من عمق التاريخ والتراث والتفاصيل الصميمة تنهض الدرعية شامخة وتعلن عن وجهها المضيء لتكون واجهة سياحية في المملكة، ورافدا لاستقطاب السياحة ونبراسا يعيد حياة الأجداد، وإتساقا مع ذلك تحتفل الدرعية يوم غد الثلاثاء بالتدشين الرسمي، لتكون وجهة سياحية عالمية تركّز على الثقافة والتراث. وتقع الدرعية شمال غربي العاصمة الرياض، ويعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر للميلاد، وتمثّل أهمية تاريخية بارزة كونها مهد انطلاق الدولة السعودية الأولى وموطناً لأسرة آل سعود ورمزاً لجمال وكرم المملكة العربية السعودية وشعبها الأصيل. ويقع في الدرعية حي الطريف، الذي يعد أحد أهم المواقع الأثرية في المملكة والمدرج على قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو منذ العام 2010، وحي البجيري التاريخي، ويواجه المعلمان بعضهما البعض على الجانبين المقابلين لوادي حنيفة، مما يوجد وجهةً لا مثيل لها لمن يبحث عن استكشاف التراث والتاريخ السعودي عن كثب وتجربة أسلوب الحياة التراثية في المملكة. ويأتي وضع حجر الأساس في الوقت الذي ترحّب فيه المملكة بزوّارها من جميع أنحاء العالم، وتأكيداً على أهمية الدرعية كأيقونة ثقافية عالمية، وواحدة من أعظم أماكن التجمع في العالم. وسيشكّل الاحتفال تدشيناً رسمياً لمشروع "بوابة الدرعية"، التي تعد وجهةً ومقصداً سياحياً وثقافياً واجتماعياً للمملكة. مشروع ضخم وسيصبح المشروع الضخم، الذي يمتد على مساحة سبعة كيلومترات مربعة، واحداً من الوجهات الثقافية والاجتماعية بطابعٍ تراثي وثقافي في المملكة حيث يضم مجموعة متنوعة من المتاحف والمعارض، إضافة لتشكيلة من التجارب الثقافية والتعليمية، ومضمار سباق للفورمولا – أي، ومساحات تتسع ل 15000 مقعد، كما ستضم أكثر من 20 علامة تجارية فاخرة رائدة عالمياً في عالم الضيافة، بما في ذلك منتجعات "أمان" التي ستحظى بإطلالات خلاّبة على المناطق التاريخية. وتسعى "بوّابة الدرعية" بأن تكون عامل جذب للسعوديين والسيّاح من حول العالم الذين يبحثون عن تجارب أصيلة وثقافية تحتفي بالتاريخ والإرث الثقافي الغني للمملكة، كل تلك المزايا ستجعل من بوابة الدرعية مكاناً مفعماً بالحياة ليلاً ونهاراً. قصة أمة وسبق وأن أوضح الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية جيري انزيريلو، أن الاحتفاء سيكون فريداً من نوعه وغير مسبوق، لأن الدرعية لا مثيل لها، وقال: "إن هذا المكان وحده يمكنه أن يروي قصة أمّة، ويُلهم أجيالاً قادمة تحقيقاً لتطلعات القيادة وتماشياً مع رؤية المملكة 2030، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وأنا فخور بقيادة فريق عمل من الطراز العالمي في تطوير هذا الموقع التاريخي الذي سيصبح رمزاً ثقافياً عالمياً، وواحداً من أعظم أماكن التجمع في العالم". وجهة عالمية وأضاف: "نخطط لبدء العمل في "بوابة الدرعية" في شهر يناير من العام المقبل 2020، وستكون بوابة الدرعية الوجهة العالمية الجديدة للثقافة والتراث ونموذجاً عصرياً لأسلوب حياة في الرياض وموطناً للعلامات التجارية الفاخرة مضافاً إليه أكثر من 100 مقهى ومطعم". وأكد أنه من المهم أن يكون السعوديون هم المحرك الأساسي وراء نجاح حفل تدشين "بوابة الدرعية" كونه الموطن الأساسي للأمة السعودية، عبر إسهاماتهم في تصميم وتنفيذ هذا الاحتفال الكبير كرمزٍ للفخر بتراث أجدادهم. وأعرب عن سعادته بالشراكة مع الهيئة العامة للرياضة باستضافة العديد من الفعاليات الرياضية والترفيهية الكبرى التي ستقام خلال الأسابيع المقبلة في موسم الدرعية كسباق الفورمولا إي ونزال الدرعية التاريخي، لافتا إلى أن العمل سيبدأ على أرض الواقع العام القادم 2020. عقب اعتماد ثلاثة مخططات تفصيلية لتطوير الدرعية من أبرزها حي الطريف التاريخي، كما أن سياحة الدرعية ستكون متاحة خلال الأشهر المقبلة. وأكد جيرارد أن الدرعية مهمة لأنها تمثل جذور المجتمع والمملكة، وهي الشجرة التي تظل المنطقة بالكامل وتستمد قوتها من جذورها، وهي نقطة جاذبة للسعوديين لربطهم بحضارتهم وتاريخهم الكبير، كذلك ستصبح الدرعية نقطة أساسية يمكن السعوديين من الترحيب بضيوفهم من المملكة وخارجها وتعريفهم بحضارتها وتاريخها، الدولة لا تجعل الشعب عظيم، لكن عظمة أي دولة هي من شعبها. 3 مخططات ويتطرق الرئيس التنفيذي لمراحل العمل في المشروع، قائلا: «عرضنا ثلاثة مخططات مبدئية لمشروع الدرعية على ولي العهد رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية، هناك مخطط شامل للدرعية، كالمنطقة التي تحيط بموقع التراث العالمي، وهي حي الطريف المسجل في اليونيسكو، ونعتبرها الجوهرة، وهناك وادي حنيفة التاريخي، وأيضاً وادي صفار الذي سيقام فيه مشروعات سكنية ودور ضيافة، لذلك طرحنا منافسة عالمية تشمل المملكة وكافة دول العالم لإنشاء تصاميم هندسية أخاذة لتقديم تصورات عن المنطقة وتصاميمها المعاصرة ترتبط بالدرعية». وأوضح أن المخطط الشامل للمرافق العامة الخاص بالدرعية في إطار الإعداد النهائي، مشيرا إلى افتتاح كامل حي الطريف التاريخي المسجل في اليونيسكو وسيكون مهيأ لاستقبال السياح . توظيف الشباب يتحدث الرئيس التنفيذي عن الشباب والمجتمع المحلي في الدرعية، حيث يؤكد أن إحدى ركائز الرؤية هو إتاحة الفرصة أمام السعوديين لرسم مستقبلهم والمشاركة فيه، مشيدا بالقيادة السعودية للعديد من البرامج لابتعاث الشباب للخارج للعودة بدرجات عالية والحصول على أعلى معايير التعليم. ويشير إنزيريو إلى أن المجتمع في الدرعية يحمل الأولوية في مشروع تطوير الدرعية، لافتا إلى أن 11 % من موظفيهم هم من سكان الدرعية، وعن الشباب السعوديين فإن نسبة السعوديين تفوق 80 % في الهيئة، وأكثر من 30 % منهم من النساء السعوديات. وتوقع أن يفتح مشروع تطوير بوابة الدرعية ما يصل إلى 55 ألف وظيفة، في وظائف مباشرة وغير مباشرة بحلول 2030، من ضمنهم موظفي هيئة تطوير بوابة الدرعية الذي سيتضمن نحو 200 مبنى يخدم كافة الأنشطة والفعاليات والجهات. الدرعية روح السعوديين ويصف الرئيس التنفيذي الدرعية بروح السعوديين، يقول إنها تمثل أمتهم الكبيرة،ولدينا منطقة 3.5 كيلومتر مربع سيكون التنقل فيها مشياً، ولن يسمح للسيارات بالدخول إليها، يمكنك المشي بين جنبات وادي حنيفة الجميل، وسنقدم المئات من الفعاليات المستمرة طوال العالم من الفنون والثقافة والتراث للاحتفال بالأصول والتراث السعودي، كذلك الحرف والمطاعم والمقاهي والأطعمة والمشربات، وستوفر الدرعية بشكلها الجديد قرابة 13 فندقاً على الطراز العالمي». متحف إسلامي وتعد المتاحف أحد أبرز مقرات الجذب السياحي، ويقول إنزيريو إن الدرعية ستحتضن أكبر متحف إسلامي في العالم تم الإعلان عنه خلال إطلاق رؤية السعودية 2030، مشيرا إلى أنهم سيكونون «أعظم رواة قصص للتاريخ»، كذلك بالاحتفاء بكل هذه المكونات وإعادة إحياء هذه المناطق بطريقتها التي كانت عليها في السابق في مراحل الدولة.