امتدت مسيرة العلاقات السعودية – العمانية منذ الدولة السعودية الأولى وحتى وقتنا الحاضر، حيث تأسست تلك العلاقات على روابط الدين والقومية والجوار، إلى جانب المواقف السياسية والاقتصادية المتبادلة بين القيادتين، كما أن البلدين الشقيقين من مؤسسي مجلس التعاون الخليجي. وأسّست مبادئ الأخوة ووحدة المصير لثوابت راسخة بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان عززت من أوجه التعاون الثنائي المشتركة مع الأشقاء في " البيت الخليجي "، ومنطلقاً لمدّ جسور التفاهم والحوار مع مختلف دول المنطقة والعالم لتحقيق الأمن والاستقرار. واتسمت العلاقات بين الرياض ومسقط -وهي تتخطى بعمرها نصف قرنٍ- بالتعاون والاحترام المتبادل بين القيادتين والتفاهم حيال مختلف القضايا الإقليمية والدولية، فيما تجمع أبناء الشعبين وشائج الإخاء، يؤطّرها التاريخ المشترك والعادات والتقاليد العربية الأصيلة والموروث الشعبي، والحال كذلك مع الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي. ويعزز العلاقات السعودية – العمانية الأساس الاستراتيجي، حيث تنطلق تلك العلاقات من روابط متينة من خلال موقع استراتيجي مهم على البحار المفتوحة، ومن خلال الموقع الاستراتيجي للبلدين الشقيقين تكونت الرؤية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بتوجيهات القيادة الحكيمة في البلدين الشقيقين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظهما الله – علاوة على المشاورات والزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين خلال الشهور الأخيرة لتوثيق تلك العلاقات. تعاون وتنسيق وتمثل الزيارة التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق إلى المملكة ولقاؤه بأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأيضاً سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان دلالة وأهمية كبيرة، حيث تعد الزيارة الأولى الرسمية لجلالته منذ توليه الحكم، حيث تتوج العلاقات التاريخية ومكانة البلدين على صعيد عدد من الملفات الاستراتيجية سواء فيما يخص علاقات البلدين اقتصادياً وتجارياً وفي مجال الاستثمار والتكامل اللوجستي والصناعي أو فيما يخص التنسيق السياسي الذي شهدته المرحلة الأخيرة لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي بشكل خاص أو على مستوى العالم، بالإضافة إلى ما تهدف اليه النظرة المشتركة والحوار العميق لتحقيق مصالح دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. رؤية مشتركة يعمل البلدان الشقيقان على تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما، والتعاون المشترك في مجال التجارة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، بما يخدم توجهات البلدين لتحقيق رؤية «المملكة 2030» ورؤية «عمان 2040»، وما تتضمنه الرؤيتان من مستهدفات ومبادرات للتنوع الاقتصادي. كما يتطلع البلدان أن يسهم تأسيس مجلس التنسيق السعودي- العماني في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بينهما، ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية، وكذلك في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية، بما يخدم أهداف البلدين، ويحقق آمال وتطلعات القيادتين والشعبين الشقيقين. وتعمل المملكة وسلطنة عمان على استكمال مشروع المنفذ البري الذي يربط بين البلدين، ومن المتوقع أن يسهم المنفذ بعد افتتاحه في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، كما أن هذا المنفذ سيفتح المجال أمام حركة البضائع من المملكة مروراً بالطرق البرية في السلطنة، وصولاً إلى موانئها التي ستسهل تصدير البضائع السعودية للعالم. تبادل تجاري واستثمار بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين المملكة وسلطنة عمان في العام 2020 نحو 3.36 مليار دولار، تشمل الحديد والصلب ومنتجات كيميائية عضوية، فيما بلغت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى سلطنة عمان 1.16 مليار دولار، تشمل منتجات معدنية ومصنوعات من الحديد أو الصلب والأغذية. وشهدت الفترة الأخيرة زيارات متبادلة حيث تضمنت النقاش بين المسؤولين، فرص الاستثمار بين البلدين، في محادثات تناولت تنويع الاقتصادات والقطاعات ذات الفرص الاستثمارية، مما سيسهم في تشغيل أبناء الشعب العماني من خلال الاستثمار في سلطنة عمان وفتح مجال الوظائف، حيث طرح وفد عماني يضم عدداً من الجهات الحكومية والخاصة نحو 150 فرصة استثمارية في عمان تقدر قيمتها ب 15 مليار ريال سعودي في قطاعات التطوير العقاري والصناعة والسياحة والثروة السمكية والطاقة المتجددة والبتروكيماويات وذلك خلال لقاء جمع أعضاء مجلس الأعمال السعودي – العماني وعدد من أصحاب الأعمال. ومن خلال تلك الجهود العظيمة لجميع القطاعات هنا تبرز أهمية العلاقات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة، حيث تطمح القيادتان إلى رفع مستوى التبادل التجاري بينهما إلى مستوى أعلى، والاستفادة من مقومات البلدين في هذا الإطار، وتفعيل أعمال اللجنة العمانية – السعودية المشتركة. فرؤية المملكة 2030 وعمان 2040 تشتملان على العديد من المشاريع العملاقة والمتنوعة التي تتطلب التعاون بينهما لتحقيقها بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الشقيقين، فيمكن ربط المناطق الصناعية المتطورة في المملكة بالدقم وميناء صلالة، ويكون هناك حراك اقتصادي قابل للتدوير والتفعيل مما سيزيد من التبادل التجاري بين البلدين لآفاق أوسع وأرحب خلال السنوات القليلة المقبلة.