تواصل هيئة المتاحف، سلسلة لقاءات شهرية، بهدف مناقشة واقع القطاع، وتوفير رؤى قيّمة لتطويره، ومناقشة التحديات، والإمكانات والفرص المتاحة،ا فضلا عن تعزيز حضور المتاحف ومفهومها، في الحياة المعاصرة ، وفي هذا السياق نظّمت هيئة المتاحف لقاءً مفتوحاً بعنوان: "فلسفة المتاحف في التراث والثقافة العربية والإسلامية"، في مقر المتحف الوطني بالرياض، بهدف استعراض مفهوم المتحف في الحضارة العربية والإسلامية، ومناقشة كيفية صنع التجارب المتحفية المعاصرة، بمشاركة مدير مختبر عرقه للفنون الإبداعية الدكتور عبدالقادر دماني، وعميدة كلية التصاميم والفنون بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الدكتورة مها خياط، وبحضور مجموعة من الأساتذة الجامعيين والمختصين والمهتمين في مجال المتاحف. وتناول اللقاء الذي أدارته الدكتورة علياء الفدا، مفهوم المتحف من منظور الحضارة العربية والإسلامية. وأشار الدكتور دماني إلى أنّ المؤسسة المتحفية منذ نشأتها في القرن التاسع عشر كان لها انعكاس على الحضارة العربية والإسلامية، بانتشار المعلّقات التي تعد من أقدم أنواع الفنون الجدارية، وقال: "المتحف مفهوم عابر للحضارات إذ إنه مشروع اجتماعي إنساني، وكل المجتمعات بحاجة إليه، فالمتحف يجسّد الذاكرة والخيال، ويختزن ذاكرة الشعوب، كما يطلق العنان لمخيّلتهم، ويتيح لهم فرصة اكتشاف عوالم جديدة". بدورها تحدّثت خياط عن تاريخ الفنون في الحضارة العربية والإسلامية، مشيرة إلى تأصّل الفن فيها منذ القدم، وخير شاهد على ذلك فنّ الخطّ العربي حتى أصبح جزءاً لا يتجزأ من الهوية والثقافة العربية والإسلامية, وتطرقت إلى استحداث المملكة مناهج تعليمية مرتبطة بالمتاحف، وذلك لإثراء القطاع والنهوض به. كما تناول اللقاء العديد من المحاور منها: دور المتحف في تعزيز المحتوى الثقافي والهوية الوطنية؛ وإسهام المؤسسة المتحفية في الحوار بين الثقافات والتبادل المعرفي؛ وضرورة تصميم المحتوى المتحفي بطرق مبتكرة، وجذّابة تسمح للجمهور بالتفاعل معها. ونوّه المشاركون بجهود وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف في تطوير قطاع المتاحف، واستحداث متاحف بأفضل المعايير الدولية. يذكر أن الإستراتيجية الخاصة بهيئة المتاحف حددت الرؤية التي ستسير عليها، ونصّت على تأسيس متاحف وطنية كوجهات ملهمة ومحفزات للمشاركة الثقافية والمجتمعية للمواطنين والمقيمين والزوار، فيما نصّت رسالتها التي تسعى لتحقيقها، على حماية التراث الوطني من جميع أنحاء العالم والترويج له وتقديمه لأغراض الدراسة والتعليم والترفيه، مما يمنح المملكة مكانة على الساحة الثقافية العالمية بأعلى معايير الجودة، أما الأهداف الإستراتيجية فاشتملت على 12 هدفاً هي إثراء المؤسسات ومجموعات المقتنيات وتعزيز قيمة المحتوى التراثي القائم، وتوسيع نطاق انتشار المتاحف بالاستعانة بمؤسسات عالية الجودة، وزيادة معدلات زيارة المتاحف بين السكان والسياح، وزيادة الميزانية العامة للقطاع وتحسين كفاءة الإنفاق، بالإضافة إلى إنشاء متاحف متميزة ومعاصرة في المدن الرئيسية ومتاحف محلية في المناطق ذات التراث الغني والمتنوع، وحماية مجموعات المقتنيات وعرضها وفقاً لأفضل المعايير، واستحداث تجارب تعليمية وترفيهية يسهل للجميع الوصول إليها، وجذب زوار المتاحف والسعي لنيل الاعتراف والتقدير المُستحقين من داخل المملكة وخارجها، إلى جانب إيجاد قوى عاملة مؤهلة ومتمرسة للمتاحف، وضمان تقديم الدعم المالي اللازم وتحفيز مشاركة القطاع الثالث، وإقامة الشراكات لاغتنام الفرص التي يتيحها قطاع المتاحف وتمكينه من إضفاء القيمة، وإصدار الرخص واللوائح التنظيمية لضمان تطبيق معايير الجودة الشاملة. وتسهم الإستراتيجية في تطوير المتاحف الموجودة مثل المتحف الوطني ومتحف قصر المصمك، كما ستعمل على استحداث عددٍ كبير من المتاحف حول مناطق المملكة ابتداءً من عرعر إلى نجران ومن أبها إلى الدمام، وذلك بحلول عام 2024، بالإضافة إلى عدة متاحف كبيرة وأخرى صغيرة في السنوات القادمة حتى عام 2030. وتشمل أولى المتاحف التي سيتم إنشاؤها متحف طارق عبدالحكيم في جدة، ومتحف الذهب الأسود في الرياض، كما سيتم تخصيص مكان مؤقت للمتحف السعودي للفن المعاصر في حي جاكس الجديد بالدرعية، وذلك حتى افتتاح المتحف الكبير خلال السنوات المقبلة، بينما تنطوي الخطط متوسطة المدى على افتتاح متاحف رائدة مثل متحف المجمع الملكي للفنون، ومتحف الفنون الرقمية، ومتحف مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي.