يعد يوم التأسيس السعودي من أهم الأحداث التي تشكل تاريخ المملكة العربية السعودية، فهو اليوم الذي تولى فيه الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية وذلك في يوم 22/2/1727م، الذي يعد اللبنة الأولى من لبنات تاريخنا العريق الضارب في جذور التاريخ، الذي من خلاله تأسست أعظم وحدة سياسية عرفت في العصر الحديث. فالإمام محمد بن سعود الذي استطاع دراسة واقع المنطقة وتحويل الدرعية من دولة المدينة إلى دولة عظيمة ثابتة الأركان وشامخة البنيان استطاعت أن توحّد معظم أرجاء شبه الجزيرة العربية وأن تكون محوراً مؤثراً في المنطقة. إن شخصية الإمام محمد بن سعود الذي نشأ وتربى وترعرع في الدرعية واستفاد من التجربة التي خاضها في شبابه ومساعدته لوالده في أوضاع الإمارة ومشاركته في حملات الدفاع عن الدرعية، بالإضافة إلى الصفات التي تحلى بها، كالتدين والشجاعة والحكمة والحنكة السياسية مما ساعده ذلك في بسط نفوذ دولته على الأقاليم المتناحرة في نجد والإمارات المجاورة والعشائر الأخرى التي تنتقل من مكان لآخر. تولى الإمام محمد بن سعود الحكم في أوضاع استثنائية في منتصف عام (1139ه) 22 فبراير عام (1727م)؛ فقد عانت الدرعية قبيل توليه الحكم من ضعف وانقسام لأسباب متعددة، منها النزاع الداخلي على إمارة الدرعية بين عمه الأمير مقرن بن محمد والأمير زيد بن مرخان، وكذلك حملة الدرعية على العيينة، ومقتل الأمير زيد بن مرخان، ومنها كذلك انتشار مرض الطاعون في جزيرة العرب خلال تلك الفترة وتسببه في وفاة أعداد كبيرة من الناس. ومع كل هذه التحديات استطاع الإمام محمد بن سعود أن يتغلب عليها وأن يتخطاها ويوحد الدرعية، وأن يسهم في نشر الاستقرار في منطقة العارض. فقد قام الإمام محمد بن سعود بنشر التعليم والثقافة وتحقيق الوحدة بين أفراد شعبه وتعزيز التواصل بينهم والحفاظ على الأمن، وقام كذلك بالاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية، ثم حتى وصل للوحدة السياسية وعدم ولائه لأي قوة خارجية وعمل على تعدد مصادر الدخل للدولة، وقد نتج عن ذلك قوة سياسية واقتصادية للدولة أدت إلى انتقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب إليها، والذي جاء نتيجة طبيعة لسياسة الإمام محمد بن سعود. إن تأسيس الدولة السعودية يعتبر حدثاً تاريخياً جديداً نقل المجتمع من حياة غير مستقرة وغير آمنة إلى حياة ينعم فيها المجتمع بالاستقرار والأمن ومختلفة تماماً عما كان يسود في المنطقة التي لم تكن تعرف الوحدة السياسية منذ عهد النبوة والخلافة الراشدة. وأخيرا رحم الله المؤسس الإمام محمد بن سعود وأبناءه وأحفاده من بعده، الذين ضحوا بحياتهم من أجعل هذا الكيان العظيم، وحفظ الله حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان آل سعود، وحفظ وطننا وجعله شامخاً عزيزاً. ** أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد- جامعة أم القرى