اقترحت في مقال سابق ، أن يتم إستحداث هيئة يطلق عليها (هيئة تنظيم سوق العمل) تكون مستقلة و تُعنى بتطوير سوق العمل، والبيئة المهنية، وحقوق الموظفين، ومراقبة الجهات ومحاسبتها، وذالك بعد أن استنتجت أن لوزارة الموارد البشرية مسؤولياتها الكثيرة، ولم تستطع أن توجد حلول خلّاقة طوال السنوات التي مرت على تأسيسها رغم تطور أسواق العمل في دول مجاورة، والدليل على ذلك أنه منذ أن تأسست الوزارة وإلى الآن ، فإن سوق العمل يعاني من تحدّيات مثل: الرواتب المتدنّية، الإجازة الأسبوعية، إنهاء خدمات الموظفين وعدم تحديد نسب لتوظيف الجنسين. سنوات طوال وإلى الآن ،ووزارة الموارد البشرية عاجزة عن أن تسهم في إيجاد حلول مبتكره تتناسب مع كل جيل تائه بين تنظيم العمل و الشؤون الإجتماعية . والمفارقة العجيبة ، أن تجد وزارة الموارد البشرية بعيدة كل البعد عن معالجة هذة التحدّيات الجوهرية ومشغولة بتوطين الأسواق الحرة التي هي في الأساس متاحة لكل من أراد العمل بها تظهر لنا في كل فترة تنشر إحصائيات إنخفاض البطالة. نجاح سوق العمل لا يعني فقط "إنخفاض البطالة"، بل استقرار وتطور ونمو الحياه المهنية، التي تعزّز مسيرة التنميه الاقتصاديه و البشريه وبناء الكفاءات الحقيقيه وتوفير الحياة الكريمة للجميع. كنت أتمنى ولو مرة ، أن تبادر الوزارة بإقرار مفهوم جودة الحياة الوظيفية الذي يرتكز على عدة عوامل كترقيات ،و تحديد ساعات عمل مناسبة لكل قطاع، وإلزام الجهات الخاصة والعامة بعدة دورات تدريبية، ومكافآت مالية تحفيزية وكثير من العوامل التي تحسّن من البيئة المهنية. إن لسوق العمل تأثيره على المجتمع وكافة القطاعات الأخرى من خلال توزيع الدخل والإستقرار الإقتصادي للبلاد.وإن تحسين الدخل وتقليص ساعات وأيام العمل ،يسهم في زيادة الطلب على السلع والخدمات الشرائية وفي المقابل تدني يؤدي إلى تراجع القدرة وتراجع مستويات المعيشة ممّا يسهم في تقليص نجاح أي برنامج من برامج جودة الحياة. عزيزي القارئ ، كيف لمثل هذا السوق أن يوفِّرحياة كريمة لمنسوبية وأكثر من 70 % من العاملين به أجورهم لاتتعدى7000 ريال؟ رغم الموارد المالية الكبيرة للشركات التي اعتادت على استغلال موظفيها برواتب لاتعكس مداخيلهم المليونية. وكيف لأزمة السكن أن تحل بهذة الرواتب المتدنية وسط استقطاعات البنوك العالية وضعف المميزات الوظيفية وساعات العمل الطويلة أو حتى أزمة العزوف عن الزواج أو فشله وغيرها الكثير من أساسيات جودة الحياة. إن الحياة الكريمة هي القدرة على تأمين إحتياجات الفرد الأساسية حتى يستطيع تأمين مستقبله وبناء أسرته ولا يكون هذا إلا بنظم واسترتيجيات ثابتة و متغيره وهذا لن يحدث الا باستحداث الهيئة التي ذكرت. علينا أن ندرك ان الوزارة اليوم لاتستطيع أن توفق بين إدارة الموارد البشرية والشؤون الإجتماعية فهذه قطاعات ضخمة ، وتحتاج إلى تخصص وتفرغ تاميْن لمسؤوليها .