بعد انقطاع دام عامين، عادت مهنة الطوافة لممارسة أعمالها بحماس وشغف وشوق، مع استعدادات كبيرة لاستقبال حجاج بيت الله الحرام، في ظل تحول مؤسسات الطوافة إلى شركات، ليصبح عملها أكثر تنظيما من ذي قبل، لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن منذ وصلوهم إلى مكةالمكرمة حتى لحظة مغادرتهم إلى بلدانهم عقب أداء المناسك. "البلاد" التقت بمجموعة من المطوفين، الذين تحدثوا عن استعداداتهم للعمل في موسم حج هذا العام، والخدمات التي سيقدمونها للحجاج بعد أن غابوا قسريا في العامين الماضيين بسبب فيروس كورونا المستجد، منوهين إلى أبرز الآليات التي سيعتمدونها خلال استقبال ضيوف الرحمن، مؤكدين في الوقت ذاته استخدام التقنية الحديثة لخدمة حجاج بيت الله الحرام للتسهيل عليهم في كل مراحل الحج، وتوفير جميع احتياجاتهم. يقول أحمد صالح حلبي، المتخصص في خدمات الحج والعمرة: بعد غياب عامين لحجاج الخارج عادت مكةالمكرمة مجددا ترتدي حلتها الموسمية معلنة بدء توافد حجاج بيت الله الحرام صوبها لأداء فريضة الحج، وبعد ذاك الغياب الإجباري عمل الجميع على دراسة تقارير أدائهم والتعرف على الإيجابيات المحققة، والملاحظات المسجلة، ومن بين من عكفوا على ذلك العاملون في مجال خدمات الحجاج بمؤسسات الطوافة سابقا -شركات الطوافة حاليا- فقد عمل مسؤولو شركات الطوافة أولا على دارسة الأنظمة والإجراءات، والتعرف على الخدمات التي كانت تقدمها مؤسسات الطوافة السابقة، وسعوا لدراستها وتطويرها والخروج بنظم وخدمات مستحدثة، وإن شهد موسم حج هذا العام تطوير العديد من آليات العمل، إضافة لإطلاق 3 تطبيقات إلكترونية جديدة لخدمات الحج الذكي لتسهيل الأمور المتعلقة بالحج، وإدخال تطبيق (المطوف) للتطويف المركزي، الذي يعد أحد برامج الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف تحت إشراف وزارة الحج والعمرة، وهو تطبيق يخدم مطوفي شركات الحجاج لتسهيل وسرعة طلب خدمة التفويج للمسجد الحرام لأداء طواف القدوم لحجاج مراكز الخدمة ومراكز الوفادة". وأشار حلبي إلى أنه تم إدخال آلية التسجيل لحجاج دول أوروبا وأمريكا وأستراليا لموسم حج العام الجاري 1443ه، عبر بوابة (المطوف)، وتضم خيارات متعددة من الباقات التي تلبي تطلعات ضيوف الرحمن، فيطلع الحاج على الباقات المتنوعة، ثم يقدم الطلب لإصدارة التأشيرة الكرتونيا، وهناك خدمات على مدار الساعة بعدة لغات للإجابة على الأسئلة والاستفسارات، وتتم عملية الدفع من خلال وسائل الدفع الإلكتروني المتعددة. وتابع: "تمتاز هذه المنصة بضمان جودة الخدمات لخضوعها لمراقبة أداء ومتابعة مستمرة للخدمات، كما فتحت مراكز للتواصل بلغات متعددة على مدار الساعة، للرد على أسئلة واستفسارات الحجاج على مدار الساعة، إضافة إلى تعيين موظف خدمات عملاء بكل عمارة يسكنها حجاج". كشف على الوجبات أكد أحمد حلبي، أن شركة مطوفي حجاج تركيا وحجاج أوروبا وأمريكا وأستراليا، التي تخدم حجاج أكثر من سبعين دولة تمثل تركيا، والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، وروسيا، ودول أوروبا بشطريها الشرقي والغربي، وأمريكا الجنوبية والشمالية إضافة لأستراليا، عملت على استقطاب طلاب كلية الطب بجامعة أم القرى للعمل في قطاع الخدمات الصحية، من عدة تخصصات كان منها تخصص الجراحة، والعلاج الطبيعي، والتمريض، ليتولوا عملية نقل الحجاج المرضى من مقار سكنهم إلى المستشفيات بشكل صحي، كما تم العمل على استقطاب أخصائيي التغذية للعمل بقطاع التغذية، ليتولوا عملية الكشف على الوجبات الغذائية المقدمة للحجاج، ومتابعة عملية إعدادها وتجهيزها ونقلها وايصالها للحجاج ، وقد حرصت الشركة على إعداد وتدريب العاملين بقطاع التغذية للوصول إلى جودة الغذاء المقدم لضيوف الرحمن. واستطرد قائلا: "تحول مؤسسات أرباب الطوائف إلى شركات مساهمة، يأتي ضمن استراتيجية تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 بتطوير منظومة الحج والعمرة، والانتقال من خدمة الحاج والمعتمر إلى صناعة متخصصة تقدم بكل مهنية واحترافية، عملا على إبراز حزمة متكاملة من الخدمات، وتطبيقات إلكترونية وأعمال تقنية، توفر للحاج رحلة إيمانية مكتملة". عودة بشغف قالت المطوفة فاتن بنت إبراهيم محمد حسين، المستشارة في شؤون الحج والطوافة: " إن الانقطاع لعامين عن العمل جعلنا نعود لخدمة ضيوف الرحمن بحماس وشغف وشوق وسط استعدادات كبيرة لاستقبال حجاج بيت الله الحرام، خاصة في ظل التحول من مؤسسات الطوافة إلى شركات بظهور نظام مقدمي خدمات حجاج الخارج، وصدور اللائحة التنفيذية بقرار من وزير الحج والعمرة، حيث تغيرت الهيكلة إلى (نظام الشركات) وأصبحت هناك أنظمة جديدة تعمل بنظام الشركات؛ وتتبع وزارة الحج كجهة إشرافية على الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، ولوزارة التجارة في الجوانب الاستثمارية. ويعتبر هذا العام هو أول عام يطبق فيه نظام الشركات، حيث تتبع الشركات الأقاليم الجغرافية السابقة لها في العالم في عصر المؤسسات؛ فهناك: شركة الدول العربية، وشركة جنوب آسيا، وشركة جنوب شرق آسيا، وشركة أفريقيا غير العربية، وشركة تركيا وأوربا وأمريكا وأستراليا، وشركة إيران، ولكن بعد ثلاث سنوات، يحق لأي شركة استقبال حجاج من كافة أنحاء العالم الإسلامي". وبينت أن العمل في الشركات راعى كافة جوانب رحلة الحاج، بما يكفل توفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة له؛ حيث تبقى الخدمات الأساسية بكافة جوانبها هي محور العمل لمقدمي خدمات حجاج الخارج في" الاستقبال، والضيافة، والسكن، والإعاشة، والنقل، وأخذ الحجاج إلى منى وعرفات وكافة الاستعدادات لجميع مراحل الرحلة"، مضيفة: "استعداداتنا مكتملة من حيث الاستقبال عند الوصول؛ إذ تم تجهيز الهدايا ووضع برنامج حافل يليق بضيوف الرحمن، يعبر عن الشوق والتعطش للقائهم، وتشمل الهدايا" المظلات ومعقم الأيدي، وسجاجيد الصلاة، وساعة منبه، وتمور، وكذلك الاستقبال في مقر سكن الحجاج، أو في بهو الفندق الذي يسكنون فيه، وتقام المراسم في الاستقبال بطقوس جميلة مثل الأناشيد والأهازيج الإسلامية وتقديم وجبة الضيافة التي تكون على أعلى المعايير العالمية للغذاء. أما من حيث الرعاية الصحية فتم الاستعداد من كل مركز بتوفير احتياجات ضرورية مثل غرفة تمريض وبها سرير طبي، وأدوات طبية، وصيدلية مصغرة وبعض الاحتياجات الأساسية مثل الكراسي المتحركة أو المشايات وغيرها". رعاية صحية أوضحت المطوفة فاتن حسين، أن الاهتمام الصحي بالحجاج كبير للغاية، مضيفة: "نهتم بالرعاية الصحية وزيارة الحجاج المرضى في المستشفيات وتفقد أحوالهم ومتابعتهم وتلمس احتياجاتهم، هذا بالإضافة إلى متابعة الحجاج التائهين والمفقودات، ولو- لا قدر الله- توفي حاج فيتم متابعة التواصل مع البعثة وشؤون الحجاج لترتيبات الدفن، وغيرها من الإجراءات. ومما لا شك فيه ستكون هناك تحديات تواجه أي إنسان في بدء العمل، ولكن لدي خبرات سابقة في المجال، وبالتنسيق مع الشؤون العامة بالشركة ومكاتب شؤون الحجاج في بلدهم سيتم مواجهة التحديات وحل المشكلات". ولفتت إلى أنه تم عمل الخطط التشغيلية في كافة الشركات مع توصيف دقيق للأعمال لكل وظيفة، وخطط لتمكين المرأة وتدريبها، وليس أدل على ذلك ما قامت به بعض من المؤسسات؛ ومنها مؤسسة جنوب آسيا بالاهتمام بإصدار توجيهات من خلال تعاميم دقيقة للعمل، بالإضافة إلى إحضار خبراء وتقديم دورات تدريبية متطورة في مجالات متعددة ومنها: التغذية للحجاج حيث قدمت الشركة دورة (هاسب)، تعنى بسلامة الغذاء لمنسوبيها من سيدات ورجال لتقديم وجبة الضيافة، وأخرى لتقديم وجبات المشاعر المقدسة لضمان صحة وسلامة ضيوف الرحمن، وهناك دورات عن السلامة والأمن في مساكن الحجاج في مكةالمكرمة وأخرى عن الإسكان والسلامة في المشاعر المقدسة، كما قدمت دورة التفويج للقطار وجسر الجمرات للمشرفين المختصين بالتفويج ودورة إدخال بيانات الجوازات. وقالت مسؤولة التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي في شركة مطوفي جنوب آسيا نجود جمل الليل: إن مهمتهم استقبال حجاج دول جنوب آسيا" بنغلاديش، الهند، باكستان، جزر المالديف، مينامار، ونيبال، وسريلانكا، بالإضافة إلى دول الخليج" قطر، والإمارات، والبحرين". وتابعت: "مع التحول الكبير من مؤسسات طوافة إلى شركات، أطلقنا عدة مبادرات لخدمة الحجاج مثل المشاركة مع أحد المراكز في مبادرة الابتسامة، التي تهدف إلى نشر الابتسامة في وجوه ضيوف الرحمن".
تسخير كافة الإمكانات لخدمة الحجاج أكد رئيس اللجنة التنفيذية بشركة مطوفي حجاج أفريقيا غير العربية المهندس محمد برهان سيف الدين، أن قيادة المملكة -أيدها الله- حريصة على تسخير كافة الإمكانات لخدمة ضيوف بيت الله الحرام، وهو نهج مستمر لولاة الأمر على مدار التاريخ، مبينا أن شركة مطوفي دول أفريقيا غير العربية أكملت كافة استعدادتها لاستقبال حجاج بيت الله الحرام في هذا الموسم، وذلك بعد انقطاع عامين عن العمل في الحج بسبب جائحة كورونا. وأضاف: "تحرص الشركة على تقديم أفضل الخدمات لعشرات الآلاف من حجاجها القادمين من الدول الأفريقية غير العربية، وهي 48 دولة، يبلغ عدد حجاج نحو 143 ألف حاج وحاجة، تقوم الشركة بخدمتهم من خلال خطتها التشغيلية المعتمدة على ست مراحل ولكل مرحلة عدة برامج، منها مرحلة ماقبل الوصول، وبرنامج الاستقبال في المنافذ والتفويج من المنافذ، إضافة إلى مراكز الترحيب والاستقبال في مكة والمدينة، فضلا عن برنامج خدمات الإعاشة وبرنامج خدمات النقل، ومرحلة تأدية المناسك، وبرنامج الإسكان في المشاعر المقدسة وخدمات الإعاشة بها، وبرنامج الطوارئ والسلامة والمتابعة والمراقبة الذاتية وقياس الأداء وكذلك برنامج معالجة شكاوى الحجاج والبلاغات". ومضى قائلا: "أما عن الآلية الجديدة التي نعتمدها في الشركة لهذا العام، فتتلخص في قيام الشركة بخدمة حجاجها عبر 11 لجنة متنوعة، مثل لجان البعثات، الجودة، التنقل، التفويج لجسر الجمرات، لجنة الطوارئ، ولجنة المتابعة، ويعمل بها ما يزيد عن 450 موظفا ومشرفا، بالإضافة إلى 43 مركز تقديم خدمة بمكةالمكرمة، يعمل به أكثر من 2580 موظفا وأكثر من 2300 عامل".