تتجه مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، في عاصمة الكنغو الديمقراطية كينشاسا، إلى نفس مصير عقد كامل من المباحثات التي لم تسفر عن حلول للأزمة، في ظل تعنت أديس أبابا، وإغراقها المفاوضات بطرح بند تقاسم المياه وعدم الاتفاق على منهجية التفاوض. وقالت مصادر قريبة من مفاوضات كينشاسا، إن السودان ومصر طالبا بوضع آليات محددة قبل البدء في بحث النقاط الخلافية، فالمفاوضات بشكلها الحالي لم تتمخض عن اختراق ملموس طوال عشر سنوات. وتتضمن مطالبات مصر والسودان للاتحاد الإفريقي وفق تعديل منهجية التفاوض، بأن تلتزم إثيوبيا بوقف الاستفزازات، وأن تتعهد بعدم اتخاذ أي أعمال خاصةً ببدء الملء الثاني أو أي خطوات تضر دولتي المصب لحين حسم ملف التفاوض، إضافة إلى ضرورة موافقتها على الوساطة الرباعية، الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بجانب الاتحاد الإفريقي، وتوقيع اتفاق قانوني ملزم بمشاركة وضمانات دولية. وفي المقابل، لم تقدم إثيوبيا أية ضمانات بشأن الملء الثاني للسد في يوليو المقبل، ولم تستجب للمطالبات الأخرى، بل طرحت على طاولة المفاوضات بند تقاسم المياه، ما يكشف أن السد لم يعد مرتبطًا بتوليد الطاقة، إنما بمساعي إثيوبيا لإعادة تقاسم مياه النيل، على الرغم من أن هذا الأمر غير وارد في اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في عام 2015، والخاص بملء وتشغيل السد. واعتبرت وزارة الخارجية المصرية، أن مفاوضات سد النهضة الحالية في كينشاسا تمثل الفرصة الأخيرة للدول الثلاث، بهدف التوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونًا حول ملء وتشغيل سد النهضة، بما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث المتشاركة في النيل الأزرق. من جهتها، قالت وزيرة خارجية السودان الدكتورة مريم الصادق، إن إثيوبيا تتجاهل تحذيرات الخرطوم الواضحة بشأن الملء الثاني الأحادي لسد النهضة، مشددة على أنه يجب تجنب صراعات لا طائل منها بسبب سد النهضة، مجددة دعوتها لاتباع نهج جديد وتوقيع اتفاق ملزم قانونا لتجنب سلبيات الماضي وأي صراعات جديدة. وأضافت أن إثيوبيا بتراجعها أهدرت 200 يوم من المفاوضات، داعية الاتحاد الإفريقي إلى قيادة جهود الوساطة والتيسير لتجاوز جمود المفاوضات والتوصل لاتفاق عادل وملزم لملء وتشغيل سد النهضة، مشددة على أن الصراع على الموارد هو المستقبل غير المرغوب فيه لإفريقيا. وقبل أسبوع، أدلى السيسي بتصريحات شديدة اللهجة، حذر فيها إثيوبيا من المساس بحق مصر في مياه النيل، مؤكدًا أن ذلك "خط أحمر" وسيكون له تأثير على استقرار المنطقة بكاملها، لا يتخيلها أحد، ما يشير إلى أن صبر مصر قد نفذ، وأن مطالب القاهرة حاسمة ولا تراجع عنها، فيما بدأ موقف الخرطوم متشددا ويقترب من القاهرة بعد الأضرار التي لحقت بالسودان خلال الملء الأول للسد العام الماضي دون اتفاق أو إخطار.