"مؤشرات اقتصادية ضعيفة.. فقر مدقع.. مشكلات سياسية واقتصادية" هذه هي عادة ملامح الصورة التي ترسمها التقارير الدولية عن الدول النامية في العالم، وعلى الطرف الآخر تأتي الصورة عن الدول المتقدمة مشرقة معظم الأحيان، سياق يبدو طبيعيًّا في ظل هيمنة اقتصادية وسياسية للعالم المتحضر على باقي دول العالم.. سواء الصاعدة أو النامية، إلا أنه من الواضح أن هذا الوضع لن يستمر إلى الأبد. فعلى عكس السياق السائد جاء آخر تقرير لصندوق النقد الدولي عن مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي والذي صدر تحت عنوان "العولمة وعدم المساواة" ليخبرنا أن الدول الصاعدة سوف تحقق معدلات نمو اقتصادي أعلى من تلك التي ستحققها الدول المتقدمة والولاياتالمتحدة، وهي مفارقة نادرا ما تحدث في الاقتصاد الدولي. وأبرز معالم تك المفارقة هو ما جاء بالتقرير عن النمو الذي تشهده وتتوقعه دول إفريقيا جنوب الصحراء، فقد حققت تلك الدول -بناءً على تقديرات صندوق النقد الدولي- في السنوات الأخيرة أقوى معدلات النمو وأدنى معدلات التضخم المسجلة منذ ثلاثين عاما، ومن المتوقع أن يصل معدل النمو في إفريقيا جنوب الصحراء إلى 6% في نهاية عام 2007 و6.75% في عام 2008، وكلاهما أعلى من المستوى المسجل في عام 2006 والذي بلغ نحو 5,5% تقريبا. وتشهد دول جنوب الصحراء بإفريقيا -بناء على التقرير- أفضل فترة من النمو المستقر منذ استقلالها مما يعتبر إنجازا تاريخيا لها. فخلال عقد من 1996 نما الاقتصاد القومي بحوالي 2.2% سنويا؛ بحيث حقق متوسط نمو خلال تلك الفترة حوالي 5%. ويعني هذا أنه بعد عقدين من الانخفاض المستمر في الدخل الحقيقي للفرد قد ارتفع بمعدل 2% سنويا. ويؤكد التقرير أن الاقتصاد الصيني يحقق زخما إضافيا، حيث بلغ معدل نموه 11.5%، كما استمر النمو بمعدلات بالغة القوة في الهند وروسيا. وقد أسهمت هذه البلدان الثلاثة وحدها بنصف النمو العالمي على مدار العام الماضي. كما انخفضت التوقعات للنمو العالمي في عام 2008 بنحو نصف نقطة مئوية مقارنة بالتوقعات الواردة في عدد يوليو 2007 من تقرير "مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي". أما في الاقتصادات المتقدمة، فقد تباطأ النمو في منطقة اليورو واليابان في الربع الثاني من عام 2007 بعد ربعي عام من الزيادة الملحوظة. وفي الولاياتالمتحدة، بلغ متوسط النمو 2.25% في النصف الأول من عام 2007 تحت تأثير الانخفاض الكبير الذي ترتب على هبوط النشاط في السوق العقاري. ولاء حنفي