ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر موعد الاستحقاق السياسي القادم المتمثل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون الموالي لحزب الله، الذي أوصل البلاد إلى أسوأ المراحل، وأفقر الشعب بتبديده الأموال في مشاريع تدميرية يستهدف بها المنطقة عبر المليشيات الموزعة بعدة دول، ويريد اللبنانيون التخلص من هذا الكابوس الذي جثم على صدورهم لسنوات طويلة، دون أن يكون هناك مخرج للتخلص من إجرامه، ويرون أن الوقت حان لإبعاد الحزب الإجرامي في أعقاب الضربة القاضية له في مجلس النواب خلال الانتخابات الماضية وتجريده من الأغلبية. ويرى الكاتب والباحث السياسي اللبناني هشام عليوان، أن أوساطا سياسية مطلعة تذهب إلى أن أي رئيس جديد للبنان لا بد أن يكون متوافقا عليه لإنقاذ لبنان، وليس لإدارة الأزمة حيث لم يعد لبنان يحتمل تأخير الحلول، ولم يعد قادرا على معاناة المغامرات السياسية. وقال ل"البلاد": "تنتهي ولاية عون أواخر أكتوبر المقبل وبدلاً من انتهاء أزمة رافقت عهده المتعثر، فإن المتوقع هو تفاقم الأزمة الوطنية، إلى حين الاتفاق على رئيس جديد ففي خضمّ أزمة اقتصادية طاحنة، كان العهد الحالي من أسباب اندلاعها، بسبب السياسات الجزئية التي اتبعها قبل ست سنوات، بدلاً من اتباع نهج إصلاحي جذري، وبسبب الانحياز إلى إيران وحزبها في لبنان، فإن لبنان على موعد قريب مع أزمة دستورية، مع عدم الاتفاق حتى الآن على خَلَف للرئيس الحالي، تقبل به كل الأطراف السياسية الداخلية، ويكون ذو علاقات جيدة بدول المنطقة". وأكد عليوان، أن ولاية الرئيس ميشال عون، كانت علامة واضحة على تغلب حزب الله على معسكر 14 آذار، على الرغم من التسوية الشهيرة التي عقدها رئيس تيار المستقبل مع عون قبل انتخابه رئيساً، ما قضى على الاقتصاد اللبناني الهشّ. وأضاف: ""كان الهدف المعلن من التسوية المذكورة وانتخاب عون، هو إبعاد الأخير عن حزب الله، لكن الكذبة كانت قصيرة للغاية، وتبين بوضوح، أن رئيس تيار المستقبل عاد إلى رئاسة الحكومة عبر حزب الله وموافقته، وما يزال يحظى بدعمه حتى اللحظة، رغم إعلانه الابتعاد عن السياسة"، مؤكدا أن اللبنانيين يتطلعون إلى نهاية عهد عون، بوصفه النافذة المرتقبة للفرج والنهوض، مضيفا: "لكن من هو الرئيس المقبل؟ هذا البحث جارٍ على قدم وساق، والمطلوب العثور عليه قبل نهاية العهد، وإلا مضت البلاد من دون سلطة تنفيذية، أي لا رئيس، ولا حكومة إلا حكومة تصريف أعمال، وبرلمان لا يمكنه الحلول مكان السلطة التنفيذية، وقطاع عام في إضراب مفتوح منذ أسابيع، بسبب قدرة الموظفين على ممارسة أعمالهم بل الوصول إلى مقارّ العمل، قبل تصحيح الرواتب التي فقدت قيمتها، (الحدّ الأدنى الرسمي بات يساوي دولارين ونيّف)". واعتبر عليوان أن معايير اختيار الرئيس الجديد اختلفت عما كانت عليه قبل ست سنوات، فبينما كان المسيحيون يبحثون عن الرئيس الماروني القوي القادر على إضعاف رئيس الحكومة واستضعافه، فكانت النتائج كارثية، أصبح الاهتمام بحيث البطريرك الماروني بشارة الراعي، بانتخاب رئيس قادر على التواصل مع كل الجهات والأطراف، في عودة صريحة إلى ما نص عليه اتفاق الطائف لعام 1989، أي أن يكون رئيس الجمهورية حَكَماً لا حاكماً بأمره، كما حاول عون، منوها إلى أن حزب الله لم يعد قادرا مع حلفائه على انتخاب رئيس من معسكره، بسبب تراجع كتل حلفائه في البرلمان، بعد انتخابات مايو الماضي كما يحتاج الرئيس إلى ثلثي النواب، كي يفوز من الدورة الأولى، ولا تتوافر أكثرية مطلقة لأحد أي النصف زائد واحد. ومضى عليوان قائلا:" إذا كان زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل صهر الرئيس الحالي، هو المرشّح المفضّل عند حزب الله، فإن إمكانية وصوله تضاءلت جداً أما سليمان فرنجية الحليف الآخر للحزب، فلا يتمتع بشعبية مسيحية واسعة يمكن أن تشكّل غطاء مسيحياً بديلاً عن التيار العوني، ولكنه أفضل الموجودون لدى الحزب، ويمكن أن يحصل على أصوات الحزب التقدمي الاشتراكي وفلول تيار المستقبل، فتميل الكفة قليلاً لكن فرنجية، بينما يؤيد قائد القوات اللبنانية سمير جعجع انتخاب قائد الجيش جوزف عون، لكن الأمر يحتاج إلى تجاوز العوائق الدستورية المتمثلة في استقالته من منصبه قبل أشهر من موعد الانتخاب، وعدم انتمائه لحزب الله.