ما أن منح البرلمان العراقي الثقة لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إلا وبدأت المليشيات المدعومة من إيران في الارتباك، والشعور بأن الهيمنة الفارسية تمضي للانحسار شيئا فشيئا، خاصة وأن الكاظمي ضد تدخلات الملالي في شؤون بلاده ويريد لها التوازن والبعد عن سياسة المحاور كما ذكر في حديث سابق، ما يشعر طهران بالخطر، لذلك رفض حزب الله العراقي الموالي لإيران الكاظمي، في أول رد فعل معلن على تمرير حكومته بالبرلمان. ويشير مراقبون إلى أن وصول الكاظمي إلى سدة الحكم يترجم تراجع الزخم والهيمنة الإيرانية في العراق، مدللين بأن "حزب الله" أكثر الميليشيات العراقية خضوعا لنفوذ الملالي في البلاد، وسبق للحزب أن وصف تكليف رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة بأنه "إعلان حرب"، داعيا القوى السياسية والشعبية في البلاد إلى رفضه، غير أن الأحزاب المستقلة لم تأبه لحديث حزب الله واختارت الوقوف إلى جانب الكاظمي وحكومته. وترى ميليشيات "حزب الله" العراقية، المصنفة إرهابية من واشنطن، وتدير نشاط الميليشيات الموالية لإيرانبالعراق، أن الكاظمي له تأثير في عملية مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني التي جرت مطلع العام الجاري عبر غارة أمريكية، وكذلك مقتل مهدي المهندس مؤسس ميليشيات حزب الله العراقية بدعم وتمويل إيراني عام 2003. ولم تصدر بقية الميليشيات العراقية الموالية لإيران حتى الآن موقفا مناهضا لحكومة الكاظمي غير أن رأسها "حزب الله" يتحرك بقوة لإجهاض سياسات الحكومة، باعتباره الخاسر الأكبر من تسمية الكاظمي رئيسا للوزراء، في وقت، تحظى الحكومة الجديدة بترحيب دولي وإقليمي، ما يمنحها ميزة في تنفيذ تعهداتها بحصر السلاح في يد الدولة، لتحجيم نفوذ إيران وميليشياتها التي استولت على جزء كبير من القرار الأمني والسياسي والاقتصادي في العراق. إلى ذلك، رحب أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، وحصولها على ثقة مجلس النواب، ودعا إلى الإسراع في استكمال التشكيلة الوزارية، لكي تتمكن الحكومة الجديدة من مواجهة التحديات الراهنة وتلبية التطلعات المشروعة التي ما زالت جماهير الشعب العراقي تطالب بها منذ أكتوبر من العام الماضي. وأكد أبو الغيط في رسالة تهنئة الى الكاظمي، استمرار الجامعة العربية في دعم العراق واستعدادها للتعاون مع الحكومة الجديدة في كل ما من شأنه أن يحفظ للعراق وحدته واستقراره، ويمكنه من النهوض من الوضع الصعب الذي يمر به في الفترة الأخيرة. فيما رحب الاتحاد الأوروبي، أمس، بمنح الثقة لحكومة الكاظمي، مؤكدا دعمه لها من أجل عراق سلمي مزدهر وديمقراطي. وقال الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيب بوريل، إن التكتل الموحد مستعد لدعم الحكومة العراقية الجديدة. ولفت إلى أن "عملا مكثفا وتحديات صعبة لتلبية الاحتياجات الاقتصادية والصحية والأمنية الملحة للشعب العراقي ينتظر الحكومة الجديدة". وأجريت مراسم الاستلام والتسليم للمسؤولية والحقائب الوزارية بين الحكومتين "المستقيلة والجديدة" في القصر الحكومي، مساء الخميس، بحضور مصطفى الكاظمي وعادل عبدالمهدي والوزراء في الحكومتين، بينما يباشر الوزراء مهامهم وصلاحياتهم الجديدة غدا (الأحد)، وهو أول يوم دوام رسمي في العراق. وقال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي: "إننا أقسمنا على أن نحمي هذه الدولة وتوفير الطمأنينة للمواطنين وتوجيه رسالة لهم بأن هذه الحكومة ستعمل على توفير سبل الحياة الكريمة" مشيرا إلى "حرصه على الحفاظ على الإنجازات المتحققة والتعاون لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والصحية التي تواجه البلاد".