بدعوةٍ كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله -، وتعزيزاً للعلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تجمع المملكة العربية السعودية بجمهورية الصين الشعبية، يقوم فخامة الرئيس شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، اليوم الأربعاء ولمدة يومين ، بزيارةٍ رسمية إلى المملكة العربية السعودية. وتشهد الزيارة انعقاد قمة (سعودية – صينية) برئاسة خادم الحرمين الشريفين، وفخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية، ومشاركة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. وانطلاقاً من العلاقات المتميزة التي تربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدول العربية، مع جمهورية الصين الشعبية، سيتضمن برنامج الزيارة حضور فخامة رئيس الصين (قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية)، و(قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية)، وذلك بمشاركة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية، حيث سيتم خلال القمتين مناقشة سبل تعزيز العلاقات المشتركة في المجالات كافة، وبحث آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي. تؤكد الزيارة الرسمية لرئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ إلى المملكة ، حرص قيادتي البلدين على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون المشترك وصولا إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة واستثمار مكانتهما الاقتصادية الكبيرة في خدمة مصالحهما المشتركة، ودورهما السياسي الفاعل تجاه مختلف القضايا على كافة الأصعدة لدعم الاستقرار والتنمية. على مدى ثمانية عقود ، شهدت العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية تطوراً كبيرا ووثيقاً ، خاصة بعد عام 1990 ، باتفاق البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما ، وفي هذه المرحلة الحالية المهمة تكتسب العلاقات السعودية الصينية عمقا واتساعا وبوتيرة متسارعة ، نحو الشراكة والمزيد من التعاون والتفاهم المشترك بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الصديقين. فالعلاقات بين الرياضوبكين تتسم دائما بالتميز والاحترام المتبادل والإرادة المشتركة على ترسيخ التعاون والتنسيق ، وتنفيذ بنود الاتفاقيات التي تترجم المصالح المتبادلة ، ويجسد ذلك حرص المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين، على تنمية العلاقات الثنائية مع الجانب الصيني في سياق توجهها الإستراتيجي لتعزيز علاقاتها وشراكاتها الثنائية مع جميع الدول ، وفي إطار العلاقات المتوازنة بما يحقق أهداف المملكة، وتسهم في حماية وتعزيز مصالحها ، كما تقدر للصين مواقفها الداعمة للحقوق العربية. في المقابل حرص القيادة الصينية على تطوير علاقات التعاون والشراكة خاصة في مستهدفات رؤية المملكة 2030 ومبادرة الحزام والطريق ، ولطالما أكدت بكين وتؤكد احترامها لمكانة ودور المملكة موثوقيتها العالية في سياستها الحكيمة ومواقفها الداعمة لنمو الاقتصاد العالمي والاستقرار الإقليمي والدولي. انطلاقة قوية في عام 2016م، شهدت العلاقات السعودية الصينية انطلاقة قوية ، حيث استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شين جين بينغ، وعقد جلسة مباحثات مع فخامته في قصر اليمامة بالرياض، أكد خلالها -أيده الله- أن علاقات الصداقة بين المملكة والصين شهدت نمواً مطرداً على مدى أكثر من 25 عاماً مضت، ويسعيان معاً للاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم. ووُقعت خلال الزيارة 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي المملكة والصين، منها مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن 21، والتعاون في الطاقة الإنتاجية، وقعها من الجانب السعودي سمو ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. استثمار الموارد وتعززت العلاقات السعودية الصينية بشكل كبير عام 1437ه، إثر زيارة سمو ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، إلى جمهورية الصين الشعبية بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين ، واستجابة لدعوة الحكومة الصينية، حيث التقى سموه بالرئيس شين جين بينغ، ودولة نائب رئيس الوزراء الصيني تشانغ قاو لي، وعدداً من المسؤولين. واستعرضت اللقاءات الجهود التنسيقية المشتركة المبذولة لتعزيز التعاون بين المملكة والصين في مختلف المجالات بما يتلاءم مع رؤية البلدين في تعزيز مكانتهما الدولية واستثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين بما يحقق المصالح المشتركة. وتتولى اللجنة السعودية – الصينية المشتركة رفيعة المستوى، التي يرأسها من جانب المملكة ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ومن الجانب الصيني نائب رئيس مجلس الدولة هان تشنغ، الجهود الكبيرة والمستمرة من حكومتي البلدين لتعزيز أوجه التعاون الاقتصادي والاستثماري، ومنها التجارة والطاقة، والثقافة، والتقنية ، وشاركت المملكة، جمهورية الصين الشعبية، في رحلة نادرة لاستكشاف الجانب غير المرئي للقمر عن قرب، في إطار اهتمامها المتنامي في استكشاف الفضاء البعيد. ويأتي هذا التعاون بين الرياضوبكين، ترجمة لمذكرة التفاهم المبرمة بين البلدين خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الصين في 16 مارس 2017م. التجارة والاستثمار تتشارك المملكة والصين في عضوية عدد من المنظمات والتكتلات الاقتصادية الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، ومجموعة العشرين، كما شاركت المملكة كعضو مؤسس إلى جانب الصين في إنشاء "البنك الآسيوي لاستثمار البنية التحتية"، والذي يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين ترابط البنى التحتية في قارة آسيا وخارجها، من خلال الاستثمار في البنية التحتية الخضراء التي تعكس الاستدامة والابتكار. وتحتل الصين مركز الشريك التجاري الأول للمملكة لآخر 5 سنوات، إذ كانت الوجهة الأولى لصادرات المملكة ووارداتها الخارجية منذ العام 2018، حيث بلغ حجم التجارة البينية 309 مليارات ريال عام 2021، بزيادة قدرها 39% عن العام السابق له، كما بلغ إجمالي حجم الصادرات السعودية إلى الصين 192 مليار ريال، منها صادرات غير نفطية بقيمة 41 مليار ريال. بالنسبة للاستثمارات ، بلغت قيمة الاستثمارات السعودية في الصين 8.6 مليارات ريال وجاءت المملكة في المرتبة 12 في ترتيب الدول المستثمرة في الصين حتى نهاية العام 2019، في المقابل بلغت قيمة الاستثمارات الصينية في المملكة 29 مليار ريال بنهاية العام 2021. وتؤكد البيانات الاقتصادية قوة الشراكة الإستراتيجية ونمو التجارة والاستثمار مع الجانب الصيني، وتعد المملكة الشريك الإستراتيجي الأول الموثوق للصين في المنطقة، حيث استحوذت السعودية على أكثر من 20.3 % من استثمارات الصين في العالم العربي بين العامين 2005 و2020، البالغة 196.9 مليار دولار، إذ جاءت كأكبر الدول العربية استقبالاً للاستثمارات الصينية خلال تلك الفترة بنحو 39.9 مليار دولار. وتعزيزاً للعلاقات الاقتصادية بين البلدين؛ تم تأسيس صندوق (سعودي – صيني) لدعم الشركات التقنية الناشئة في المملكة برأس مال يقدّر ب 1.5 مليار ريال سعودي بشراكة بين (eWTp) الصينية المدعومة من قبل شركة (علي بابا) وصندوق الاستثمارات العامة، وبدعم من الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، بهدف الإسهام في دعم منظومة اقتصادية متينة للأعمال الرقمية في المملكة. مشاريع ضخمة خلال الفترة الأخيرة أبدت 15 شركة صينية مؤخراً رغبتها في الاستثمار في المملكة، والدخول في مشاريع التخصيص لعدد من القطاعات الحكومية، إضافة إلى مشاريع البنية التحتية، وبدأت شركات صينية في تنفيذ مشاريعها، وقد تم وضع حجر الأساس لمصنع لمصابيح الإضاءة (LED) في مدينة الجبيل بقيمة تتجاوز 3.3 مليارات ريال، وتدشين مشروع مصنع شركة (بان آسيا) الصينية في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، باستثمارات قدرها أربعة مليارات دولار. في السياق تستعد المملكة والصين لإطلاق مشروع شركة سابك فوجيان للبتروكيماويات المحدودة، وهو مشروع مشترك يشمل معمل تكسير ذو سعة عالية وينتج عدداً من المنتجات البتروكيماوية، وتقدر قيمة المشروع ب22.5 مليار ريال سعودي، وتبلغ حصة شركة سابك فيه 51%. وتساعد مبادرة "الحزام والطريق" في تحقيق أهداف "رؤية المملكة 2030″، من خلال التعاون الاستثماري بين البلدين في العديد من المشروعات الكبرى الطموحة التي أطلقتها المملكة، وتسهم في تنفيذها شركات صينية كبرى، وتعد شركة سينوبك سينشري برايت كابيتال العاملة في قطاع التصنيع، والبنك الصناعي الصيني (الأكبر في الصين والعالم من حيث حجم الأصول)، الذي يعمل في قطاع الخدمات المالية والتأمين، من أكبر المستثمرين الصينيين في المملكة. ويعد مجال الطاقة أحد أبرز مجالات التعاون ، حيث احتفظت المملكة بصدارة إمدادات النفط إلى الصين في العام 2021، إذ ارتفعت الواردات الصينية من المملكة بنسبة 3.1 %، مقارنة ب2020 وزادت حصتها إلى 17% من إجمالي الواردات، وذلك وفقاً لبيانات الجمارك الصينية. وتمثل شركة ينبع أرامكو سينوبك للتكرير (ياسرف) المحدودة، نموذجاً للشراكات الاستثمارية بين المملكة والصين، فهي مشروع مشترك بين شركتي أرامكو السعودية و(سينوبك) الصينية، وتمتلك الشركة مصفاة تحويلية متكاملة، لمعالجة 400 ألف برميل يومياً من الخام العربي الثقيل وتحويلها إلى منتجات يطلبها السوقان السعودي والعالمي. الثقافة والتعليم ولم تقتصر العلاقات بين البلدين على تلك المجالات فحسب، بل شهدت أفقاً أوسع، ولا سيما في التبادل الثقافي، الذي يشهد أيضا مرحلة متقدمة لتعزيز التعاون بين الشعبين الصديقين، خصوصاً بعد إعلان وزارة الثقافة في العام 2019 عن "جائزة الأمير محمد بن سلمان" للتعاون الثقافي بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية، مما يعكس حرص المملكة على تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية. كما أقيم معرض روائع آثار المملكة في بكين، وكذلك أقيم معرض الآثار الثقافية الصينية في الرياض، وافتُتح فرعٌ لمكتبة الملك عبدالعزيز في جامعة بكين. وفي إطار التعاون في مجال التعليم بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، بدأ تدريس اللغة الصينية في عدد من الجامعات والمدارس السعودية، كما يتم حالياً تدريس اللغة العربية في 44 جامعة صينية. ودعماً للسياحة في المملكة، وقعت وزارة السياحة مذكرة تفاهم مع الذراع التقني لمجموعة «علي بابا» العالمية لتوفير تجارب سياحية ملهمة وسلسة لزوار المملكة من الصين، والترويج للسعودية كوجهة سياحية في السوق الصيني ، وتعزيز التلاقي والتواصل بين النموذجين الحضاريين العريقين للمملكة والصين.