تطورت العلاقات والتحالفات وغرف العمليات المشتركة بين الدول سواء كانت ثنائية او متعددة الأطراف كجزء من استراتيجيات أمن الدول ، وهناك من لايزال يضع بعض التساؤلات ومنها: هل هذه التحالفات أساسية لفرض السلام ام مقدمة لاشتعال حروب جديدة؟ ان الشواهد تؤكد ان الامن الجماعي الدولي وما يلحق بذلك من تحالفات واستراتيجيات التعاون بين الدول قد وفر أرضية مناسبة لاستمرار استقرار السلم والامن الدوليين من بعد الحرب العالمية الثانية، وان توازن القوى في العلاقات الدولية بين اللاعبين الأساسيين على الساحة الدولية قد أسهم في الاستقرار وفي حدوث قفزات مذهلة على صعيد التقدم الحضاري والتقني والتنموي، على الرغم من فترة الحرب الباردة والتوترات من حين لأخر . إن نظرية الردع في التحالفات الدولية التي شغلت السياسيين والإستراتيجيين، إنما تقوم على مفهوم بسيط وواضح وهو: أن إرغام الخصم على التراجع عن القيام بتصرف معادٍ هو جوهر الاستراتيجية، اذ ان التعامل مع الخصم قبل نشوب الحرب، وجعله – أي العدو – يفكر عدة مرات قبل شنها مطلبا طموحا، لكن يحتاج الامر الى اثبات مصداقية الردع في التحالف الدولي، وقد تحقق ذلك كمثال معاصر في الحد من المواجهه المباشرة بين القطبين الرئيسيين ، والحد أيضا من الإرهاب، ومن النزعة العدوانية لبعض الدول للتوسع والهيمنة على حساب الدول الأخرى. ان انكفاء الولاياتالمتحدةالامريكية عن دورها التاريخي يجعل اقطابا ودولا مجربة ومعروف بماضيها الاستعماري والايديولوجي الانتهازي تسعي لملء الفراغ، يقول وزير الدفاع الأمريكي السابق “دونالد رامسفلد “معبرا عن التحول خلال حرب غزو العراق في عام 2003م:” ان عالم اليوم لم يعد يقبل صيغة واحدة وثابتة للتحالف ، بل ان طبيعة المهمة هي التي تحدد نوع التحالف ومكوناته” ومع ان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما طعن الصداقة العربية الامريكية طعنة غادرة بتأثير مشبوه من وزراء في الحكومة الامريكية السابقة، وبعض جماعات المصالح وفي مقدمة المتآمرين: جون كيري وهيلاري كلينتون. إن نظام ولاية الفقيه في ايران هو اليوم لا يختلف في اساليبه عن اية دولة عدوانية، ونتيجة لذلك تضررت المملكة ودول الجوار كثيرا جدا من هذا النظام ، خاصة وانه يستخدم التقيه ،وأدوات له في المنطقة ، على حساب الدول المجاورة بداية منذ استيلاء الخميني على الحكم سنة 1979.وما يبرهن على نواياه العدوانية فتاوى الخميني وما قام به النظام الإيراني من أعمال عدائية في مواسم حج سابقة ، واعتداءاتهم الصارخة على السفارة والعاملين فيها في طهران، ثم الإعداد لاغتيال السفير السعودي في واشنطن ، ومحاولة تفجير السفارات، وسلسلة طويلة من المؤامرات لاستهداف قلعة الإسلام والعروبة: المملكة العربية السعودية ، ولازال خطابهم التحريضي مستمرا، ودعمهم لجماعات إرهابية ضد المملكة واستقرارها لم يتوقف. كتبت مقالا في عام 1433ه، وأيضا عدة حلقات في العام الماضي بعنوان: “قراءة في سياسة إيران الخارجية “ومما ذكرت في تلك المقالات: ان على المشككين في نوايا نظام الملالي العدوانية نحو أمن دول المجلس أن يراجعوا سجل الثلاثين عاماً الأخيرة ليكتشفوا العجب العجاب. ففي الكويت اكتشفت خلايا تخريبية تابعة للحرس الثوري، وفي البحرين تم توجيه الاتهام رسميا للإيرانيين بالتدخل في الشأن البحريني، وفي اليمن تم الاتهام رسميا لهم في دعمهم وتمويلهم حركة الحوثيين التي تسعى إلى تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة، واغتصاب الحكم في اليمن ، وفي الإمارات فإن الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث مازال قائماً، وبات من المؤكد أنه لا يوجد بلد عربي أو إسلامي أو دولي تقريبا، إلا وقد اكتوى بنار السياسة الإيرانية بطريقة أو بأخرى..وأمام هذا التحدي الخطير للأمن الخليجي، وامام ذرائع نظام الملالي الإيراني ومراوغاته، وأمام هذا السجل المليء بالمؤامرات والأحقاد، فهل يمكن لأي عاقل أن يثق في نواياهم ؟. والحق ان الحروب التي اندلعت في الخليج، الاولى في عام 1980م، والثانية 1991م والثالثة 2003 وما يظهر في الأفق الان ربما حرب رابعة، كان النظام الإيراني هو الأخطر في المعادلة بمراوغاته ، وفى كل مرة يفلت من العقاب ، ومن موقف دولي حازم ضده، وانه كلما تأخر القرار الدولي عن ردعه ستكون الفاتورة باهظة التكاليف فيما بعد. وتأسيسا على ما سبق، فإن المملكة ودول مجلس التعاون لها الحق الكامل في اتخاذ ما تراه من تدابير بما في ذلك الموافقة على طلب الولاياتالمتحدة إعادة انتشار قواتها العسكرية في مياه الخليج العربي وعلى اراضيها طبقا للاتفاقيات الثنائية بين الولاياتالمتحدة من جهة، والدول الخليجية من جهة ثانية، لردع أي عدوان محتمل لزعزعة امن المنطقة واستقرارها، فمن المعروف انه منذ اللقاء التاريخي الذي جمع الرئيس فرانكلين روزفلت والملك عبدالعزيز رحمه الله ، اقيمت علاقات وتفاهمات بين الدولتين حول المصالح المشتركة، وهناك اختلافات أحيانا في وجهات النظر ولكن هناك مصالح استراتيجية ، ومواقف واضحة لعل من اشهرها : الوقوف صفا واحدا ضد تطرف صدام حسين واحتلال الكويت عام 1991 ، وبعد الانتصار وعودة الشرعية الكويتية آنذاك غادرت القوات الامريكية. إن صواريخ النظام الإيراني التي يهدد بها الدول المجاورة ويهدد بها خطوط امدادات الطاقة، والأمن والسلم الدوليين، جعلت كل الخيارات مفتوحة وحتما سيكون مصيرهم مصير صدام حسين ومعمر القذافي، والايديولوجية الماركسية والنازية وغيرها ، وان كانت بعض المؤشرات تشير الى احتمالية اذعان هذا النظام للمفاوضات مع الامريكان اذ فشل رهانهم على الوقت ، وحينها لابد ان تكون دول المجلس حاضرة ومسموعة الكلمة،”والمؤمن لايلدغ من جحر مرتين”.