شهدت المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – حراكاً تنموياً فريداً من نوعه، مدفوعا بالإجراءات الإصلاحية الاستثنائية التي أمر بها – أيده الله – للنهوض بأداء أجهزة الدولة في مختلف القطاعات، ومنذ صدور الأمر الملكي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبتأييد أعضاء هيئة البيعة بالأغلبية العظمى ومبايعة سموه وليا للعهد ، وتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيراً للدفاع، واستمراره كذلك فيما كلف به من مهام أخرى، يواصل سموه العطاء والبذل من أجل خدمة الدين والملك والوطن، و أخذ على عاتقه نقل المملكة من تطور إلى تطور أكبر في وقت قياسي من خلال منظومة إصلاحات لهيكلة أجهزة الدولة وخططها، وصناعة مستقبل واعد لوطن غني بثرواته البشرية ومكتسباته الطبيعية ، دون الاعتماد الكلي على النفط الذي ظل لعقود مصدرا وحيدا للاقتصاد الوطني . وجاءت رؤية 2030 وثيقة وطنية لتحقيق تطلعات القيادة الرشيدة وحلم الوطن ، وأكد ولي العهد عند إطلاقها على رفعة المملكة ، إذ قال سموه " نلتزم أمامكم أن نكون من أفضل دول العالم في الأداء الحكومي الفعّال لخدمة المواطنين، ومعاً سنكمل بناء بلادنا لتكون كما نتمناها جميعاً مزدهرةً قويةً تقوم على سواعد أبنائها وبناتها وتستفيد من مقدراتها، دون أن نرتهن إلى قيمة سلعة أو حراك أسواق خارجية". وترجمة لذلك تضمنت الخطط التطويرية لسمو ولي العهد حزمة من القرارات التي شملت تغييرات كبيرة بمستويات مختلفة في أجهزة الدولة والمجتمع المدني، ومن ذلك ما حظيت به المرأة من مكانة كبيرة وتبلور دورها في العديد من المجالات الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والمناصب القيادية الفاعلة، بما يحقق التقدم المتوازن والإصلاح في اقتصاد المملكة. وكان تولي سمو ولي العهد رئاسة مجلس إدارة صندوق الاستثمارات عاملًا مهمًا في رسم معالم وخطوات التحول الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل بعائدات مالية كبيرة للمملكة من خلال تطوير استراتيجية الاستثمار بالمملكة والمشاريع الكبرى. وعلى أرض الواقع حققت المملكة نتائج إيجابية على المستويين المحلي والخارجي. فقد حدد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، عشرة برامج تنفيذية جديدة من أصل 12 برنامجًا لتحقيق رؤية المملكة ، وفي مقدمتها التحول الوطني للاقتصاد المستدام ، وتحقيق التوازن المالي، وصيغت آليات عملها وفق حوكمة الرؤية لتؤدي إلى استحداث مشروعات تنموية ضخمة تواكب ما وصلت إليه دول العالم المتقدم من تطور ، ووصف خبراء اقتصاديون، برنامج تحقيق التوازن المالي في السعودية، وما يشمله من إصلاحات مالية بأنه نقطة تحول مهمة" ستنعكس من خلال تحقيق توازن نفقات وإيرادات ميزانية الدولة، وتعزيز نمو الاقتصاد السعودي بنسب تفوق التقديرات المتوقعة عالمياً. أما ما يتعلق بالبرامج الأخرى فقد تم جمع المبادرات القائمة في محافظ متسقّة لتنفيذ برامج متخصصة في: الإسكان، وتحسين نمط الحياة، وخدمة ضيوف الرحمن، وتعزيز الشخصية السعودية، وريادة الشركات الوطنية، وتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وصندوق الاستثمارات العامة، والشراكات الاستراتيجية، وتطوير القطاع المالي، والتخصيص، وبدأ العمل بهذه البرامج باكتمال خططها التنفيذية. و شهد عام 2018م اعتماد سمو ولي العهد خطة تنفيذ "برنامج التخصيص" الذي يسعى إلى رفع كفاءة أداء الاقتصاد الوطني وتحسين الخدمات المقدمة وإتاحتها لأكبر عدد ممكن، وزيادة فرص العمل للقوى العاملة الوطنية واستقطاب أحدث التقنيات والابتكارات ودعم التنمية الاقتصادية بإشراك منشآت مؤهلة في تقديم هذه الخدمات. كما اعتمد "برنامج جودة الحياة 2020″، بإجمالي إنفاق قدره (130 مليار ريال) ليعمل على تهيئة البيئة اللازمة لتحسين نمط حياة الفرد والأسرة، ودعم واستحداث خيارات جديدة تعزز المشاركة في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والأنماط الأخرى الملائمة التي تسهم في تعزيز جودة الحياة، وإيجاد الوظائف، وتعزيز الفرص الاستثمارية وتنويع النشاط الاقتصادي. لقد أيقن سمو ولي العهد أن عملية الإصلاح الحكومي التي يقودها يجب أن تمر عن طريق وضع آليات عمل جديدة وفق رؤى جديدة تقوم على أساس إداري رصين بعيد عن البيروقراطية الإدارية والتعقيدات والروتين، ليعمل سموه بفكر جديد يعتمد على تنظيم العمل الإداري الحكومي وتسهيله من خلال الاستفادة من التطور التكنولوجي في قطاعي المعلومات والاتصالات. واستمد الأمير محمد بن سلمان عزمه – بعد توفيق الله – من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – رعاه الله – ثم من طموح الشباب والإرادة القوية التي سعت إلى تغيير منهج الدولة في الاعتماد على النفط إلى تكريس ثقافة الإبداع والتميز والاستثمار في مكتسبات المملكة وثرواتها المتنوعة وعقول وسواعد أبنائها. وتجسيدا لهذه الأهداف جاءت الميزانية العامة للعام الحالي 2019 م الأضخم في تاريخ المملكة بحجم إنفاق قدره (1.106) ترليون ريال، مؤكدة نجاح مراحل تحقيق رؤية 2030 وبرنامج التحول ، إذ عكست أرقامها وبنودها وتوقعاتها الطموحة ، المسار الصحيح للمملكة في ضبط الإدارة المالية بفاعلية رغم التحديات التي تواجهها ، حيث شهد الأداء المالي والاقتصادي تحسناً واضحا في الإيرادات العام ومنها غير النفطية ، أثمر فائضا بلغ 27.8 مليار ريال في الربع الأول من العام الحالي، وهو أول فائض بالميزانية منذ عام 2014. واحتلت المملكة المرتبة الثانية في قائمة أفضل الدول للاستثمار بها وأن مناخها جاذب جدا للاستثمار الأجنبي، وفقا لمسح أجراه موقع "يو اس نيوز".لإذ تعد في صدارة الدول الجاذبة للاستثمار على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ، وطبقا لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي ارتفعت الاستثمارات الأجنبية في المملكة خلال العام الماضي 2018، لتبلغ نحو 1.485 تريليون ريال، مقارنة ب1.3 تريليون ريال خلال نفس الفترة مع عام 2017، وشكّل الاستثمار المباشر داخل الاقتصاد نحو 59 %، من حجم الاستثمارات بقيمة 879.8 مليار ريال بنهاية الربع الثالث من 2018. وطبقا لوزير المالية محمد الجدعان ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمملكة بنسبة 28% في الربع الأول من العام الحالي. فيما بلغت الإيرادات غير النفطية بلغت 76.3 مليار ريال في نفس الفترة. وتعكس هذه المؤشرات، خاصة الإيرادات غير النفطية، سياسات تنويع مصادر دخل المملكة، المنسجمة مع مستهدفات الرؤية ، مما يعكس التقدم الملحوظ في أداء المالية العامة منذ انطلاق برنامج تحقيق التوازن المالي.