الفنون لها دور مهم وكبير في حياة الشعوب والأفراد، حيث ترتقي بالفرد، وتجعله أكثر تحضُّراً، ولها صلة وثيقة بالإبداع والابتكار والعبقرية ،وهي إفراز طبيعي لثقافة المجتمع ، ولا تهدف الفنون إلى ترقية قيمة الإحساس بالجمال فحسب، وإنما ترسيخ وترقية قيّم الفضيلة والأخلاق وحب العمل والعلم وحب الوطن والإسهام في بنائه والدفاع عنه وغيرها من القيِّم الإيجابية الأخرى. إن الفنون تؤثر في حياة المجتمعات بشكل إيجابي وملموس، ودورها ليس ترفاً ومتعة جمالية فحسب، وإنما يتعدى ذلك إلى بناء المواطن القادر على بناء وطنه ، من خلال إسهاماته العملية وتطوير حياة الأفراد والمجتمعات، كما أنها أداة فعّالة لوحدة المجتمعات وتماسكها ،بل وسيلة ناجعة لإحداث التفاهم العالمي برمّته، وهي موروث أوجده الإنسان من خلال تعاقب الأزمنة عبر العصور المختلفة ، وكثير من الاكتشافات والاختراعات التكنولوجية كان مصدرها خيال بعض الفنانين. وفي عصرنا الراهن قُسمت الفنون إلى ثلاثة فروع ،هي : الفنون التشكيلية ومنها التصوير والرسم والخط والهندسة وفن العمارة والنحت والفنون التطبيقية وغيرها، والفرع الثاني ينطوي على الفن الصوتي مثل الغناء والموسيقى والمسرح والسينما والشعر والحكايات وغيرها، في حين يمثل الفرع الثالث الفن الحركي مثل السيرك والرقص والألعاب البهلوانية وبعض الرياضات وغيرها. الفنون ليست غاية في ذاتها وإنما لها أدوار في جوانب كثيرة من حياة البشر ، فللفنون دور اقتصادي من حيث خلق فرص عمل جديدة ، ورفد القوى العاملة ممّا يعزّز عملية الإنتاج ، وبالتالي زيادة معدّلات اقتصاد الدولة، وتأكيداً على ذلك ،فإن عائدات الأعمال الفنية في ولاية كلفورنيا الأمريكية ، تمثل وحدها ما يقارب 7.8 % من ناتج الولاية الإجمالي، وبجانب ذلك تلعب الفنون دوراً مهماً في قطاع السياحة ، حيث يمكث السائحون لأغراض فنية مدة طويلة في البلد الذي يسافرون إليه ، ويصرفون مبالغ أكثر من السياح الآخرين، كما تساهم الفنون في تحسين الحياة المعيشية للفرد ، وتنعكس المشاركة في الأنشطة الفنية إيجاباً على تمّتين الروابط المجتمعية، بجانب تعزيزها لحزمة من القيَّم الإيجابية لدى الأفراد كزيادة التسامح ونبذ التعصب والتطرف والغلو وغيره. إن إنشاء الهيئة العامة للترفيه في المملكة ، هو بلاشك بداية لإقامة صناعة فنية تتسق مع مكانة المملكة في ظل رؤية 2030 وأهدافها الطموحة تجاه الفنون والثقافة، حيث تسعى الهيئة في فعالياتها ، إلى تعزيز قيّم الفنون ، وإقامة أساس لصناعة فنية ترفيهية متطورة من خلال كافة الفنون لبناء المواطن السعودي ورفد ثقافته وقيّمه، ولا شك أن الحركة الفنية والثقافية هي في الطريق الصحيح لمزيد من التطور، لتكون المملكة في صدارة دول المنطقة في هذا الجانب نظراً لإرثها الثقافي والفني الزاخر الذي تضطلع الهيئة بإبرازه عبر فعالياتها وبرامجها من خلال الموسيقى و المسرح والدراما وكافة أنواع الفنون الأخرى. باحثة وكاتبة سعودية