عندما تنطلق الأهداف من رؤية واضحة وعزيمة قوية في تحقيقها ، فإنها ترسخ مقومات نجاحها ، ورؤية المملكة 2030 ، تمثل نموذجا رائدا لهذه المعادلة في الوصول إلى بناء الوطن الطموح والاقتصاد المزدهر ، وتحقيق فضاء رحب للتنمية المستدامة بإنجاز التحول الوطني وتعظيم الإيرادات غير النفطية ، وهذا يعني على أرض الواقع الاستثمار الحقيقي لكافة القطاعات الانتاجية والخدمية وتعزيز دور القطاع الخاص والصادرات غير النفطية ، ومن قبل ذلك استثمار الثروة البشرية الوطنية في كافة مواقع العمل وقطاعات الأعمال لتحقيق المجتمع الحيوي، باعتبار الإنسان السعودي هو الهدف الرئيسي للتنمية وصانعها. وخلال الأعوام الخمس الأولى من عمر الرؤية الطموحة ، قطعت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، حفظهما الله ، شوطاً مميزا في التنافسية العالمية وتصدرها مؤشرات عديدة ومراكز متقدمة ، وخطوات واثقة مقرونة بالإنجاز في بناء ركائز الاستدامة وتقوية شرايينها وتنويع مصادر الإيرادات العامة ، عبر تحقيق قطاع مالي متنوع وفاعل ، وتحفيز الاستثمار في شتى القطاعات لتواكب طموحات الاقتصاد السعودي كأكبر اقتصاد في المنطقة وأحد أكبر عشرين اقتصادا في العالم ، وتطوير السوق المالية السعودية ورفع مكانتها وجاذبيتها للاستثمارات الأجنبية. وعلى أرض الواقع يرتكز نمو الإيرادات غير النفطية على استراتيجيات قوية للقطاعات الحيوية وفي مقدمتها السياحة بمختلف مجالاتها واستثماراتها الضخمة ومشروعاتها غير المسبوقة مستهدفة نحو 100 مليون سائح مع المدى الزمني لرؤية 2030 حيث تملك المملكة مقومات جذب سياحية كبيرة ، وكذلك قطاعات الصناعة والتعدين والطاقة المتجددة ، وتحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي باستثمار موقعها الجغرافي المتميز بين القارات ومنظومتها المتقدمة من الموانئ البحرية والمطارات ، والتحول الرقمي وبنيته التحتية المتطورة اقتصاديا ومجتمعيا، ويعزز ذلك تشريعات وأنظمة متقدمة للحوكمة وإجراءات وتسهيلات محفزة لبناء اقتصاد المستقبل. وتسعى مستهدفات الميزانية 2021 لتنمية وزيادة تنوع مصادر الإيرادات لضمان استدامتها واستقرارها ونموها ، حيث تتزايد مؤشرات نمو الإيرادات غير النفطية بوتيرة سريعة ، موثقة ذلك بأرقام وبيانات الربع الأول من العام الحالي ، التي سجلت نحو 43 % من إجمالي الإيرادات للميزانية بقيمة تجاوزت 204 مليارات ريال ، بعد أن كان النفط يشكل المصدر الأعظم بنحو 90 % من الإيرادات العامة. وتجدر الإشارة هنا إلى توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنحو 2.1 %هذا العام، والنمو غير النفطي عند 3.9 % معززة قوة الاقتصاد الوطني في خطوات التنمية المستدامة. ودعما لهذه الاستراتيجية يمثل قرار مجلس الوزراء مؤخرا ، بتحويل وحدة تنمية الإيرادات غير النفطية إلى "مركز تنمية الإيرادات غير النفطية"، خطوة نوعية زيادة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي، وتحقيق قيمة مُضافة للاقتصاد الوطني من خلال دوره في دعم الجهات الحكومية وبرامج تحقيق الرؤية بشأن المبادرات والمقترحات المتعلقة بزيادة الإيرادات غير النفطية، بما يكفل الموافقة عليها وتنفيذها على الوجه الأكمل.