كنت أقرأ في بعض كتب تطوير الذات، وأنظر للحياة الواقعية فأشعر أن هناك من يركب سفينة الخيال يقودها وهو يعتقد أنه "سوبرمان" لكنه يتفاجأ بأمواج الحياة التي تفقده السيطرة. قاضٍ أمريكي "جون روبرتس " ألقى خطابًا في يوم حفل تخرج ابنه قاضيا بعنوان "أتمنى لك حظًا تعيسًا" وقال فيه: سامحني إن قلت لك إني أتمنى لك بعضاً من الظلم حتى تعرف قيمة العدالة، وآمل أن تتعرض للخيانة لتوقن أهمية الولاء وأن تشعر بالوحدة من وقت لآخر حتى لا تعتقد بأن الأصدقاء سيكونون حولك بشكل دائم. وأردف قائلاً: أتمنى لك حظاً تعيساً لتدرك دور التوفيق في الحياة، ولتفهم أن نجاحك ليس مستحقاً تماماً، وأن فشل الآخرين لا يستحقونه بالكامل، وعندما تخسر في كل مرة آمل أن يشمت خصمك بفشلك لكي تعي أهمية المنافسة الشريفة، وكما أود أن تعاني أكثر في هذه الحياة، وتشعر بالألم حتى تعلم أهمية العطف والرحمة. إن الله خلق الحياة وجعل لها نظاما ثابتا فيه الخير والشر، والألم والسعادة ، والعسر واليسر ، والضيق والفرج ،والحزن والبهجة ، فمن حاول أن يجعلها على مزاجه سوف تحطم أوهامه الحالمة على أعتاب متاعبها ، لا مفر للناجين من التقبل فهو سر النجاة ، والوقوف بعد السقوط هو سر البقاء. يقول الامير خالد الفيصل في أبيات شعرية له: إلى صفالك زمانك علِّ ياظامي """ إشرب قبل لايحوس الطَّين صافيها الوقت لو زان لك ياصاح مادامِ """ ياسرع ما تعترض دربك بلاويها فاصلة : تذكّروا كلنا نتعلم من اللحظات المؤلمة، بل تجعلنا أكثر نضجا وإدراكًا ، فالأنبياء لم يكلفوا بالرسالة العظيمة إلا بعد كثير من المصاعب والألم، إنها حقيقة الحياة المتقلبة في أحوالها وأزمانها لكن (إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا).