يستعيد عبد الخالق الزهراني مدير عام فرع وزارة الإعلام بمنطقة مكةالمكرمة مشاهد رمضان قديما في إحدى قرى الجنوب حيث ارتسمت ملامح طفولته وذلك في لقطات ما زالت تلوح أمامه رغم مرور الزمن ،وهو يهادن السنين ليعود بها إلى ليالي رمضانية تخللتها زيارات عائلية هنا متذكرا صوت المذياع الذي انبعث منه صوت أم حديجان لافتا إلى انه صام قبل أن يبلغ العاشرة من عمره خشية من سماع جُملة "عيب عليك " ماتصوم مثل الرجال . كما يشيد بأهمية التواصل الأسري في الشهر الفضيل ويؤكد بأن وسائل التواصل الإجتماعي اثرت على التواصل المباشر بين الأهل والجيران ولكن الحريص على زيارات الأهل والأصدقاء سيفعل رغم وجودها. تظل ذكريات رمضان عالقة في الأذهان هل ثمة ذكريات ما زالت تعاودكم كل ما هل الشهر الفضيل ؟ نعم هناك العديد من الذكريات الرمضانية الماتعة التي تسكن ذاكرتي مع بداية كل رمضان ومن ذلك على سبيل المثال ما عشته في مرحلة طفولتي بقرية جنوبية متناهية الجمال تدعى قرية «آل سلمان» بمنطقة الباحة التي كان يصوم أطفالها حباً وكرامة لأولياء أمورهم دون مبالاة لتعب الصيام ، ولعل ذهابنا لجيراننا ببعض أصناف الطعام وأخذنا لاصناف أخرى منهم يعد من أبرز ذكرياتي الرمضانية التي لا تنسى ، وكذلك تجمعنا حول المذياع (الراديو) في بيت عمنا صالح بن جمعان رحمه الله لسماع أم حديجان وبعض البرامج الإذاعية المتواضعة في ذلك الوقت الذي لم يصل إلينا فيه التلفزيون بعد، اضافة إلى مذاق الأكلات الرمضانية القديمة التي كنا ننتظرها بفارغ الصبر وتزاور أهل القرية لبعضهم البعض في ليالي رمضان. أين اعتدت أن تفطر في أول يوم في رمضان ؟ اعتدت أن يكون إفطاري في أول يوم من رمضان مع أسرتي الصغيرة ومن يشرفنا من أرحامنا وأقاربنا وما أجمل أن يعيش الانسان هذهاللحظات مع صغاره وأهل بيته وأقاربه للتهنئه الفعليه لهم ببداية أفضل الشهور. هل يمكن التعرف على أول عام قررتم فيه الصوم وكم كان عمركم ؟ لا أستطيع تحديد ذلك بدقة لكني صمت في وقت مبكر من عمري، لإرضاء أبي الذي كان يحرص على تعليمنا الصلاة والصيام ومخافة الله ، وخشية من سماع كلمة «عيب عليك» ما تصوم مثل الرجال، واعتقد أنني صمت قبل العاشرة من العمر. حدثنا عن الفرق بين رمضان قديما وفي الوقت الراهن ؟ لكل وقت وضعه ومذاقه الخاص والفرق بالنسبة لي يكمن في الرفاهية التي نعيشها في رمضان راهنا في كثير من الأمور ،وعكس ذلك في رمضان قديماً لاسيما في أنواع الطعام ووسائل الترفيه التي كانت شبه معدومه فيما مضى . ولكل منهما أجواؤه الخاصة . اجتماع أفراد الأسرة حول سفرة واحدة في رمضان ماذا يعني لكم ؟ يعني لي الشي الكثير ، كالزيادة في الألفه والمحبة بين أفراد الأسرة والقرب من الله بصلة الرحم والتناصح وتبادل الأحاديث التي من شأنها حل بعض الأمور ، والبركة في العمر وفي الطعام وروح الأسرة الواحدة التي قد لا توجد في غير رمضان . هل سبق وأن صمت خارج المملكة ؟ نعم .. سبق لي الصيام في ماليزيا وفي القاهرة مع الأسرة في ظروف استثنائية . ما الفرق بين الصيام داخل المملكة وخارجها ؟ للصيام في المملكة طابعه الديني الخاص وأجواؤه الروحانية والأسرية وحتى طعمه الخاص ، هذا وأنا صمت في بلدين إسلاميين كبيرين ومشابهين لنا في الوقت والأكل الحلال، ووجدت الفرق فكيف لو كان صيامي في بلد غير إسلامي ويطول فيه نهار رمضان، ولذا أنا حريص كل الحرص على البقاء في المملكة في شهر رمضان المبارك ولولا الظروف الاستثنائية التي جعلتني أصوم في الخارج ما سافرت. حدثنا عن برنامجك اليومي في الشهر الفضيل ؟ يبدأ برنامجي الرمضاني اليومي بصلاة الفجر وقراءة ماتيسر لي من القرآن الكريم ، ثم النوم لبضع ساعات والتوجه للعمل الذي يمتد بي أحياناً لبعد صلاة العصر، وأحاول عدم النوم إلى اذان المغرب وبعد الإفطار تحلو الجلسة العائلية إلى صلاة العشاء التي احرص فيها على أن تكون في المسجد هي وما تيسر لي من التراويح وبعد ذلك أقوم ببعض الزيارات العائلية ، واحرص كل الحرص على النوم مالا يقل عن ثلاث إلى أربع ساعات قبل السحورحتى يكون نهاري مثمراً ، وهو ما أنصح به الزملاء في العمل وطلاب المدارس وغيرهم ممن يطلب منهم مهام معينه أثناء نهار رمضان. هل هناك وجبة معينة تحرص على تناولها خلال إفطار رمضان ؟ احرص على تناول الوجبات الرمضانية المعروفة كالشوربة والسمبوسة والفول المعد في المنزل و ما «تفوتني « السوبيا بمائدةالإفطار ، أما الحلويات فعلاقتي بها شبه معدومه في رمضان وغيره . رفاق الطفولة والصبا والدراسة هل تنتهز فرصة رمضان للقائهم ؟ بالتأكيد فرمضان كله خير وبركة وما أجمل التواصل فيه مع رفاق الحياة بصفة عامة وقبلهم الأهل والأرحام. في الماضي كان الجيران يتبادلون الأطباق الرمضانية والحلويات هل ما زالت هذه العادة موجودة ام تلاشت في إيقاع الزمن؟ للأسف لم تعد كما كانت في السابق بالذات مع الجيران، وآه على تلك الأيام التي كانت الأطباق فيها (رايحه جايه) بأصناف الطعام التي تبهج قلوب الصغار قبل الكبار. كيف كانت الاستعدادات لرمضان قديما؟ كانت تتمثل في تأمين بعض الأنواع من الأطعمة الرمضانية ومن ذلك على سبيل المثال شراكة بعض أرباب البيوت في شراء عجل صغير وتوزيعه بالتساوي فيما بينهم، وتبخير البيوت، وتنظيفها وكذلك تهيئة المساجد للصلاة إلخ . وسائل التواصل الاجتماعي هل ترى انها ألغت التواصل بين الأهل والجيران ؟ وسائل التواصل الاجتماعي اثرت على التواصل المباشر بين الأهل والجيران ولكن الحريص على زيارات الأهل والأصدقاء سيفعل رغم وجودها ، وكما أن لها بعض السلبيات إلا أن إيجابياتها كثيرة، فما أجمل أن نتواصل مع ابنائنا وأحبابنا صوتًا وصورة حتى لو كانوافي آخر بقاع الأرض وبدون تكلفة مالية. هل تمارس أي نوع من الرياضة في ليالي رمضان ؟ كنت فيما مضى أمارس لعب الكرة الطائرة وأشارك في بعض الدوريات الرمضانية لكرة القدم أما الآن بحكم العمل فبالكاد أمارس رياضة المشي وعلى استحياء إن صح التعبير . هل تشاهد المسلسلات والبرامج الرمضانية؟ لم يعد لدي وقت لها ، وإن صادف فهي قلة قليلة جداً ، فأنا واقعي في مشاهداتي التلفزيونية أركز على الأخبار بحكم طبيعةعملي ، ولا بأس بشيء من الكوميديا الخفيفة بين المغرب والعشاء ، وأحرص على البرامج الثقافية والشخصيات الملفتة التي اعتدنا عليها في رمضان كبرنامج من الصفر وغيره من البرامج الهادفة وبعض المتابعات الرياضية . حدثنا عن الأكلات الرمضانية التي تعيدك إلى ذاكرة الماضي في رمضان ؟ شوربة الحب والمهلبية واللقيمات. ما الذي تفتقده من تفاصيل رمضان الأمس ؟ التواصل الأسري الذي كان سمة من سمات رمضان وللأسف أنه بدأ يقل عن ما كان عليه ، وكذلك التسامح وصفاء الأنفس التي كانت واضحة وجلية في رمضان الأمس ، وكم من قطيعة وشحناء زالت بين الناس مع قدوم الشهر الفضيل.