تصاعدت حدة أزمة الرئاسة في فنزويلا بعدما أقدم خوان جوايدو، رئيس البرلمان الفنزويلي الخاضع لسيطرة المعارضة، على إعلان نفسه “رئيساً بالوكالة” للبلد اللاتيني الذي يعاني أزمات اقتصادية منذ فترة. وحظي جوايدو على الفور باعتراف واشنطن ودول أخرى في القارة الأمريكية، الأمر الذي قابله الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بقطع علاقات بلاده مع الولاياتالمتحدة، معلنا تمسكه بمنصبه وداعيا قوات الجيش، التي تواليه في تلك الأزمة، إلى الحفاظ على وحدة الدولة. وإثر إعلان جوايدو اندلعت المواجهات بين قوات الأمن وأنصار المعارضة في العاصمة كراكاس. وقالت منظمة حقوقية غير حكومية، إن 13 شخصا قتلوا خلال يومين من الاحتجاجات المناهضة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. وقال المرصد الفنزويلي للنزاعات الاجتماعية المعارض للرئيس مادورو، إن معظم القتلى سقطوا في العاصمة كاراكاس ومناطق أخرى من البلاد جراء استخدام الأسلحة النارية. وقال جوايدو أمام آلاف من أنصاره “أقسم أن أتولى رسمياً صلاحيات السلطة التنفيذية الوطنية كرئيس لفنزويلا، للتوصل إلى حكومة انتقالية وإجراء انتخابات حرة”. على الفور، اعترف ترامب بالمعارض البالغ من العمر 35 عاماً معلناً في بيان، “أعترف رسميا اليوم برئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية خوان جوايدو رئيساً لفنزويلا بالوكالة”. ومنح مادورو على إثر موقف واشنطن أعضاء الممثليات الدبلوماسية الشمال أمريكية 72 ساعة لمغادرة فنزويلا. وانضمت كولومبيا والبرازيل حليفتا واشنطن إلى الموقف الأمريكي إضافة إلى الأرجنتين وتشيلي وبارجواي كما هنأ لويس ألماجرو، الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية ومقرها واشنطن، جوايدو بقوله “نمنحه اعترافنا الكامل لإعادة الديمقراطية إلى هذا البلد”، كما اعترفت كولومبيا والبيرو وكندا بجوايدو “رئيساً بالوكالة”. في السياق نفسه، دعا الاتحاد الأوروبي إلى الإنصات “لصوت” الشعب الفنزويلي، مطالبا بإجراء انتخابات “حرة وذات صدقية”. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موجيرني باسم الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد ” طالب الشعب الفنزويلي بكثافة بالديمقراطية وبإتاحة تحديد مصيره بحرية، ولا يمكن تجاهل صوته”. وأضافت “يدعو الاتحاد الأوروبي إلى البدء فورا في عملية سياسية تؤدي إلى انتخابات حرة وذات مصداقية وفق النظام الدستوري”. وتابعت “أن الحقوق المدنية والحرية والأمان لجميع أعضاء الجمعية الوطنية (الفنزويلية)، بمن فيهم رئيسها خوان جوايدو، يجب أن تُحترم بالكامل”، معتبرة أن “العنف واللجوء المفرط للقوة من قوات الأمن غير مقبول تماما ولا يحل بالتأكيد الأزمة”. وأعلن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أنه “يبقى مستعدا للمساعدة في استعادة الديمقراطية ودولة القانون في فنزويلا من خلال عملية سياسية ذات مصداقية وتتطابق مع الدستور الفنزويلي”. في المقابل اتخذت المكسيك وكوبا وبوليفيا موقفا مؤيدا لمادورو، إذ أكد الرئيس المكسيكي أندريس مانويل دعمه للرئيس الفنزويلي و”السلطات المنتخبة بحسب الدستور الفنزويلي”. بدوره، كتب الرئيس الكوبي ميجيل دياز كانيل على تويتر “ندعم ونتضامن مع الرئيس نيكولاس مادورو في مواجهة المحاولات الإمبريالية لتشويه سمعة الثورة البوليفارية وزعزعة استقرارها”. وقبيل إعلان جوايدو، كانت المحكمة العليا أعلى سلطة قضائية في فنزويلا أمرت بإجراء تحقيق جزائي ضد أعضاء البرلمان متهمة إياهم بالسعي لاغتصاب صلاحيات الرئيس مادورو. ونزل أنصار الرئيس الفنزويلي ومعارضوه بكثافة إلى الشارع، في كافة أنحاء البلاد في أجواء من التوتر الشديد، حيث قضى 5 أشخاص في اضطرابات سبقت التظاهرات. وتجمع المعارضون الذين ارتدى الكثير منهم لباسا أبيض في العديد من أحياء العاصمة ومناطق أخرى من البلاد للمطالبة ب”حكومة انتقالية” وانتخابات جديدة. من جهتهم، تجمع أنصار مادورو الذين ارتدى معظمهم لباسا أحمر في العديد من نقاط التجمع بالعاصمة للتعبير عن دعمهم للرئيس ورفض مطالب المعارضة التي اعتبروها محاولة انقلاب من تدبير واشنطن. ويتزامن اليوم مع الذكرى ال61 لسقوط الدكتاتورية ونظام ماركوس بيريز خيميمنيز في 23 يناير 1958. وتم تنصيب الرئيس الفنزويلي في 10 يناير الجاري لولاية ثانية احتجت عليها المعارضة ولم تعترف بها واشنطن والاتحاد الأوروبي والعديد من دول أمريكيا اللاتينية. وأغلقت المتاجر والمدارس والمؤسسات أبوابها، في حين لم تشاهد إلا سيارات قليلة في الشوارع. وجرت هذه المظاهرات في مناخ متفجر بعد يومين من تمرد قصير ل27 عسكريا تحصنوا لساعات قليلة في ثكنة شمال كراكاس مطلقين دعوات للتمرد، وتم توقيفهم بسرعة، أعقبه دعوة المعارضة للجيش بالقطع مع نظام مادورو. ووعد البرلمان ب”عفو” عن أعضاء الجيش الذين يرفضون الاعتراف بالولاية الجديدة للرئيس مادورو. هذا فيما حذرت الأممالمتحدة من كارثة قد تحدث في فنزويلا بسبب الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس ، إلى الحوار في فنزويلا لمنع تصعيد يمكن أن يؤدي إلى كارثة. وقال جوتيريس في كلمة على هامش منتدى دافوس الاقتصادي العالمي: “نأمل أن يكون الحوار ممكنا لتجنب تصعيد يؤدي إلى نزاع سيكون كارثيا لسكان البلاد والمنطقة”.