بداية شهر أكتوبر الحالي بدأت موسم هجرة الطيور المغادرة شمال الكرة الأرضية هرباً من موسم الشتاء القارس الذي أصبح على الأبواب، متجهة إلى المناطق الاستوائية المعتدلة الحرارة، عابرة آلاف الكيلومترات في هجرة سنوية ذهاباً وإياباً، هذه الهجرة ينتظرها عشاق الصيد والمقناص بفارق الصبر ويعتبرونها موسم العمر السنوي، خاصة الصقارة الذين يصيدون الصقور، فهذه الهواية لا يوجد فيها خاسر فإما تكون طرحت صقراً أو قضيت وقتاً ممتعاً كإجازة سنوية تستحقها. هذه الهواية أصبحت اليوم رمزاً للفخر والعزة عطفاً على قيمة الصقر خاصة عند العرب فهو رمز للقوة والرجولة والفخر لذلك تجد كثيراً من الآباء يسمون أبناءهم "صقر" ومن يقوم بفعل جيد يُقال له صقر، والصقر مرتبط ارتباطا وثيقا بثقافتنا العربية الأصيلة ، ويندر وجود مجلس يخلو من حكاوي الصقارة والصقور خاصة في هذه الأيام التي تمتد على مدى شهرين ، والجميل أن هذه الهواية أصبحت تستهوي الشباب مستفيدين من تجارب الآباء والأجداد ، والأجمل أن حكومتنا الرشيدة اهتمت بهذه الهواية وأنشأت من أجلها مقراً للصقور "نادي الصقور السعودي بملهم" وأقامت مهرجانات للصقور ومزادات وصلت مبيعاتها لملايين الريالات، تُجلب لها الصقور التي طرحت في جميع مناطق المملكة . ويعرف أصحاب هذه الهواية التي أعتقد أن وصلت للمهنة، جميع مناطق عبور الطيور ويعرفون كذلك المناطق الأفضل والتي من أشهرها على ساحل البحر الأحمر منطقة "الشعلان" التي تقع شمال محافظة أملج وهي معروفة لدى جميع الصقارة على مستوى الوطن العربي ويقصدها الكثير خاصة من دول الخليج العربي بالإضافة لسكان مناطق المملكة، وتشتهر بالصقور النادرة الغالية الثمن، ويملك "الشعلان" سجلا تاريخيا مرصعا بالحرار والشياهين التي تم صيدها "طرحها" بالمنطقة وفي كل موسم تجده مقصداً للجميع . هواية المقناص وصيد الصقور أصبحت اليوم في محافظة أملج وجهة للكثير من أبناء المحافظة ، وهي جزء رئيس من ثقافتنا المحلية التي تصب في تنوع ثقافة مملكتنا الغالية ، ويعتبر عوده محمد الفايدي الجهني أول من امتهن صيد الصقور وطرحها بواسطة "الشبكة الأرضية" مرتحلاً الأبل ومشياً على الأقدام قبل 90 عاماً لذلك نستطيع أن نطلق عليه عراب "المقناص" في أملج ، اليوم نجد أحفاده يهتمون بهذه الهواية العربية الأصيلة ومنهم عبدالهادي عواد عوده الفايدي رئيس مركز الشعلان للصقور الذي أصبح اليوم رمزاً للصقور بالمحافظة والمملكة وأستطاع أن يحول هذا المركز وبجهد فردي إلى وجهة سياحية يقصدها الجميع ، وللحديث بقية إن شاء الله.