ترتبط المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية بعلاقات وثيقة ومتميزة، وتسير بوتيرة متسارعة ومتطورة نحو المزيد من التعاون والتفاهم المشترك بينهما في مختلف المجالات بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الصديقين. وتمتد العلاقات الوطيدة بين البلدين إلى جذورها التاريخية منذ 77 عامًا، وشملت مختلف أوجه التعاون والتطور، في شكل علاقات تجارية بسيطة واستقبال الحجاج الصينيين وصولًا إلى شكلها الرسمي عام 1990م بعد اتفاق البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما وتبادل السفراء وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية والاقتصادية والشبابية وغيرها. وشهدت العلاقات السعودية الصينية تميزًا كبيرًا انعكس إيجابًا على تعزيز التعاون بين البلدين، واتسمت بالتماشي مع التطور الذي يشهده العالم من حيث تنفيذ بنود الاتفاقيات التي تقوم عليها العلاقات أو تطويرها لتتواءم مع متغيرات العصر. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – قد زار الصين عام 1999م حينما كان أميرًا لمنطقة الرياض، وفي عام 2014م عندما كان وليًا للعهد، والثالثة في مارس 2017 م حيث استقبله فخامة الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، وذلك في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة الصينيةبكين. وأكد – أيده الله – في كلمة له خلال زيارته للصين عام 2017م اعتزازه بمستوى العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية الصديقة، مشيرًا إلى ما تمر به المملكة والصين من تحولات اقتصادية مهمة أتاحت فرصًا كبيرةً لتعزيز الروابط الوثيقة بينهما، مشيدًا بما تقوم به اللجنة المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين من جهود لتعزيز العلاقات وتطويرها. وقال – حفظه الله – " نأمل أن يسهم التعاون الاستراتيجي بين المملكة والصين في تعزيز الجهود الدولية لمكافحة التطرف والإرهاب بوصفهما خطرًا عالميًا، وفي تحقيق الأمن والسلم الدوليين"، متطلعًا إلى أن تنقل المباحثات العلاقات بين البلدين إلى مجالات وآفاق أرحب وبخاصة في المجالات الاقتصادية. ووقع خلال الزيارة العديد من مذكرات التفاهم في الاستثمار والتعاون في علوم وتقنية الفضاء، وبرنامج التعاون الفني في المجال التجاري، ومذكرة التفاهم بشأن إسهام الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشروع إنشاء مبان جامعية في إقليم سانشي. وعقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – مع فخامة الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية جلسة مباحثات، جرى خلالها التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والتعاون وبرامج بين حكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية وهي: توقيع مذكرة تفاهم للإطار العام لفرص الاستثمار الصناعي والبنى التحتية، ومذكرة تفاهم بشأن تمويل وإنشاء محطات الحاويات والبنى التحتية لمركز الخدمات اللوجستية المتعددة بمدينة ينبع الصناعية، واتفاقية تعاون استراتيجي للاستثمار في مشروعات متعددة، ومذكرة تفاهم للتعاون بشأن مشاركة المملكة في رحلة الصين لاستكشاف القمر (تشانق إي 4)، واتفاقية شراكة لتصنيع الطائرات بدون طيار، ومذكرة تفاهم بشأن قائمة مشروعات التعاون في الطاقة الإنتاجية. كما جرى على هامش منتدى الاستثمار السعودي الصيني توقيع 21 اتفاقية استثمارية بين القطاع الخاص في البلدين في مجالات الاستثمار والطاقة والبتروكيماويات والمقاولات وتقنية الاتصالات. وفي مجالات استكشاف التعاون الاستراتيجي وفرص الاستثمار في مجال التكرير والتسويق والبتروكيماويات وقعت شركة "أرامكو" السعودية مع شركة "نورنكو"(NORINCO) اتفاقية، وفي مجال استكشاف فرص الاستثمار في المملكة في مجالات الهندسة والتصاميم وتصنيع الأنابيب ومجالات الأبحاث والتطوير وقعت "أرامكو" اتفاقية أخرى مع شركة "ايورسون"(AEROSUN). كما وقعت اتفاقية بين الهيئة الملكية للجبيل وينبع وشركة "بان-آسيا" (PAN-ASIA) لتخصيص موقع لمعمل جازان البتروكيماوي بحجم استثمار يقدر ب 2 مليار دولار، كذلك وقعت الهيئة اتفاقيتين مع شركة "هواوي" الصينية لإنشاء مركز الابتكارات لخدمات المدن الذكية، وإنشاء مركز هواوي للتدريب بمدينة ينبع الصناعية. ووقعت شركات سعودية اتفاقيات مع شركات صينية في مجالات البناء بتقنية 3D، وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة المتجددة، الهندسة الآلية، وغيرها من المجالات. كما افتتح خادم الحرمين الشريفين مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في جامعة بكين وتسلم الدكتوراه الفخرية من الجامعة. وكان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس وفد المملكة المشارك في قمة قادة دول مجموعة العشرين، في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، في نوفمبر 2018، قد التقى فخامة الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، وذلك على هامش انعقاد القمة. واستعرض اللقاء أوجه الشراكة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في مختلف المجالات، وسبل تطويرها، خاصة المواءمة بين رؤية المملكة 2030 واستراتيجية الصين للحزام والطريق، وكذلك إمدادات الطاقة من المملكة للصين، والاستثمارات المتبادلة بين البلدين. وفي شهر يناير عام 2016م، زار فخامة الرئيس شين جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، المملكة العربية السعودية، وعقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – جلسة مباحثات مع فخامته في قصر اليمامة بالرياض، أكد خلالها الملك المفدى أن علاقات الصداقة بين المملكة والصين شهدت نموًا مطردًا على مدى أكثر من 25 عامًا مضت، ويسعيان معًا للاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم. من جهته أكد الرئيس الصيني تعزيز الشراكة بين البلدين، ومواصلة تطوير علاقات الصداقة المشتركة مع المملكة، منوهًا بالإجراءات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لتحفيز التنمية في المملكة منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد. ووُقع خلال الزيارة 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي المملكة والصين، منها مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن 21 والتعاون في الطاقة الإنتاجية، وقعها من الجانب السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. التبادل التجاري بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2017م (174,325) مليون ريال، منها (76,971) مليون ريال واردات من الصين و(97,354) مليون ريال صادرات سعودية للصين ويميل الميزان التجاري لصالح الصين بشكل طفيف. وتحتل الصين المرتبة الأولى من بين أكبر (10) دول مستوردة من المملكة، وتمثل نسبة ما تستورده الصين من المملكة (12.1%) من إجمالي صادرات المملكة لدول العالم. وفي ظل وجود حراك اقتصادي مميز بين البلدين، عملت المملكة في الآونة الأخيرة على عدة إصلاحات في بيئتها الاستثمارية، تماشيًا مع رؤية المملكة 2030، حيث أسهمت تلك التسهيلات التي تقدمها الهيئة العامة للاستثمار للمستثمرين الأجانب في جذب الطريق وإفساحه أمام دخول المزيد من الاستثمارات إلى المملكة. وقد قام فخامة الرئيس شين جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية العام الماضي بزيارة للمملكة عقد خلالها مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – جلسة مباحثات رسمية قبل أن يدشنا مشروع شركة ينبع أرامكو ساينبوك للتكرير (ياسرف) الذي يمثل صرحًا جديدًا للشراكة بين المملكة والصين. وفي مجال التعاون والاتفاقيات التي تمت بين البلدين، تبرز العلاقات السياسية بين المملكة والصين راسخة في التاريخ السياسي بين البلدين. كما وقعت الشركات الصينية " 100 " عقد مع عدد من الجهات الحكومية لتنفيذ مجموعة من المشروعات التنموية بلغ إجمالي تكاليفها حوالي " 44 " مليار ريال منها على سبيل المثال إنشاء سكك حديدية وتطوير بعض الموانئ ومشاريع مباني لبعض الجامعات وغيرها. وفي شهر ذي القعدة 1437 ه تعززت العلاقات السعودية الصينية بشكل كبير حيث قام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بزيارة إلى جمهورية الصين الشعبية بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود واستجابة لدعوة الحكومة الصينية، حيث التقى سموه فخامة الرئيس شين جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، ودولة نائب رئيس الوزراء الصيني تشانغ قاو لي، وعدد من المسؤولين. واستعرضت اللقاءات الجهود التنسيقية المشتركة المبذولة لتعزيز التعاون بين المملكة والصين في مختلف المجالات بما يتلاءم مع رؤية البلدين في تعزيز مكانتهما الدولية واستثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين بما يحقق المصالح المشتركة. كما رأس سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ونائب رئيس الوزراء الصيني خلال الزيارة الاجتماع الأول للجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى، حيث وقعا على اتفاقية إنشاء لجنة مشتركة سعودية صينية رفيعة المستوى ومحضر أعمال الدورة الأولى للجنة، كما شهدا توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين. كما التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، خلال الزيارة مع مجموعة من مسؤولي أهم الشركات الصينية، واستعرض سموه معهم خلال فرص الاستثمار في المملكة، ومجالات الشراكة وفق رؤية المملكة 2030, ومشروعات الشركات القائمة والمستقبلية في المملكة. وفي إنجاز علمي جديد وفريد من نوعه على مستوى المنطقة والعالم الإسلامي، شاركت المملكة العربية السعودية، جمهورية الصين الشعبية، في رحلة نادرة لاستكشاف الجانب غير المرئي للقمر عن قرب، في إطار اهتمامها المتنامي في استكشاف الفضاء البعيد. ويأتي هذا التعاون بين الرياضوبكين، ترجمة لمذكرة التفاهم المبرمة بين البلدين خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله- إلى الصين في 16 مارس 2017م، والتي أسست للتعاون مع وكالة الفضاء الصينية لاستكشاف القمر. واختتم مركز البحوث والتواصل المعرفي، مؤتمر (تعميق التعاون بين المملكة العربية السعودية والصين.. مبادرة رؤية 2030 والحزام والطريق)، الذي أقامه المركز في مدينة قوانزو بالتعاون مع معهد قواندونق للدراسات الاستراتيجية الدولية – التابع لجامعة قواندونق للدراسات الأجنبية-، وشارك فيه العديد من الباحثين السعوديين والصينيين، استهدف من خلاله تطوير سبل التعاون، ومناقشة آفاق العمل المشترك بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، مرتكزًا على برنامج رؤية المملكة 2030، وعلى برنامج الحزام وطريق الحرير.