تشهد منطقة الساحل الغربي الإفريقي تحولات جيوسياسية متسارعة، تحمل معها إمكانية تصاعد التوترات والصراعات على النفوذ بين اللاعبين الدوليين، خاصة في النيجروالغابون اللتين شهدتا الإطاحة بالرئيسين محمد بازوم، وعلي بونغو على التوالي. وبعد ساعات قليلة من إعلان كبار الضباط في الغابون أنهم أطاحوا بالرئيس علي بونغو أمس (الأربعاء)، وألغوا نتيجة الانتخابات العامة التي أعطته الفوز، خرجت مظاهرات مؤيدة للانقلابيين في جميع أنحاء البلاد. وكان لافتاً قيام مئات الجنود في العاصمة ليبرفيل بالإشادة بقائد الحرس الجمهوري، الجنرال بريس أوليغي نغويما، ما أثار التكهنات بإمكانية أن يصبح الرجل القوي الجديد في البلاد. وقال نغويما، وفقاً لصحيفة لوموند الفرنسية: لا أعلن نفسي رئيساً، ولا أتصور أي شيء في الوقت الراهن. هذا هو النقاش الذي سنجريه مع جميع الجنرالات. سيكون الأمر يتعلق بالتوصل إلى توافق في الآراء. سيطرح الجميع أفكاراً وسيتم اختيار أفضلها، بالإضافة إلى اسم الشخص الذي سيقود عملية الانتقال. وحول المصير الذي سينتظره علي بونغو، أكد أن بونغو هو رئيس دولة، وهو متقاعد ويتمتع بجميع حقوقه." إنه غابوني عادي، مثل أي شخص آخر"، فيما ظهر رئيس الغابون المعزل أمس من خلال فيديو بثه من مقر إقامته الجبرية، وذلك في أول ظهور له منذ أن أعلن قادة الجيش الإطاحة به وبحكومته، وحل المؤسسات والسيطرة على السلطة. وقال بونغو في الفيديو، الذي ظهر فيه جالساً على كرسي، وتبدو عليه ملامح القلق:" أنا علي بونغو أونديمبا، رئيس الغابون أوجّه رسالة إلى جميع أصدقائنا في كل أنحاء العالم، لأطلب منهم أن يرفعوا أصواتهم بشأن الأشخاص الذين اعتقلوني وعائلتي". وقال الرئيس:" أنا تحت الإقامة الجبرية، ولا أدري ماذا يحدث، وما الذي سيحدث مستقبلاً.. أدعوكم لإحداث ضجة كبيرة ضد من اعتقلوني.. أدعو الأصدقاء في كافة أنحاء العالم لإحداث ضجة". وبعد إعلان قادة الجيش الاستيلاء على السلطة في الغابون، تم وضع الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية. وكان الرئيس بونغو قد شوهد آخر مرة قبل 4 أيام، حينما أدلى بصوته في العاصمة ليبرفيل، التي أُعلن فيها لاحقاً فوزه بولاية ثالثة بنسبة تجاوزت 64 %. وأعلن الانقلابيون أمس عبر التلفزيون الرسمي عن تقييد الرئيس علي بونغو رهن الإقامة الجبرية، كما أعلنوا أيضاً عن اعتقال نجله، وذلك بعد ساعات من إعلانهم الإطاحة بالحكومة. يُذكر أن الرئيس بونغو يحكم الغابون منذ 2009م، خلفاً لوالده الرئيس السابق عمر بونغو الذي حكم البلاد ل40 عاماً. وفي أكتوبر 2018م، أصيب بونغو بجلطة دماغية بقي بعدها لمدة عشرة أشهر من دون ظهور علني، وعلى الرغم من استمرار معاناته من صعوبات في الحركة، قام في الأشهر الأخيرة بجولات في كل أنحاء البلاد وبزيارات رسمية إلى الخارج. وقد نجا من محاولة انقلاب سابقة في 2019م، حيث جرى اعتقال أو قتل كل مدبري محاولة الانقلاب بعد ساعات من استيلائهم على محطة الإذاعة الوطنية.