الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز يصادف يوم الجمعة القادم الذكرى السنوية الرابعة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وتوليهما مقاليد الحكم في هذه البلاد المباركة، حيث توافد الجميع بمختلف الأعمار ومن شتى المناطق لمبايعتهما على السمع والطاعة وتحت راية التوحيد التي جعلتها المملكة شعارا واساسا لدستورها ورمزا لكيانها، فقدم هذا المجتمع صورة صادقة لقوة الترابط بين القيادة والمواطن، وفق منهج تحكمه القواعد الشرعية الثابتة، على اساس ان البيعة من اصول الدين بما تمثله من تحقيق لمصالح الامة، وترسيخ للاستقرار والامن، وحفظ للنظام العام، ووسيلة لتطبيق شرع الله. وعندما نستعرض هذه البيعة انما نتذكر تلك الجهود المباركة التي بذلها خادم الحرمين الشريفين في سبيل الاصلاح والتنمية، حيث مضت اربعة اعوام على تسلمه - حفظه الله - مقاليد الحكم حافلة بالانجازات الضخمة، والعطاءات السخية، والمبادرات المتواصلة، والقرارات الاصلاحية المتسارعة، واستطاع من خلالها ان يملك قلوب الجميع ليس على المستوى الداخليث فقط، وانما على المستوى الخارجي ايضا حيث ادرك العالم تلك الصفات الانسانية والدعوات الصادقة التي اطلقها - حفظه الله - بهدف تحقيق السعادة للبشرية، اذ لم تأت هذه المحبة وهذا الشعور عن طريق القوة العسكرية او الخطب الثورية او الردود الانفعالية، وانما اتت من تلك العفوية والصدق اللذان تميز بهما خادم الحرمين الشريفين. لقد حفلت تلك السنوات الماضية بالعديد من الانجازات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن، تمثلت في تلك القرارات الاصلاحية المليئة بالعطاء المتوازن على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وكأنه يحمل هموم امته لوحده، فيسعهدم كل يوم بقرار اصلاحي، او باضافة لبنة في مسيرة التنمية، بدءاً من حرصه المتواصل على تحقيق رفاهية المواطن بزيادة دخله عن طريق رفع مستوى الاجور، او عن طريق تخفيض الاسعار بزيادة الاعانات، وتنمية المجال الاستثماري من خلال انشاء المدن الاقتصادية، واستقطاب رأس المال العالمي للمشاركة في عملية البناء المتسارعة. عندما نتحدث عن هذا القائد العظيم فانما نتحدث عن الرجل الانسان الذي يتدفق مشاعر من الحب والعطاء، وبابتسامته التي لا تفارقه، وتواضعه الجم، وبساطته التي يشعر بها كل من رآه، كما نتحدث عنه كمسؤول حمل على عاتقه هموم البناء، فأنشأ العديد من الجامعات بمختلف التخصصات ليضع حداً لهجرة سكان المدن والقرى البعيدة، وجعلهم ينهلون من العلم وهم بين اهليهم وذويهم دون عناء، كما فتح المجال واسعا للبحث العلمي والدراسات العليا، حتى وصل عدد المبتعثين الى رقم قياسي، بالاضافة الى سعيه المتواصل في تحديث المناهج وتحقيق اكبر نهضة اقتصادية في المنطقة. إن المطلع المنصف يدرك ان تلك السنوات الأربع الماضية مليئة بالعطاء المتوازن، وانها كما حملت الهم الداخلي فهي تحمل الهم الاسلامي والعربي والعالمي، حيث سعى جاهدا الى جمع اقطاب القضية الفلسطينية للاجتماع في بيت الله الحرام بمكة المكرمة وحثهم على وضع اسس الاصلاح والتوافق بينهم، كما كان عقد القمة العربية في الرياض للتأكيد على وحدة العرب، ثم استضافت المملكة وبجهود شخصية منه - حفظه الله - خمس مفاوضات للسلام شملت كلا من العراق، فلسطين، السودان، تشاد، لبنان، ثم جاءت مبادرة السلام العربية التي اعلن عنها ولقيت تأييدا دولياً من مختلف دول العالم، ولم يتوقف عن هذا الحد، بل سارع الى ايجاد مساحة للتوافق بين شعوب العالم من خلال مبادرة ما عرف بحوار الاديان، الذي يمثل منهجا علميا للتقارب بين الامم والثقافات على اساس من التعاون المتبادل، واحترام حقوق الانسان، واستجاب لهذا النداء معظم دول العالم، وتوج ذلك باجتماع مدريد 2009م ليضع البناء السليم لتحقيق المصالح المشتركة بين بني البشر. واذا كانت الانجازات المتلاحقة تتوالى في كل اتجاه، فان الواقع يفرض علينا ان نشير ولو بشكل سريع الى تلك التنمية الشاملة التي تجاوزت فيها المملكة السقف المعتمد للاهداف التنموية التي حددها اعلان الاممالمتحدة عام 2000م فتضاعفت في عهده الجامعات من ثمان الى عشرين جامعة، بالاضافة الى انشاء العديد من الكليات والمعاهد التقنية والصحية، كما وجه - حفظه الله - بتخصيص ثمانية الاف مليون ريال من فائض الميزانية للاسكان الشعبي ليصل الرقم المخصص لهذا المجال عشرة آلاف مليون، كما وجه بزيادة رأس مال صناديق التنمية لدعم ذوي الدخل المحدون، الى دانب زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي وتلمسه الدائم لحاجات ابناء المواطن والوقوف على احوالهم. اما في المجال التنظيمي فلم يأل جهدا في نقل هذه البلاد الى مصاف الدول المتقدمة حيث دشن - ايده الله - مشروع التعليم العام بمراحله الست وبتكلفة (تسعة) مليارات ريال، ثم نظام القضاء بتكلفة (سبعة) مليارات ريال، كما قام بوضع حجر الأساس للعديد من المدن الاقتصادية الجديدة في كل من جدة، المدينةالمنورة، حائل، تبوك، رابغ، جازان، بشكل يستهدف انعاش اجزاء كبيرة من المملكة، وتوفير آلاف فرص العمل للمواطنين. وفيما يخص منطقة المدينةالمنورة فالكل يعلم حرصه- أيده الله- على متابعة تنميتها، ووقوفه الشخصي على المنجزات التي تتم فيها، ومشاركته أهلها في كل ما يمس حياتهم، ولعل متابعته لأوضاع أهلنا في العيص خير مثال، كما تمثلت تلك الانجازات عندما دشن عام 1429ه مدينة المعرفة بما ستجلبه من استثمارات تصل إلى نحو «ثلاثين» مليار ريال، وتعد واحدة من أكبر المشروعات الاقتصادية، ولعل أهم المآثر ما صدر مؤخراً يوم 16-6-1430ه بتوسعة الحرم النبوي الشريف من الجهتين الشرقية والغربية بمساحة اجمالية تصل إلى ما يقارب «190.000» متراً مربعا تكفي لاستيعاب ما يزيد على «300» ألف مصلي، وستعطي هذه التوسعة اضافة ايجابية للوضع الاقتصادي للمدينة من خلال زيادة رأس المال الاستثماري وتنوعه، كما ستضيف بعدا حضاريا للمنطقة المركزية بوصفها محط انظار العالم، وأن الانسان ليسعد عندما يلمس اثر هذا القرار في وجوه أهل المدينة الذين تلقوه بكل اعتزاز، رافعين أكف الدعاء للمولى عز وجل أن يحفظ لهم خادم الحرمين الشريفين وان يجعل ما قدمه لهذا البلد المبارك في ميزان حسناته.إن خادم الحرمين الشريفين من خلال الانجازات التي تحققت في عهده يدرك أن البناء الداخلي ودعم التنمية هو بداية الحضور في العالم المعاصر، وقد تحقق ذلك بالفعل من خلال هذا التحول الجذري نحو البناء في اطار رؤية تخاطب المستقبل انطلاقا من معرفة الحاضر والتفاعل مع معطياته في جو من الحوار المتسم بالصدق، بعيداً عن الارتجال. وفي هذه الذكرى المباركة لا يسع المرء إلا أن يعرب عن ارتياحه، ويطمئن بأن ولاة امر هذه البلاد يسيرون - بحمد الله وفضله- في الاتجاه الصحيح، وأننا أمام هذه القفزات السريعة في البناء والتطوير مدعوون جميعا للمشاركة في مواجهة التحديات الضخمة، فالبلد بحاجة إلى ترابطنا جميعا أمام أي معوقات تحد من قدرتنا على التقدم في مسيرة البناء، على اعتبار أن كل مواطن مسؤول عن مستقبل بلاده والحفاظ على مكتسباته، والاحتفاء بمثل هذه المناسبة سيتحقق بصورة أكبر من خلال رعاية مشروعات هذا القائد العظيم واستثمارها كما ينبغي، وبذل المزيد من الجهد في سبيل تحقيق اهدافه في ايجاد مجتمع متسامح، ومحب للآخر، وداع للحوار، ومناد للشراكة مع العالم الخارجي، ومحارب للتطرف بجميع اشكاله وصوره، ونابذ للفساد، ورافض للإرهاب، لأنه متى تحقق ذلك نكون قد وفينا لولي الأمر حقه، واستجبنا لتطلعاته، وكرمناه كما ينبغي، وأدينا له حقه، وواجبات البيعة له.حفظ الله بلادنا من كل مكروه، وأدام لنا عزنا، وحفظ لنا قائد مسيرتنا وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني، وأمد الله في أعمارهم ليواصلوا العطاء لهذا الوطن الغالي. وبالله التوفيق