أحدثت الثورة الصناعية تغيير غير مسبق في حياتنا، ومنذ ذلك الحين أصبحت التكنولوجيا على رأس كل هذه التغييرات، و بمجرد ظهور التكنولوجيا مع الإنترنت أصبح التطور يتسارع بشكل ملحوظ، ومازال العالم يحاول مواكبة هذا التغيير. و لحاجتنا للتواصل ولدت وسائل التواصل الاجتماعي التي غيرت عالمنا وأحدثت اختلاف كبير في حياتنا الشخصية والعملية على حد سواء، حتى امتد تأثيرها إلى السياسة، فإذا نظرنا إلى تويتر على سبيل المثال، نرى تأثيره الكبير على المشهد السياسي وخصوصاً الجانب الإعلامي والدبلوماسي. فتغيرت قواعد اللعبه الى الأبد. هكذا وصف تركي الدخيل، سفير السعودية في الإمارات، قواعد اللعبه فتحطمت القوانين المعتاده، حيث انتهت طريقة رد الدبلوماسيين والسياسيين التقليدية على الأحداث العالمية الهامة. وصنعت وسائل التواصل الاجتماعي طريقة جديدة لم نعهدها من قبل، فتحولت الخطابات إلى تغريدات وأصبح الأهم هو سرعة الرد، وصار الإيجاز قمة البلاغة، فأصبح التعبير عن المشاعر والرأي السديد بأقل الكلمات فن و فصاحه. و تحديات اليوم هي سرعة الاستجابة ، فيستوجب على أي شخصية هامة الرد السريع فور وقوع الحدث. فالتغريدة لا تستغرق إلا بضع ثوان ولذلك التأخير لا يغتفر، والصمت ولو حتى مجرد يوم واحد يتم رؤيته كموقف سلبي تجاه قضية لا تقبل التراخي. التحدي الثاني هو العولمة، فالتغريدات متاحة أمام العالم كله، حتى أن تويتر يوفر إمكانية الترجمة. ففي خلال ثوان تستطيع عرض وجهة نظرك أمام العالم كله، ورغم أن ذلك يعتبر امتياز، إلا أنه تحدي صعب من ناحية اجتياز الحواجز اللغوية والثقافية والتعبير عن الرأي دون تجريح غير مقصود تجاه أي فئة حول العالم. أخيرًا، التحدي الرئيسي هو البلاغة ، فلديك 280 حرفا فقط لتجد الكلمات المناسبة للتعبير عن رأيك بإيجاز حتى لا يساء فهمك، وبالرغم من سهولة الرد وتوضيح أي سوء تفاهم، إلا أنه من الصعب إقناع الجميع بصدق نواياك أو حتى بتوصيل هذا الرد لكل من قرأ التغريدة. أصبحت هذه التحديات ضرورية و إلزامية، حيث يأخذ العالم الدبلوماسية الرقمية جزء لا يتجزأ من سياسة الشؤون الخارجية الخاصة بهم. فنجد بلاد مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا خصصوا فرق وأقسام فقط من أجل الاستراتيجية الرقمية الخاصة بشئونهم الخارجية، وحتى هنا في المملكة العربية السعودية نرى جهود كبيرة في تطوير الدبلوماسية الرقمية. تبدأ الدبلوماسية الرقمية على مستوى وزارة الخارجية، و تتفرع بعدها إلى السفارات حول العالم، فهي أداة فعالة يمكن للدول من خلالها الاهتمام بشؤونهم الخارجية ، و وسيلة تواصل سريعة لتحسين العلاقات الخارجية، والمحافظة على صورتهم الإيجابية أمام العالم، فهي قناة اتصال لتحسين علاقاتهم الدولية. فيمكن لتغريدة واحدة من شخصية مرموقة بالدولة أن تحظى بقدرة أفضل على الاستجابة و تكون أقوى من الكلام المكلف في الخطابات العامة . يمكن اعتبار الدبلوماسية الرقمية للبلاد مثل التسويق الالكتروني للشركات، فهدفهم التقارب مع الجمهور وبناء العلاقات و العلامات التجارية، و في هذا العصر لا يمكن لأي بلد أن يعيش بدونه.