كعادتها، تسارع المملكة لرأب الصدع بين الأشقاء، وتسعى لنبذ الخلافات، لأجل تحقيق أمن واستقرار المنطقة، ما دفعها لتقريب وجهات النظر بين الحكومة اليمنية الشرعية، والمجلس الانتقالي الجنوبي عبر (اتفاق الرياض)، وتبعته بآلية لتسريع الاتفاق، ما أفضى إلى اتفاق يمني على تشكيل حكومة من 24 وزيرا بعد استيفاء كافة الخطط اللازمة لتنفيذ الشق العسكري والأمني. وأعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن أمس، أن "خطوات تنفيذ الشق العسكري لاتفاق الرياض بفصل وخروج القوات تسير حسب الخطط العسكرية"، مؤكدا أن "عملية فصل القوات في أبين وخروجها من عدن مستمرة، وتسير بإشراف من قوات التحالف"، مشددا على التزام وجدية الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي لتنفيذ الشق العسكري. ونوه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، بالجهود التي بذلتها المملكة لاستكمال جميع الترتيبات اللازمة لتطبيق آلية تسريع تنفيذ "اتفاق الرياض"، مؤكدا ترحيب المنظمة بإعلان استيفاء جميع الخطط العسكرية والأمنية اللازمة لتنفيذ الشق العسكري والأمني، وتأكيد إعلان الحكومة المشكلة فور اكتمال تنفيذ الشق العسكري وفي غضون أسبوع، مشيرا إلى أن المملكة بتوجيهات القيادة الرشيدة – حفظها الله – حرصت من خلال إقناع طرفي "اتفاق الرياض" بأهمية سرعة التنفيذ، على مساعدة الشعب اليمني لإنهاء الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية. فيما اعتبر مسؤولون وسياسيون يمنيون، أن جهود المملكة كبيرة للغاية في توحيد الصف اليمني لمواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران وتحقيق الاستقرار، وذلك من خلال المساعي الجارية لاستكمال كافة الترتيبات اللازمة لتطبيق آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض؛ إذ أكد وكيل وزارة الخارجية اليمنية للشؤون السياسية الدكتور منصور بجاش ل"البلاد"، أهمية الجهود التي تبذلها المملكة في تقريب وجهات النظر بين المكونات السياسية في الشرعية؛ من أجل توحيد الصف في مواجهة مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، منوها إلى أن "اتفاق الرياض" كان له أثر إيجابي كبير في لم الشمل اليمني. ولفت الدكتور بجاش إلى أن مبادرات المملكة تجاه اليمن وحكومته الشرعية لم تتوقف منذ المبادرة الخليجية عام 2011، مروراً بقيادتها لقوات التحالف لردع الحوثيين عندما سعت المليشيا للانقلاب على السلطة الشرعية بدعم من إيران، وحينها طلب الشعب اليمني تدخل المملكة لإنقاذ الشرعية والمؤسسات الدستورية، فلم تتردد، وقدمت بعدها مساعدات مختلفة للشعب اليمني عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. وتشكل المملكة مركز ثقل أساسيا في تحالف دعم الشرعية باليمن، وفقا لوكيل وزارة الإعلام اليمنية الدكتور نجيب غلاب، مؤكداً وجود ثقة يمنية كبيرة بالمملكة التي بذلت جهودا كبيرة من أجل استقرار اليمن، ومدت أياديها البيضاء بالعطاء لإخراج اليمنيين من الأزمة. وأشار إلى أن "اتفاق الرياض" نتج من حرص المملكة على جمع الأطراف اليمنية، وإعادة ترتيب البيت الوضع بما يقود إلى الاستقرار والبعد عن الخلافات لقطع الطريق على الحوثيين بتكوين قوة واحدة في مواجهة المشروع الإيراني في اليمن. وأكد مدير مركز المنبر اليمني للدراسات والإعلام أحمد الصباحي، أهمية الدور الريادي للمملكة في توحيد المكونات اليمنية المنضوية تحت مظلة الشرعية، مبينا أنها عملت جاهدة عبر "اتفاق الرياض" ثم الآلية التنفيذية لتسريع تنفيذ الاتفاق على توحيد الجهود اليمنية، لافتا إلى الجهود الكبيرة التي قامت بها السعودية، التي رافقها دعم مالي وتنموي ومباحثات لإقناع الأطراف اليمنية بالتوصل إلى اتفاق لما فيه مصلحة الشعب اليمني. وفي السياق ذاته، قال أستاذ الإعلام السياسي الدكتور عبد الله العساف: إن نصرة الأشقاء من العرب والمسلمين سياسة اتبعها ملوك المملكة مع الجميع دون استثناء؛ ومع دولة اليمن الشقيقة وشعبها الكريم بصفة خاصة، حيث تتميز العلاقات السعودية – اليمنية بأنها تقف على أرض صلبة من التاريخ العميق، لبناء دولة ذات استقرار لا تخضع لتدخلات أجنبية، تحاول إيران فرضها عبر الحوثيين. وأردف قائلاً: "انطلاقاً من هذه المبادئ والقيم الإسلامية والعربية الأصيلة وقفت المملكة مع اليمن في مواجهة الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني المتطرف، وساندت حكومته الشرعية سياسياً وعسكرياً، وعملت على إخراج اليمن من أزماتها الأمنية والمالية والاقتصادية، والصحية، وطالبت المجتمع الدولي بدعم شرعيتها السياسية وتأييد عودتها الكاملة للأراضي اليمنية لممارسة سلطاتها المشروعة، ولتحقيق هذا الهدف تم تشكيل التحالف العربي، وبعده جاء اتفاق الرياض ثمرة جهود دبلوماسية مضنية لفتح صفحة جديدة يطوى فيها الماضي بين الأشقاء وينظر فيها للمستقبل الواعد، والعمل مع التحالف العربي؛ من أجل استكمال ما تبقى من أجل عودة الحكومة الشرعية لممارسة صلاحياتها، وبسط نفوذها على كل شبر في الأرض العربية اليمنية". ونوه العساف إلى أن توصل الأطراف والمكونات اليمنية إلى تفاهمات نهائية لإتمام آلية تسريع تنفيذ "اتفاق الرياض" بشقيه العسكري والسياسي يعد مكملاً لما تحقق من نجاحات في الفترة الماضية، شملت إعلان المجلس الانتقالي إلغاء الإدارة الذاتية في الجنوب، وصدور قرار رئيس الجمهورية بتعيين محافظ ومدير أمن جديدين لمحافظة عدن وتعيين رئيس وزراء، وبدء تشكيل حكومة جديدة، مؤكداً أن المجتمع الدولي يعول على تنفيذ آلية تسريع تنفيذ "اتفاق الرياض" لتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن. وتابع "هذا النجاح يأتي استمرارا لدور المملكة التنموي في اليمن، بالتوازي مع الدور السياسي والعسكري لتحقيق الاستقرار والتنمية والعيش الكريم للمواطن اليمني".