انتهى معرض جدة للكتاب، الحدث الذي توافق مع العديد من الفعاليات الثقافية العربية بالإضافة لمونديال كأس العالم ومع ذلك شهد إقبالاً كثيفاً طيلة أيامه. كنت أشد المتحمسين له خصوصاً أنى قمت بزيارة العديد من معارض الكتب في المدن العربية وكنت أنتظر أن يقام هذا المعرض بفارغ الصبر، لأنه في المرة التي عاد فيها توقف مرة أخرى بسبب كورونا ثم كان بعودته أن توافق مع إجازتي التي جعلتها في هذا الوقت بالذات لحضوره حيث أنني منذ سنوات لم أحضر معرضاً للكتاب. كنت أعلم ان هذ الانتظار يستحق، لكنني لم أتوقع أنه سيبهرني لدرجة كبيرة .. نعم كان الإعلان عنه بأنه أكبر حدث ثقافي يقام بمدينة جدة في محله، المكان والحدث الذي ربط فئات ثقافية متعددة في مكان واحد، رأيت هذا حين قمت بزيارته في المرة الأولى، بدءاً بمكان إقامته المثالي في السوبردوم، بعيداً عن ضوضاء المدينة وزحام الشوارع، وهذا بذاته يجعل كل من يذهب إليه يكرر زيارته أكثر من مرة لسهولة الوصول إليه. دخلت إليه مع معلومات مسبقة عن الفعاليات التي تقام فيه، ما بين أمسيات شعرية وثقافية وفنية بالإضافة إلى جانب الأنمي وجانب الطفل التي ترتبط وتنتهي بالكتب. في زيارتي الأولى تجولت في المكان قليلاً لاحظت تصميم المكان الهندسي الدائري وتيقنت حينها أني لن أتعب في البحث عن دار نشر أو مكان معين كما كنت أفعل في معارض الكتب السابقة التي حضرتها حيث كنت اتوه بين الأماكن والممرات. بالإضافة للمسارح المفتوحة والمغلقة التي أقيمت فيها الفعاليات وكانت المسافة بينها مثالية حتى لا تتداخل الأصوات فيما بينها وتسمح بإقامة أكبر عدد من اللقاءات والامسيات. أعجبت جداً بتنوع المقاهي في عدد من الأماكن التي كان توزيعها مثالياً أيضاً بحيث لا يكون هناك تكدس أو قطع مسافة لشراء كوب قهوة أشعر بصورة خاصة أنها رفيقة الوقت السعيد. لكن هناك ما جعلني أصنف أن هذا المعرض الأفضل هو تخصيص عدد من الأماكن الخاصة بالقراءة، نعم القارئ بحاجة لمثل هذه الأماكن في معارض الكتب. ليس للاستراحة فقط إنما لنيل قليلٍ من الوقت للقراءة في حدث يهتم بهذا الأمر. بالإضافة إلى مكان خاص لمونديال كأس العالم. في تجولي بمعرض جدة للكتاب تحدثت مع عددٍ من بائعي دور النشر الذين كانوا شديدي الاطلاع على معرفة ما يحتويه كل كتاب نُشر عن طريق تلك الدار، بحيث يمكنني مناقشته أو أخذ نصيحته لكتاب ما، بالإضافة لعودة العديد من دور النشر التي كانت غائبة لسنوات عن معارض الكتب السعودية، وهذا أمر بذاته يثقل كفة المعرض عن غيره. كان معرض جدة للكتاب متكاملاً، واجهة ثقافية رحبت بالجميع من كل مكان.