مات عبد السلام الساسي دون أن يحظى بتكريم جيله، ولا الاجيال اللاحقة، مع حقّه في أن يبقى اسمه مخلداً على الأقل في الأوساط الثقافية، وعلى وجه الخصوص نادي مكة الثقافي، الذي كان - يرحمه الله - أحد بُناته. ويوم مات قبل أكثر من ربع قرن، شعر الكل بالأسف مرّتين: مرة لفقده، فقد كان من ظرفاء مجتمع مكة المحبين، ومرّة لأنه حين غادر الدنيا أخذ معه جانباً كبيراً من تاريخ حياتنا الأدبية، كان وحده يحفظه، وكان وحده مَن يستطيع تدوينه ونشره. لماذا أكتبُ عن عبد السلام الساسي اليوم؟ والجواب: لشعوري بأن الكل قصّر في حقّه. حتّى أزقة مكة لم أجد زقاقاً منها يحمل اسم عبد السلام الساسي. وكانت مكة تعيش في وجدانه على الدوام، ليرحمه الله. محمد عمر العامودي أبناء الخال والعمومة؟ وكيف لأكثرنا وقتها أن يخطط لزيارة بلدان عربية وقريبة أو بعيدة ونحن حينها نعد الأيام والليالي كي نظفر برؤية الوجوه المنتظرة طويلاً لقدومنا في الصيف؟ لعله من سوء حظ مسؤولنا الكريم، صاحب فكرة زيارة البلاد العربية المجاورة كي ندرك "نعمة" مانحن فيهه، أن البعض منا اليوم يزور بلدانا عربية قريبة وبعيدة ويشهد فارقاً كبيراً في "التنمية" لصالح بعض البدلان ذات المداخيل المحدودة، فوارق واضحة في خدمات الطرق والقطارات والمطارات والموانئ! هأنذا اليوم أبوح بأمنية لصديقي جمال: ليتني أستطيع توجيه النصح لذات المسؤول الموقر: هل يسافر معاليكم اليوم لبعض البلاد العربية - بما فيها غير النفطية - كي تشاهد بنفسك الفارق الكبير في نوعية الطرق وخدماتها ونظافتها؟ هل لك أن تسأل - بضمير المسؤولية- لماذا صرنا نطلق على أغلب طرقنا الرئيسية وصف "طريق الموت"؟ وكم هو عدد ضحايا "طريق الموت" الذي هو في الغالب كل طريق نسلكه اليوم في بلادنا؟ هل يجرب معاليكم القطار بين المدن المغربية أو يسافر جواً كي ترى الفوارق بين مطاراتنا ومطاراتهم؟ لعلي نسيت أن أذكر معاليه أن مطاراتنا التي أقصدها هنا ليست "الصالة التنفيذية" وما شابهها!! سليمان الهثلان في لندن.. لايفّوت سالم، وهو الطالب الجامعي، أي زيارة للمركز دونما التبرع بكل رضا ومن تلقاء ذاته بمبلغ مالي يدعم به صندوق المعهد، دلالة على انجذابه لقيمة المركز ووظائفه. إن العلاقة الحميمية التي كوّنها مع المركز، والأثر الذي نفذ إلى قلبه وعقله بيسر وسهولة، يتجاوز منطق الحدود الواهمة أو الانتماءات الضيّقة. ماذا عن نادي جدة الأدبي؟ يشيح سالم برأسه، يجفل عن الإجابة، في موقف يفيدك بأنه "لن يعتّب قُرب بوابته، مرة أخرى"!حقاً.. فرقٌ عظيم بينتحريك الصخور، وإثارة التراب.