في الماضي كان بريق الوظيفة الحكومية مسيطرا على ثقافة العمل وطموح الكثير من الشباب والشابات ، وآخرون "حبسوا" أفكارهم واهتمامهم في مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر ، سلموا مفاتيحها ومكاسبها لقنوات التستر التجاري مقابل " دخل معلوم" دون فرص مشاريع ريادية لم تكن تتوفر لها بيئة مشجعة بالقدر الكافي ، فكان الحذر من فشل تجارب مشاريع ، وضياع رأس مال ربما كان "تحويشة" أو قرضا يتعثر سداده. اليوم تغير ذلك الحال بكل تفاصيله مع نماذج مبدعة من رواد ورائدات الأعمال ، اقتحموا بعزيمة وطموح مجالات العصر بمشاريع تقنية وإلكترونية تتوفر لها قنوات استشارة وتمويل ، بل أكثر من ذلك نمو التمويل الاستثماري الجريء ، عالي المخاطر والأرباح معا. خلال السنوات الأخيرة شهدت ريادة الأعمال والشركات الناشئة في المملكة آفاقا رحبة لأفكار مبتكرة بروح وتقنيات العصر ، وحققت نموا متسارعا تحت مظلة مؤسسية في الاستشارة ودراسة الجدوى ، اتت جاذبة لتمويلات متزايدة من المؤسسات وصناديق رأس المال المُخاطر ، التي تستهدف أساسا الاستثمار في (المراحل الأولى) لمشاريع وشركات ناشئة ذات مخاطر مرتفعة ، لأنها تطبق تكنولوجيا حديثة أو فكرة مستجدة للتسويق أو منتجات جديدة لم يتم التأكد منها بعد، وتتوقع أن يحقق بعضها عائدات تتجاوز أضعاف التكلفة. والعديد من رواد الأعمال وغيرهم من الأشخاص العاديين يتقدمون بأفكار لمشاريع مبتكرة ومغرية اقتصاديا ، ولكنهم قد يفتقرون إلى رأس المال اللازم ، وهنا – كما يوضح الاقتصاديون يأتي دور المستثمرين في رأس المال الجريء لتمكين أصحاب الأفكار الخلاقة من بدء مشروعهم . وبطبيعة الحال قد لاتوجد ملكية مشتركة بين صاحب المشروع الريادي وبين مستثمر رأس المال المخاطر، إلا أن تحقيق الربح المرتفع يكون هدفا ومصلحة مشتركة من خلال العمل على إنجاح المشروع. وفي هذا الاتجاه شهدت منظومة الاستثمار الجريء في المملكة نمواً سنوياً بنسبة 65 % لتسجل أعلى مستوى لها في النصف الأول من العام الحالي ، بحسب تقرير شركة "ماجنت"عن سوق الاستثمار الجريء ( برعاية الشركة السعودية للاستثمار الجريء) فقد تلقت الشركات الناشئة في المملكة استثمارات جريئة بأكثر من 630 مليون ريال (168 مليون دولار) في النصف الأول ، بما يعادل 94 % من قيمتها العام الماضي ، وأكثر من 90 % من إجمالي الأموال المستثمرة في الشركات السعودية الناشئة. هذا الاحصاءات تشير إلى نمو هذا النوع من الاستثمار ، وهو ما أكده الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للاستثمار الجريء الدكتور نبيل كوشك، بأن المملكة تشهد نمواً في حجم ونوعية صفقات الشركات الناشئة، إضافة إلى ظهور أعداد متزايدة من صناديق الاستثمار الجريء ومجموعات المستثمرين. إقليميا وبحسب التقرير تبلغ قيمة الاستثمار الجريء في المملكة خلال النصف الأول نحو 14% من إجمالي قيمة الاستثمارات المماثلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، واستحوذت الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية والأغذية والمشروبات معاً على 44% من التمويلات والاستثمارات.