وفقاً لآخر تقرير عالمي للغرق ، اصدرته منظمة الصحة العالمية ؛ فإن الغرق يأتي ضمن أهم خمسة مسببات للوفاة لدى الأطفال ممن هم أقل من الخامسة عشرة في العمر ، حيث تقدر أعداد من يموتون غرقا في هذه الفئة العمرية ، بما يفوق على 140 الف طفل سنوي حول العالم. وبعد أيام معدودات ، يحتفل المسلمون بعيد فطرهم ، بما يكتنف ذلك من مظاهر الفرح ، وتبادل الزيارات ، وتجمع الأسر والعوائل في الاستراحات التي يحتوي أكثرها على مسابح للكبار والصغار على حد سواء. ولا يكاد ينقضي عيد ، دون أن تتاخم أسماعنا حوادث مؤسفة ، لأطفال قضوا نحبهم غرقا ، بما يخلفه ذلك ، من عواقب نفسية وخيمة، على والديهم ، وأسرهم ، و أصدقائهم ، يندر أن يمحو أثرها تعاقب الزمن. ومع أن وزارة الشؤون البلدية والقروية أصدرت قائمة بالاشتراطات الفنية للمسابح العامة والخاصة ، متضمنة اشتراطات للأمن والسلامة ،كوجود مشرفين مؤهلين للمتابعة والإنقاذ عند حدوث حالات الغرق ، وتوفر وسائل وأدوات الإنقاذ كالعصي والأطواق الطافية للنجاة ، إلا أن كثيرا منها لا تتوفر بها هذه الاشتراطات ؛ مما يجعلها غير آمنة لاصطحاب الأطفال بالقرب منها. إن معرفة الأسباب المؤدية للغرق عند الأطفال ، هي أولى خطوات الوقاية منه ، وطبقا للمركز الأمريكي للوقاية من الأمراض ومكافحتها ، فإن العوامل الرئيسية التي تؤدي لخطر الغرق عند الأطفال هي عدم القدرة على السباحة ، وغياب الحواجز والسوج حول أحواض السباحة ، ونقص الرقابة الأسرية، اضافة لعدم ارتداء سترات النجاة. وعليه ؛ فإن الوالدين ، والأسر ، يمكن لهم أن يكونوا عامل الوقاية الأهم ضد خطر الغرق لدى أطفالهم ، باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث هذه العوامل. وباستقراء أولي لمعظم هذه الحوادث ، نجد أن أكثرها يشترك في غياب الرقابة على الأطفال خلال هذه الاجتماعات العائلية ، حيث يعتمد أحد الوالدين على الآخر في رقابته للطفل ، فيعتقد الأب أن الطفل مع والدته ، وتظن هي الشيء نفسه ، بينما طفلهما يبحث عن متعةٍ جديدة، يجازف فيها بالنزول في مسبحٍ غابت عنه اشتراطات السلامة ، مواجها خطر الغرق وحيداً. ولعل في مقدمة طرائق الوقاية من خطر الغرق عند الأطفال ، الإشراف عليهم ومراقبتهم عن كثب ، والحرص على ارتدائهم سترا للنجاة ، عند تواجدهم في أماكن تحتوي على مسابح. كما يشمل ذلك ، التأكد من وجود اشتراطات السلامة في مسابح الاستراحات – خصوصا وجود سياج يمكن غلقه بإحكام ، وإحاطتها بأرضيات جلدية تمنع الانزلاق ، قبل اصطحابهم لها. كما أن تعلم أساسيات الانعاش القلبي ، واستخدام وسائل الإنقاذ ، أمران ضروريان لمجابهة خطر الغرق عند حدوثه – لا قدر الله- ، ولعله من المناسب أيضا ، تعليم الأطفال في سن المدرسة ، أساسيات السباحة والطفو ، بما يكسبهم مهارات قد تكون منقذة لهم، عند تعرضهم لسقوط مفاجئ في مسابح الاستراحات . إن حكمة الله – عز وجل- بالغة ، وقضائه نافذ ، والرضا بقدره واجب ، غير أن أخذ الأسباب واجبٌ أيضا ، وكما قال عمر -رضي الله عنه- ” نفِرُ من قدرِ الله ، لقدرِ الله “. حمى الله أطفالنا، ووقاهم شر المهالك.