لا تنسى المفتاح.. لا تنسى إطفاء النور.. اغلق الباب خلفك، وصايا الخروج من البيت التي لا يخلو منها أو من بعضها كل البيوت باختلاف ساكنيها، بل زادت عليها وصية أوجدتها جائحة كورونا، ولعلها أصبحت أهم الوصايا، ألا وهي: لا تنسى الكمامة، لا يهم ما هي الحالة التي خرجت بها من البيت.. سواء كنت أحسنت اختيار هندامك أم لا، سواء كنت رتبت شعرك أو تركته «منكوش»، فكل ذلك لم يصبح ملفتاً للانتباه، أما لو أنك تجرأت على الخروج دون ارتداء الكمامة.. فلن تسلم من أي كائن تمر قربه إلا وقد رمقك بنظرات ما بين المستنكر، والمذهول، أو الساخر، حتى قطط الشوارع، فهي الأخرى تعودت على وجود الكمامة في وجوه المارّة. ما الذي أحدثته الكمامة..؟ إنها أحدثت الكثير، بل تكاد تكون أصدرت قانوناً جديداً للتعاملات تستطيع من خلاله الحكم على مقدار المرونة عند الأشخاص وفقاً لاستخدامهم لها، فتدرك على الفور الفرق بين من لا يتهاون في اتخاذ الإجراءات الصحية، فيترك مسافة آمنة بينه وبين الآخرين، ويسلم ملوحاً بيده في الهواء، ثم يستخدم معقماً يحمله في جيبه على الدوام، وبين آخر أرخى كمامته إلى أسفل فمه، واقترب منك سائلاً هل تصافح..؟ فهو مستعد للمصافحة إن كنت مؤيداً، وسيلتزم بالتلويح إن كنت من الصنف الأول، أما الصنف الثالث فهو لا يؤمن بأية حقيقة إلا لو خاضها بنفسه، فلم يصل لتفكيره بعد ماهي كورونا وإن كانت حقيقة أم شائعة، لذا فإن قرار وضع الكمامة بالنسبة له هو بمثابة ضرورة يحتمها عليه فقط تواجده في أماكن قد يمر بها الراصدون للمخالفات الصحية لا أكثر ولا أقل، فلا تراها متعلقة بأذنيه بل في جيبه يرتديها عند الحاجة الأمنية فقط. أياً كان تصنيفك من بين هؤلاء أو غيرهم، فلن تستطيع نفي هذه الحقبة التي نعيشها، والتي ستصبح علامة مميزة في تاريخنا بعد عقود أو قرون من السنين، فكما كنا نتعرف على العصور السابقة من خلال ما يرتدونه من ملابس وأدوات للزينة تجعلنا نجزم أن هذه تعود للعصور الوسطى، أو العصور القديمة، أو العصور المظلمة، ستتعرف علينا الأجيال القادمة من خلال ما حصلوا عليه من دراسة التاريخ.. والتي تخبرهم بأنه منذ نهاية العقد الثاني في الألفية الثانية – ولا أعلم إلى أي عقد ستقف – إلا أن العالم بأسره استخدم كمامة، فيصبح من السهل التعرف على تلك الفترة إنما من الصعب أن تحدد أولئك الأشخاص الظاهرين في الصورة من أي بلد هم.. والآن.. ترى ما الذي سنكون عليه بعد الكمامة ؟ لعلنا أدركنا أننا لن نكون كما كنّا بل سنصبح ما نحن عليه بعدها. للتواصل على تويتر وفيس بوك