في تجربة شعرية غنية بكل مستوياتها وبناءاتها واتجاهاتها ، باخضرارها وندها ومداها، تشرق علينا الشاعرة ندى شتاء ، بمنجزها الشعري عبر رؤيتها الخاصة بها من حيث اللغة واستمراريتها والصورة الشعرية وصيرورتها وأسورتها، فلنتأمل هذه الصورة الصوتية الحركية والمنغمسة باستفهامات وإيماءات حسية : حضنت الصوت والصوره وبروزت الجراح ب وين ؟ بلاموعد حجزت الشوق وصبيت الحنين لمين ؟ وعبر ظاهرة الانزياح اللغوي تتحفنا بتشخيص المجرد ” الوداع، و الحزن ” في صورة حركية : “عن يدينك إذا مد الوداع كفوف .. وقام الحزن من حلم …وتلبسنا ..” وعندما يكون الجرح شعلة تكون الكلامات جمرة، وفي هذه الصورة الضوئية استطاعت الشاعرة ندى وعبر خيالها الخصب وتجربتها العميقة الأنيقة أن تجعل من النوم المعادل الموضوعي للذات التي تبحث عن الهدوء والارتياح النفسي : مالي أي رغبه اتكلم طف لي جروحك .. بنام واعتبر تقنية اللون حاضرة في تجربة الشاعرة ندى لتضفي مزيدا من الدلالات الحسية والنفسية على الصورة الشعرية، مثلما في قولها: ولهى .. كئيبه …. وبيدي معطف رمادي … ريحته مسك ٍ وكادي .. وأسحب الخطوه الجريحه : وبخفوقي ألف صيحه … غصّه من حزن .. وتمادي … فلو تمعنا ب” معطف رمادي” نجد أن لها دلالاتها العاطفية والوجدوانية وكان اللون الرمادي دلاله على برودة العاطفة او العلاقة ، لذا كان الحزن لحن شجي على ايقاع الذاكرة ، وفي نص أخر أتى اللون بصفة غير مباشرة ” الظلام” إذ انه دلالة على الألم والحزن والمعاناة : “وكيف ابسرق شمس نورك وليلي الدامس .. ضفافي ..” وفي حضورشاعري عميق تنهمر هذي الصور الحسية حيث أمكنت الجرح والظلام ، والصورة البصرية في قولها: ” اقرا وجهي بالمرايا: وألمس جروح الخواطر .. واندفن تحت الظلام .. وأقرا وجهي بالمرايه .، وأحبس طيوف الأماكن .. وألقي لجفني السلام .. وفي هذا المرور السريع تتبين لنا ملامح تجربة الشاعرة: ندى شتاء ، الغنية بكل تفاصيلها ومحاصيلها واتجاهاتها وابتهاجاتها، وما تحمله من قدرة فنية على تشكيل النص وتميزه ومدى قدرت وعيها في توظيف اللغة وتفجير طاقتها الدلالية بإيحاء جديد ورؤية مبتكرى ، ورسم الصور الشعرية وعمقها ودقتها.