وسط أجواء ملبدة بالغيوم، ومشحونة بالتوتر فرضت نفسها على جلسة وفدي المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير بالسودان، والتي امتدت لأكثر من 12 ساعة، قبل أن تنتهي بتوقيع اتفاق بالأحرف الأولى على وثيقة "الإعلان السياسي". وقع قادة الاحتجاج والمجلس العسكري بالأحرف الأولى على وثيقة الاتفاق السياسي التي تحدد أطر مؤسسات الحكم، وهو مطلب رئيسي للمحتجين منذ إطاحة الرئيس عمر البشير في أبريل الماضي. ويشمل "الإعلان السياسي" الذي وقعه الطرفان، بعد محادثات مكثفة ليلا لإنجاز التفاصيل، 22 بندا تستعرضها 6 فصول، تنص على "المبادئ المرشدة"، و"الترتيبات الانتقالية" و"المجلس التشريعي"، و"لجنة التحقيق"، و"مهام المرحلة الانتقالية"، و"المساندة الإقليمية والدولية". واتفق الطرفان على غالبية النقاط الخلافية في الإعلان الدستوري، خصوصا المسائل المتعلقة بحصانات أعضاء مجلس السيادة. وتبقى الخلاف حول سلطة تعيين القضاة والنائب العام، حيث يرى المجلس العسكري أن تؤول لمجلس السيادة، بينما تتمسك الحرية والتغيير بأن تكون لمجلس الوزراء. ومن المنتظر أن يجتمع الطرفان، مساء اليوم الخميس، لحسم ما تبقى من النقاط الخلافية حول وثيقة الإعلان الدستوري، على أن يكون التوقيع النهائي الأسبوع المقبل. وشمل الإعلان السياسي، الذي وقعه المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، وتأسيس شراكة حقيقية لإدارة المرحلة الانتقالية. ونص الإعلان السياسي على تخصيص الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية لقضية الحرب والنزوح ومعالجتها. كما نص على أن تكون الفترة الانتقالية مدتها 39 شهراً من تاريخ توقيع الاتفاق منها 21 شهراً، تكون فيها الرئاسة للعسكريين و18 شهراً تكون الرئاسة لمدني تختاره قوى إعلان الحرية والتغيير. وقضي كذلك بتشكيل مجلس سيادة من 11 عضوا 5 للعسكريين ومثلهم مدنيون، وشخصية وطنية مستقلة مكملة، وتشكيل مجلس وزراء تختار رئيسه قوى إعلان الحرية والتغيير. ووفق الاتفاق، فإن رئيس الوزراء يقوم باختيار وزراء لا يتجاوز عددهم العشرين بالتشاور مع قوى إعلان الحرية والتغيير. ونص على تأجيل تشكيل المجلس التشريعي لفترة أقصاها 3 أشهر، مع تمسك قوى إعلان الحرية والتغيير بالنسب المتوافق عليها سابقاً، وطلب المجلس العسكري مراجعة هذه النسب. هذا فيما لم يستطع الوسيط الإثيوبي محمود درير تمالك دموعه على الهواء مباشرة، عندما تحدث عن أصالة شعب السودان وأحقيته في أن ينعم بالسلام والاستقرار، وقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد وساطة إنهاء الأزمة. وظل درير مبحوح الصوت من البكاء طوال كلمته التي ألقاها عقب جلسة المحادثات وتوقيع وثيقة الإعلان السياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير. وقال: "يجب أن يخرج شعب السودان من الفقر، وسجل الدول الراعية للإرهاب"، داعيا المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى العمل ككتلة واحدة خلال الفترة الانتقالية. بدروه قال المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، دونالد بوث، إن واشنطن تتطلع لإبرام الإعلان الدستوري خلال محادثات الجمعة وهنأ بوث، وفق بيان للسفارة الأمريكية في الخرطوم، كافة الأطراف السودانية على توقيعهم اتفاقا بالأحرف الأولى على وثيقة "الإعلان السياسي" بشأن تشكيل هياكل ومؤسسات الحكم في الفترة الانتقالية .وأضاف: "نتوجه بامتناننا الي الاتحاد الأفريقي والوسطاء الإثيوبيين لدورهم الفعال ومثابرتهم". وفى السياق رحب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين باتفاق المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير بالسودان على إنشاء هياكل ومؤسسات الحكم في الفترة الانتقالية لقيادة البلاد في الفترة الانتقالية. ودعا العثيمين في بيان المجتمع الدولي لتقديم كافة أشكال الدعم للسودان في هذه المرحلة الانتقالية ليعم السلام المستدام والأمن جميع ربوعه، كما ثمن الدور الفاعل للوساطة وللأطراف الإقليمية والدولية التي ساهمت في إكمال هذه العملية السياسية ودعم السودان للخروج من الأزمة التي مر بها.