لا تزال تونس على صفيح ساخن، تلسع حرارته "الإخوان"، وتفقدهم الأمل في سيطرة جديدة على البلاد، فالجميع عازم على تجفيف منابع فسادهم، ومحاسبتهم على ما اقترفوه من آثام بحق تونس وشعبها، سواء عبر الفساد المالي أو الإداري ، أو الإرهاب، لذلك فتح القضاء التونسي أمس (الثلاثاء)، تحقيقاً ضد عدد من النواب المتنمين لحزب النهضة الإخواني في قضايا مختلفة تتراوح بين قضايا إرهابية ومالية واستغلال نفوذ، وذلك بعد قرار الرئيس قيس سعيّد تجريدهم من الحصانة البرلمانية، وسط توقعات بأن تنتهي التحقيقات بإيقاف مسؤولين خلال الأيام المقبلة. ويشمل التحقيق وفقا للمتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية والقطب القضائي محسن الدالي، النواب المطلوبين للعدالة والذين تتعلق بهم قضايا مالية على غرار تبييض أموال وتضارب المصالح والتحايل وشيكات دون رصيد، وقضايا إرهابية وأخرى تتعلق بشبهات تورط في العنف المادي والمعنوي، وذلك بعد رفع الحصانة عنهم وزوال هذا العائق الذي كانوا يتمسكون به لتفادي الملاحقة القضائية، لافتا إلى أن المحكمة الابتدائية في تونس تحوز على أكثر من 30 ملفا تتعلق ب4 نواب، مؤكداً أن عدد النواب الملاحقين قضائياً أكثر من ذلك، باعتبار وجود ملفات أخرى تتعلق بنواب في المحاكم الموجودة في كامل البلاد، مشيرا إلى أنه لا يمكن حصر عددهم، وأن الأبحاث والتحقيقات ضد النواب كانت موجودة قبل قرارات الرئيس قيس سعّد يوم 25 يوليو الماضي، غير أن تمسك النواب بالحصانة كان عائقاً أمام مقاضاتهم وملاحقتهم. ولفت الدالي إلى أن قرار الرئيس بتجريدهم من الحصانة، وبعد نشره بالجرائد الرسمية، أصبح قانوناً من قوانين الدولة يجب تطبيقه، وبمقتضاه سيتم معاملة النائب ومقاضاته كمواطن عادي، مؤكدا أنه إذا تم تجميع مؤيدات وأدلّة ثابتة في عدد من الملفات والقضايا، لن يتأخر القضاء في إيقاف أيّ نائب. وبعد أن بهت الحزب الإخواني، وانكشف أمر قادته، بدأت التحركات الشبابية داخله للإطاحة بزعيمه راشد الغنوشي، إذ يطالب أعضاء بالحزب بشكل مستمر بإبعاد الغنوشي من موقعه السياسي، لتفادي الصدام مع الشعب الرافض للحزب برمته. ودعا القيادي بالحركة عماد الحمامي إلى رحيل الغنوشي، وإعفاء كامل المكتب التنفيذي من مهامه، معتبرا أن تفعيل الرئيس قيس سعيّد للفصل 80 من الدستور وإعلان التدابير الاستثنائية "قرار شجاع"، مشدداً على أن الرئيس التونسي "قد تحمل مسؤوليته التاريخية وأحدث صدمة من أجل الذهاب نحو ديمقراطية تسهر على حل مشاكل الشعب". وتواصلت الاستقالات والانشقاقات ب"حزب النهضة" الإخواني، فيما وصف بزلزال يعصف بالبيت الداخلي لإخوان تونس، بينما يرى مراقبون أن الخوف بدأ يدب في نفوس قيادات الإخوان فسارعت وجوه بارزة إلى الهروب قبل أن تحين لحظة الحسم، وكانت استقالة المتحدث الرسمي باسم حركة النهضة خليل البرعومي فاتحة لزلزال سياسي قوي يضرب أركان البيت الإخواني، حيث طلبت قيادات بارزة من الغنوشي الاستقالة واعتزال السياسة، متبرئة من أفعاله تجاه الشعب التونسي. إلى ذلك، تعهد المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، بمواصلة دعم القرارات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد الشهر الماضي التي جاءت استجابة لمتطلبات التونسيين وحلاً أخيرا للخروج من الأزمة، مؤكدا أن وقت الحوار انتهى ولا مجال للعودة إلى الوراء بشأن عودة أعمال البرلمان، مشيرا إلى أن تشكيل الحكومة في أسرع وقت هي أبرز الضمانات التي يطلبها الاتحاد ولا يمكن لتونس أن تنتظر 30 يوما لتشكيل الحكومة.