في الوقت الذي تتخلى فيه العديد من الدول عن الولاياتالمتحدة في العراق بسحب قواتها المنتشرة هناك أو بتخفيض أعدادها، تنفرد جورجيا بكونها الدولة الوحيدة التي تضاعف من قواتها العاملة في بلاد الرافدين لتصبح ثالث أكبر بعثة عسكرية بعد الولاياتالمتحدة وبريطانيا مهندسي غزو العراق عام .2003 وكان لجورجيا في البداية 850 جنديا في العراق ارتفع عددهم في الوقت الحالي إلى 2000، وهو ما يعتبره مراقبون مسعى لإرضاء واشنطن التي تدعم مطلب حكومة تبليسي ( عاصمة جورجيا ) في الانضمام لعضوية حلف شمال الأطلنطي " ناتو " ، والحصول على حماية أمريكية من روسيا بعد تأزم العلاقة بين البلدين بشدة في الآونة الأخيرة .ووصفت صحيفة " نيويورك تايمز " الأمريكية جورجيا بأنها " حليف غير متوقع " عثرت عليه الولاياتالمتحدة .واصفة العلاقة بينهما بأنها قائمة على المصالح التبادلية، حيث تسعى واشنطن إلى إيجاد حلفاء جدد لها، فيما تسعى تبليسي في المقابل إلى نيل عضوية " الناتو " .وعنذلك يقول بتلقائية الجندي الجورجي بالعراق جورجي زيدجايدز : " كجنود هنا، مهمتنا أن نساعد الجنود الأمريكيين، وبعد ذلك ستقوم الولاياتالمتحدة كدولة بمساعدة بلادنا " . الدب يستيقظ ومتفقين مع زيدجايدز، ربط نحو 10 جنود جورجيين، في مقابلات مع " نيويورك تايمز " ، بشكل مباشر بين مشاركتهم في العراق، وبين مسعى بلادهم للانضمام إلى حلف " الناتو " في الوقت الذي ينتعش فيه الطموح الروسي للعب دور مؤثر على المستوى الدولي مجددا .وقالالرقيب كوبا أوشخيري وهو يحرس بوابة إحدى القواعد العسكرية " الدب كان نائما ..والآن استيقظ ويشحذ أظفاره " ، وذلك في إشارة إلى روسيا الشهيرة عالميا بلقب " الدب الروسي " .واتهمت جورجيا، المنفصلة عن الاتحاد السوفيتي السابق، روسيا هذا العام مرتين باستهداف أراضيها بصواريخ من طائرات اخترقت مجالها الجوي، وهو الأمر الذي نفته موسكو بشدة .ورغمهذا الربط من قبل الجنود الجورجيين والمحللين السياسيين، وكذلك الدعم الأمريكي الصريح لمطلب جورجيا بالانضمام إلى الناتو، لم تشر أي من الدولتين إلى هذه الصفقة بشكل رسمي .واستبعدالمسئولون في جورجيا أن تكون عضوية الناتو سببا في إرسال القوات الجورجية إلى العراق، مشيرين إلى أن إرسال الجنود وزيادة عددهم لاحقا يعكس التزام تبليسي بالعمل على استعادة الأمن في العراق .وقالالرئيس الجورجي ميخائيل سآكاشفيلي في مارس الماضي : " يجب أن نري الجميع أننا لا نخطو للوراء ولا نهرب من المواقف الصعبة " . انتقادات داخلية وعلى الصعيد الداخلي انتقدت أحزاب المعارضة موقف الرئيس سآكاشفيلي بنشر قوات بلاده في العراق من أجل خطب ود وتأييد الولاياتالمتحدة فضلا عن تدريب الجيش الأمريكي في المقابل للجيش الجورجي على مواجهة أعمال التمرد .واعتبرت المعارضة أن التدريبات الأمريكية للجيش الجورجي بمثابة مؤشر على أن الرئيس يعتزم استخدام قوة الجيش لاستعادة السيطرة على إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الخاضعين لسيطرة المتمردين المدعومين من قبل روسيا .وفيحال انضمام جورجيا إلى الناتو، فإنها بلا شك ستحظى بدعم الحلف ومشاركته في حسم هذا الصراع .وتنتشر القوات الجورجية ابتداء من المنطقة الخضراء الآمنة في بغداد إلى الحدود العراقية مع إيران، وتتركز مهامها على مساعدة نظيرتها الأمريكية في التصدي لما تقول عنه واشنطن " عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود العراقية الإيرانية " ، والتي تمثل صداعا مزمنا في رأس الإدارة الأمريكية . مخاوف إيرانية وتتركز غالبية هذه القوات بمحافظة " واسط " وسط العراق التي يمثل الشيعة غالبية سكانها والمقسمة بين مسلحي " فيلق بدر " التابع للمجلس الأعلى الإسلامي بقيادة عبد العزيز الحكيم، ومسلحي " جيش المهدي " التابع للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر . وأثار انتشار القوات الجورجية قرب الحدود العراقية - الإيرانية مخاوف إيران من أن تستخدم الولاياتالمتحدة هذه القوات في أي حرب محتملة ضدها بسبب البرنامج النووي الإيراني المتنازع عليه . يذكر أن رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون سبق ان أعلن الإثنين أنه سيخفض عدد قوات بلاده في العراق إلى 2500 جندي فقط بحلول الربيع المقبل، فيما يبلغ عدد القوات الأمريكية في العراق حاليا نحو 165 ألف جندي .