أكد مسؤولون وخبراء اقتصاد أهمية قرار إيقاف تعاقد الجهات الحكومية مع أية شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية ليس لها مقر إقليمي في المنطقة غير المملكة ، لانعكاس ذلك إيجابيا في تحفيز الشركات العالمية على الاستثمارات وتوفير الوظائف ، وزيادة تفاعلها مع الحراك الاقتصادي الكبير الذي تشهده المملكة باعتبارها أحد أكبر الاقتصادات العشرين في العالم ، وأكبر سوق في المنطقة ، وتقدمها في تنفذ رؤية 2030 الطموحة. وأشاروا في تصريحات ل "البلاد" إلى أن قوة الدفع للتنمية المستدامة المدعومة بأكبر عملية إصلاحات تشريعية لجذب الاستثمار ، توفر أفضل بيئة استثمارية ومحفزات كبيرة لنقل الشركات العالمية. وقال رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى د. فيصل الفاضل ل"البلاد" أهمية هذا القرار الحصيف الصادر من دولة عظمى يشكل اقتصادها أكبر اقتصادات المنطقة وصاحبة التأثير الكبير في أسواق الطاقة حيث تسير وفق خارطة طريق "رؤية 2030" الطموحة تهدف لجعل المملكة مصدرا اقتصاديا عالميا ومركزاً ومقراً للشركات العالمية في ظل تهيئة المناخ الاستثماري لعمل هذه الشركات . وقال إن هذه الخطوة الجريئة ستدعم المحتوى المحلي وتحفز المزيد من الاستثمارات وخلق الوظائف للمواطنين، كما سينعكس ذلك أيضا بالإيجاب على الشركات العالمية نفسها خاصة وأن المملكة قدمت محفزات كثيرة أمام الشركات التي تقدم على توطين صناعتها داخل أراضي المملكة ، موضحاً أن ذلك يعد جزءا تفصيليا من مسيرة مشوار المملكة التنموي والتكتيكي بالتوازي مع المفاوضات الحثيثة التي تجريها المملكة في سبيل الاستقطاب لكبريات الشركات العالمية لكي تتمركز اقليميا في أراضيها التي تشكل سوقا لمنتجات هذه الشركات مع عزمها تقديم المزايا الهائلة للعروضات الاستثمارية والفوائد لها. من جهته قال متحدث المستشار القانوني والمهتم بالجوانب الاقتصادية عبد العزيز فؤاد عسيري: إن هذا القرار مهم في ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد كما أن السوق السعودية من أهم الأسواق بالمنطقة، وذلك نظير ما تتمتع به من مزايا عديدة، كما يعد الاقتصاد السعودي أحد أكبر اقتصادات دول مجموعة العشرين وأكبر دولة عربية من ناحية الناتج المحلي ، وبالتالي سيساهم القرار بشكل كبير في زيادة الاستثمارات الأجنبية ورفعها إلى المستويات المطلوبة، وتحقيق مستهدفات التوظيف ، كما سيساعد القطاع الخاص في السعودية من خلال الاحتكاك بالخبرات القادمة على تطوير كافة الكوادر الشابة من النواحي الإدارية والصناعية. ويتفق الدكتور عبد الكريم مداوي استاذ المحاسبة بجامعة جازان، مع ذلك بقوله :إن هذا التوجه خطوة مهمة نحو دعم وتمكين فاعل للقدرات الاستثمارية في المملكة، بما يعزز من الأداء الفاعل للحراك الاستثماري، ويخلق في ذات الاتجاه أبعاداً وفرصاً جديدة في نمو المحتوى المحلي وتبادل الخبرات ونقل وتوطين التقنية، وتطوير كفاءات رأس المال البشري، كما أنه سيخلق طيفاً واسعاً من الوظائف. وأضاف أن المملكة تمضي قُدماً في التخطيط والتطوير المتواصل وفق محور اقتصاد مزدهر، والذي يعد من المحاور الرئيسية لرؤية المملكة 2030، التي أطلقها ويشرف على تنفيذ مستهدفاتها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، وحرصه المتواصل على توفير كافة الممكنات التي تضمن بيئات أعمال تسهم في التنوع الاقتصادي وتوفير فرص العمل وفتح آفاق جديدة، فالسعودية لديها الكثير من الممكنات التي تؤشر إلى قوة ومتانة الاقتصاد، وكذلك موقعها الجغرافي الاستراتيجي قريب جدا من الأسواق العالمية وهو ما يمثل مصدر قوة نحو استقطاب الشركات والاستثمارات العالمية. كما تحدث محمد ظافر الشهري مدير ادارة الحسابات في فرع البنك المركزي بعسير سابقاً ، فقال إن قرار عدم التعاقد الحكومي مع الشركات العالمية التي ليس لها مقر في المملكة، يعزز من سهولة إدارة التعامل، لاسيما أن المشتريات الحكومية والتعاقدات التوريدية في المنطقة هي لصالح السوق السعودي، مما يجعل من وجود مقر لها في السعودية أمرا محفزا على سرعة العمل والإنجاز ومعالجة أي تحديات. أما الشق الأكثر أهمية من الناحية الاقتصادية، فإن قرب مقر الشركة يقلص من سلسلة الإمداد زمنيا وماليا في ظل وجود بنية تحتية متطورة في المملكة من مطارات وطرق وغيرها من متطلبات العمل، بالإضافة إلى أن بقاء حسابات تلك الشركة في المصارف السعودية يمنح الاقتصاد السعودي حقا مشروعا في استفادة المصارف المحلية من قيمة تلك العقود المليارية والتي تذهب في صورة حوالات مباشرة إلى خارج الاقتصاد السعودي، ويظل الأمر اختياريا لأي شركة تود الالتزام بمتطلبات العقود الحكومية والشركات الحكومية في مقابل الفوز بعقود ضخمة وتحقيق المنافع المشتركة. كما أوضح خبراء في منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس أن القرار نابع من حرص المملكة على حماية المحتوى المحلي والثروة الوطنية وخلق المسار التنافسي الايجابي للمنتج السعودي وللموارد البشرية السعودية ، كون مشروع المملكة التنموي ليس لفترة معينة بالذات وانما لاستمرارية التقدم الاقتصادي على الخريطة العالمية ، مشيرين إلى أن ذلك سينعكس بشكل ايجابي على هذه الشركات اكثر بدخولها السوق المحلي بطريقة منتجة ومربحة اكثر وكذلك لتعزيز ودعم القدرة التنافسية للسوق المحلي في سبيل ولوجه المسرح العالمي بثبات ، حيث ان مستقبل المملكة يرتكز على ثروتها الحقيقية المحلية من مواردها البشرية وصناعاتها وكافة جوانب الرؤية الطموحة.