تحولت تركيا في عهد أردوغان إلى سجن كبير لكل المخالفين لتوجهات السلطان العثماني الجديد، فبعد حملات اعتقال واسعة للأتراك عقب الانقلاب المزعوم منتصف يوليو عام 2016، يشن أردوغان الآن حملات جديدة لاعتقال منتقدي غزوه لشمال سوريا، آخرها ما أعلن عنه، أمس السبت، عن اعتقال 46 شخصًا عارضوا عمليته العسكرية المسماة"نبع السلام" عبر "مواقع التواصل الاجتماعي". وذكرت وسائل إعلام أن قوات الأمن التركية اعتقلت 46 شخصًا في مدينة أضنة جنوب شرق البلاد، على خلفية انتقادهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي التوغل التركي في سوريا، ووجهت إليهم السلطات اتهامات بالتحريض على الكراهية وإهانة الدولة التركية. وكانت تركيا قد اعتقلت 121 شخصًا الشهر الماضي للسبب نفسه، بالإضافة إلى التحقيق مع 500 آخرين، حسبما أعلنت وزارة الداخلية التركية، التي هددت بالمزيد من الاعتقالات. وطالت حملات الاعتقال أعضاء من حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد ثالث أكبر أحزاب البلاد، وأعلن عن اعتقال رؤساء بلديات ينتمون له بعد إقالتهم، بسبب مواقفهم المعارضة لسياسات أنقرة وخاصة عدوانها على الأراضي السورية. اعتراف رسمي وكان وزير داخلية أردوغان"سليمان صوليو" قد اعترف، يوم الخميس الماضي، بأرقام صادمة عن أعداد المعتقلين في تركيا، مؤكدًا أن: " 42 رئيس بلدية من بين 94 رئيس بلدية، حكم عليهم بالسجن بمجموع 286 سنة، تم اعتقال 19 منهم، و59 آخرين تجري محاكمتهم دون اعتقال، بينما صدرت مذكرات ضبط في حق 8 آخرين". وأقر"صوليو"أنه تم فتح تحقيقات منذ انقلاب 15 يوليو 2016 مع ما مجموعه 559 ألفًا و64 حتى نوفمبر 2019، وأن السلطات التركية ألقت القبض على 261 ألفًا و700 شخص بتهمة التورط في محاولة الانقلاب، وأصدرت بحق 91 ألف و287 منهم قرارات اعتقال. انتقادات دولية وتشهد حالة حقوق الإنسان والحريات في تركيا تراجعًا مخيفًا خاصة بعد الانقلاب العسكري المزعوم منتصف 2016، حيث أحكمت الأجهزة التركية قبضتها الحديدية ومارست اشكال متعددة من القمع لترهيب كافة الحقوقيين والنشطاء والصحفيين والمحاميين وبرلمانيين وأعضاء بلديات منتخبين معارضين لحكم أردوغان وسياساته. وتفيد آخر التقارير الدولية إلى وجود أكثر من ربع مليون مواطن تركي في السجون لتصبح تركيا ثاني أكبر دولة بالعالم بعدد المعتقلين، بالإضافة لقضايا التعذيب، الأمر الذي دعا المقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب للتطرق صراحة لهذه المسائل وتوجيه انتقادات حادة للسلطات التركية. وكانت أنقرة قد شنت في 9 أكتوبر الماضي عملية عسكرية شمال سوريا، بهدف"حسب زعمها" تقويض "وحدات حماية الشعب" الكردية.