إن الأسرة هي نواة المجتمع وركيزته وهي الإطار الذي يشب فيه الفرد ويكتسب القيم التي تجعله قادراً على التكيف مع مجتمعه، وهي جماعة وظيفية توفر لأعضائها الاحتياجات الأساسية الحياتية والاجتماعية والثقافية وغيرها، ورسالتها أوسع من كونها وسيلة للإنجاب وتنشئة الأبناء وإعدادهم لمستقبلهم الاجتماعي والوطني، إذ إنها مؤسسة اجتماعية لها دور كبير في تشكيل شخصية الفرد، بل ترسيخ مفهوم المواطنة السليم لدى أفرادها. وتتجلى قوة المجتمع وضعفه بمدى استقرار وتماسك الأسرة أو ضعفها. إن رؤية 2030 قد وضعت الأسرة في صدارة أولوياتها حيث جاءت تحت أهم المحاور المتمثلة في "مجتمع حيوي" الذي يعتبر أساساً لتحقيق الرؤية، كما تم إنشاء مجلس شؤون الأسرة بمقتضى قرار مجلس الوزراء الموقّر رقم (443) بتاريخ 20/10/1437ه، في إطار حرص الدولة على كيان الأسرة السعودية وأفرادها باعتبارها الخلية الأولى للمجتمع وأساس بنائه السليم. وفي سبيل الوصول إلى أسرة مستقرة سوية فينبغي أن يعم التواصل بين أفراد الأسرة (الزوج، والزوجة، والأبناء) وذلك عبر آلية الحوار والتفاهم وتقاسم الواجبات وغيرها، فمتى انداحت لغة الحوار والتفاهم بينهم وعمت روح التعاون والتنسيق والعمل فريقاً واحداً ترسخت لديهم ثقافة ومفاهيم واحدة متسقة. ومن أهم أنواع التواصل ذلك الذي يحدث بين قطبي الأسرة ( الأب والأم ) وتفاهمهما حول كافة جوانب الحياة الأسرية والذي يعتبر مهماً نظراً لأنه عامل قوي لاستقرار وتماسك الأسرة كلها، كذلك التواصل الأمومي الذي يتم بين الأم وأبنائها وبناتها والذي يفضي إلى استقرار نفسي للأبناء، والتواصل الأبوي الذي يجري بين الأب والأبناء وهو ركيزة مهمة للتربية والتنشئة المثلى وتكوين شخصية الأبناء، ثم تواصل البنوة بين الأبناء والآباء والأمهات لا سيما في مرحلة شيخوخة الوالدين ويطلق عليه براً بهما إذا كان على صورة مثلى وعقوقاً لهما إذا كان غير ذلك. وهنالك عدة اقتراحات للوصول إلى أسر مستقرة قادرة على رفد المجتمع بل الوطن بأفراد فاعلين وقادرين على الإسهام في عملية التنمية والبناء، منها أهمية وجود عدد كاف من الاستشاريين المتخصصين في حل المشكلات الأسرية ووضع واعتماد معايير موحدة لترخيصهم في كافة مكاتب الاستشارات الأسرية، وإتاحة خدمة الاستشارة الأسرية في كافة مراكز تنمية المجتمع بالدولة، وتأسيس مركز متخصص يعنى بشؤون المطلقين، وفوق ذلك كله فإننا نحتاج إلى قيام وزارة منفصلة تهتم بشؤون الأسرة تضم الضمان الاجتماعي والإدارة العامة للحماية الأسرية ودور المسنين ومراكز الأحياء وغيرها، بحيث يكون لها إدارة للأبحاث الأسرية ودور إيوائية وغيرها من الأذرع بهدف إيجاد أسر سوية قادرة على رفد المجتمع بعناصر متشبعة بقيم الانتماء والولاء واحترام الآخر والمسؤولية تجاه مجتمعها ووطنها. J_alnahari@