقي قبل السحور. تتسبب العصائر المعلبة التي تحتوي على مواد حافظة في اختلال مستوى سكر الجلوكوز بالدم، لذا ينصح بالابتعاد عنها تماماً، واستبدالها بالماء، وتناول الفاكهة نفسها. يعد الشوفان من الخيارات الغذائية المميزة لمرضى السكري، ولاسيما في وجبة السحور. فبالإضافة إلى أنه ذو قيمة غذائية عالية، فإنه يحتوي على نسبة كبيرة من مضادات الأكسدة والألياف الغذائية التي تساعد على ضبط مستوى سكر الجلوكوز بالدم. يمكن إعداد الشوفان من خلال إضافة القليل من اللبن، مع الحرص أن يكون اللبن خالياً من الدسم. كذلك ينصح أن تكون منتجات الألبان التي يتم تناولها بشكل عام (خاصة الزبادي) خالية من الدسم. *هل تعد التراويح من ضمن تمارين اللياقة البدنية لمريض السكري؟ يمكن لمريض السكري ممارسة الرياضة أثناء شهر رمضان من دون أي قيود. وتعد صلاة التراويح من ضمن تمارين اللياقة البدنية التي يمكن الاعتماد عليها في هذا الشأن. وللاستعداد لها بشكل جيد، ينبغي عدم الإفراط في تناول الطعام حتى لا يتسبب ذلك في التخمة، ومن ثم الشعور بالكسل والإرهاق. كذلك ينبغي على مريض السكري أن يكون بحوزته بعض قطع الحلوى، أو أي مصدر سكري آخر، وذلك تحسباً لحدوث أي نوبات مفاجئة من انخفاض مستوى سكر الجلوكوز بالدم أثناء صلاة التراويح.