يستهدف الإرهابيون تقويض أمن واستقرار العراق بشتى السبل، قبيل ظهور النتائج النهائية للانتخابات، التي يتوقع أن تبخر أحلام الجماعات المسلحة بحكم البلاد، لذلك تأتي المحاولات التخريبية الفاشلة من أجل زعزعة الأمن، آخرها محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بواسطة طائرة مسيّرة مفخخة استهدفت مكان إقامته في العاصمة بغداد، بينما أكدت قيادة العمليات المشتركة العراقية أنه لم يصب بأذى وهو بصحة جيدة، فيما شكل المجلس الوزاري للأمن الوطني في العراق، أمس (الأحد)، لجنة عليا للتحقيق في الحادثة، واعتبرت الحكومة العراقية أن الجماعات المسلحة تجاوزت الدولة ورموزها، وليس هناك كبير أمام القانون. وأعربت وزارة الخارجية عن إدانة المملكة بشدة للعمل الإرهابي الجبان، الذي استهدف رئيس مجلس الوزراء العراقي، مؤكدة وقوفها صفاً واحداً إلى جانب العراق الشقيق، حكومة وشعباً، في التصدي لجميع الإرهابيين الذين يحاولون عبثاً منع العراق الشقيق من استعادة عافيته ودوره، وترسيخ أمنه واستقراره، وتعزيز رفاهه ونمائه، مؤكدا في كلمة مسجلة وجهها إلى كافة العراقيين، أن الصواريخ الجبانة والمسّيرات لا تبني الأوطان، مشيرا إلى أن بناء الأوطان لا يتم إلا عبر احترام مؤسسات الدولة. وقال الكاظمي إثر نجاته من محاولة الاغتيال: "أنا بخير والحمدالله وسط شعبي، وأدعو إلى التهدئة وضبط النفس من الجميع، من أجل العراق"، مبينا أن:" صواريخ الغدر لن تثبط عزيمة المؤمنين، ولن تهتز شعرة في ثبات وإصرار قواتنا الأمنية البطلة على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق ووضع القانون في نصابه"، فيما قالت مصادر أمنية إن ستة من أفراد قوة الحراسة الشخصية للكاظمي المتمركزة خارج منزله أصيبوا بجروح. ووقع الهجوم الإرهابي على منزل رئيس الوزراء، في وقت تشهد فيه البلاد توتّرات سياسية شديدة على خلفية نتائج الانتخابات النيابية المبكرة مع رفض الفصائل المسلحة، والكتل السياسية الممثلة للحشد الشعبي النتائج الأولية التي بيّنت تراجع عدد مقاعدها بشكل كبير، بينما يقول محللون مستقلون إن نتائج الانتخابات كانت انعكاسا لغضب الجماعات المسلحة، المتهمة على نطاق واسع بالتورط في قتل ما يقرب من 600 محتج خرجوا إلى الشوارع في مظاهرات منفصلة مناهضة للحكومة في 2019. ويرى المحللون أنها ربما تكون خلف محاولة اغتيال رئيس الوزراء. وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية الصاروخ الذي حط فوق مقر الكاظمي أمس، فيما بينت صورة أخرى طائرة مسيرة تم إسقاطها من قبل القوات الأمنية. من جهته، أدان الرئيس العراقي برهم صالح أمس، الهجوم الإرهابي الذي استهدف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مؤكداً رفضه الانقلاب على النظام الدستوري في البلاد، معتبرا أن محاولة اغتيال الكاظمي جريمة نكراء وتجاوز خطير، يستلزم الوحدة، ويستوجب مجابهة المتربصين بأمن الوطن، مؤكداً أنه لن يقبل بجر العراق إلى الفوضى، والانقلاب على نظامه الدستوري، بينما وصف رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، استهداف منزل الكاظمي بأنه يشكل "تهديداً حقيقياً للأمن والاستقرار في البلاد. وهو فعل مستنكر وغير مسؤول ويسعى للفوضى"، داعيا الجميع للعمل بشكل جاد من أجل تفويت الفرصة على أعداء العراق والعبور بالوطن إلى ضفة الأمان. بدوره، أدان زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم استهداف منزل الكاظمي، محذرا من تعريض هيبة الدولة للخطر، كما اتهم زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، فصائل "اللادولة" بمحاولة جر البلاد إلى الفوضى. إلى ذلك أدانت دول العالم بشدة واستنكرت العمل الإرهابي الجبان، إذ اعتبرت المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس أن العمل الإجرامي استهدف صميم الدولة العراقية، وأن واشنطن عرضن مدّ يد المساعدة للتحقيق في هذا الهجوم. وشددت البعثة الأممية على ضرورة عدم السماح للإرهاب بتقويض أمن البلاد، داعية إلى خفض التصعيد والدخول في حوار لتخفيف التوترات السياسية. ورفضت كل من فرنسا، وبريطانيا، وحلف الناتو، الاتحاد الأوروبي، زعزعة استقرار العراق، مشددة على رفضها هذه الاعتداءات الإرهابية الآثمة، فيما أعربت البحرين، والكويت، ومصر، والبرلمان العربي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، عن تضامنها الكامل مع العراق وشعبه، واتخاذ ما يلزم من إجراءات للحفاظ على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، مؤكدة أن أمن العراق جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مطالبة بفتح تحقيق فوري لكشف هذه العملية الإجرامية الفاشلة التي تهدف إلى ضرب مؤسسات الدولة.