حملات دعائية مكثفة على حسابات ومواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية ، تروج لمناطق سياحية في أنحاء عديدة من العالم لجذب المولعين بالسفر والترحال ، وتعكس بدورها دور الثورة المعلوماتية وتقنيات التواصل الحديثة في هذه المجالات ، لذا يرى البعض أنها قد تجعل وظيفة المرشد السياحى على أهميته وخبراته ضمن قائمة الوظائف التى ستختفي مستقبلا ، فيما يرى آخرون أن التقنية لاتغني عن الدور البشري في هذه المجالات. “البلاد” استطلعت آراء العديد من المختصين والمرشدين السياحيين فى المملكة حول ذلك. بداية نشير إلى خطوة هامة اتخذتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وتتمثل في برنامجها للابتعاث في المجال السياحي وخاصة الإرشاد ، لتطوير الكفاءات والكوادر الوطنية من أبناء وبنات المحافظة، ومنحهم الفرصة لتطوير مهاراتهم الفنية والقيادية للمشاركة في حركة التنمية السياحية والاقتصادية المستقبلية للمحافظة. ويهدف البرنامج إلى ابتعاث الطلاب والطالبات من أبناء محافظة العلا إلى مؤسسات تعليمية عالمية في الولاياتالمتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وغيرها من الدول للحصول على درجة الدبلوم أو البكالوريوس أو الماجستير في مجالات السياحة والضيافة والتقنيات الزراعية وعلم الآثار والتاريخ وغيرها من التخصصات الأخرى التي تخدم جهود تنمية وتطوير المحافظة. وأكد سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، أن برنامج الابتعاث هذا يأتي ترجمة لحرص القيادة الرشيدة على إعداد جيل يمتلك المعرفة العلمية المتخصصة ومقومات القيادة وريادة الأعمال والابتكار لدعم مساهمة المحافظة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، وذلك بما تمتلكها المحافظة من مقومات تراثية وثقافية وحضارية وطبيعية، ستضعها بمشيئة الله تعالى على خارطة السياحة العالمية”. وحول أهمية مهنة الإرشاد السياحي رغم الترويج الإليكتروني ، يرى خالد بطيان العمار” مؤسس ومدير مجموعة رفاق السفر ، أن الحسابات السياحية أصبحت في الفترة الأخيرة ، بمثابة نافذة لمن يبحث عن معلومة سياحية عن بلد معين أو ثقافات مُختلفة أو عادات الشعوب في أقطار المعمورة المُراد زيارتها ، لكن دون تأثير على مستقبل مهنة المرشد السياحي لأنها الأقرب إلى السائح والزائر مهما استعان بالمعلومات الاليكترونية ، مشيراً الى أن سلبيات وايجابيات تلك الحسابات مُتباينة في نظر المستفيدين والمهتمين من خلال تعاملاتهم وتجاربهم ومتابعتهم لصدق تلك الحسابات من عدمه. وأضاف : أنه نتيجة لفورة منتديات السفر التى اجتاحت المملكة بعد ظهور الانترنت، رأينا كغيرنا أنه من الضرورى مواكبة التغيّر والتطور السريع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتأسيس مجموعة تواصل فريدة من نوعها تشمل رحالة وخُبراء ووكالات ومكاتب سياحيّة ، لتقديم معلومات غزيرة ومتنوعة تهم السائح والمسافر الخليجي والعربي ، نظرا لما قد يتعرض له البعض من معلومات خادعة ودعايات غير صحيحة ، ولعلنا نشير في ذلك إلى التحذيرات المستمرة التي تُصدر عن سفارات خادم الحرمين الشريفين فى جميع أنحاء العالم للمواطنين ، ويتداولها المتابعون والمهتمون بشكل واسع عبر حسابات مواقع التواصل أو من خلال حسابات المشاهير ، واخذ الأمر على محمل الجد ، لما فيه من توعية وتحذيرات من مخاطر طبيعية على الحياة وسلامة السائحين كفيضانات أو صراعات وجرائم سرقة واحتيال في منطقة ما بالخارج وما نحو ذلك. من جانبه قال عضو جمعية المرشدين السياحيين بعسير تركي البشري، أن مستقبل الإرشاد السياحي كبير لأهمية العنصر البشري الذي لاغنى عنه مهما بلغ تقدم الخدمات بالنسبة لمليارات المسافرين والسائحين سنويا على مدار الساعة وفي مختلف الفصول المناخية في العالم ، والدولة مستمرة في تطوير وتأهيل المرشد السياحي، لأنه كما قلت ، عنصر أساسي لا يمكن الاستغناء عنه ، فالسائح يحتاج إلى تواصل انساني ومعرفي ومقابلة القائمين على الخدمات خاصة المرشد السياحي لأهمية دوره في تيسير الرحلة السياحية والمعلومات المعرفية التي تثري ثقافة السائحين عن المواقع الطبيعية والتاريخية ، بخلاف المواقع التقنية، التي ليس بها روح التواصل الحقيقي ، انما فقط تقدم معلومة جامدة ، بينما المرشد يحول المعلومة إلى حياة واقعية يعيشها السائح. تكامل لاتعارض وتؤكد المرشدة السياحية عبير جميل أبو سليمان، أن الإرشاد السياحي لا يتعارض مع التطور التقني بل هنالك تكامل بينهما ، مشيرة إلى أن التطور التقني هو وسيلة وأداة تساعد المرشد في مجاله ، ومعظم الزوار يفضلون تواجد مرشدين للتحدث معهم والاجابة عن تساؤلاتهم عن طبيعة المناطق وعادات وتقاليد سكانها ، كما أن هنالك مواقف تلقائية تحتاج شرحا من المرشد المرافق ، مضيفة بأن الإرشاد والتقنية مكملان لبعضهما البعض ، كما أن برامج السياحة أساسية والمرشد السياحي يقوم بتنفيذها ولكل مرشد بصمة خاصة تميزه عن الآخر ، نافية ما يتردد حول التأثير الكبير لبرامج ومنصات حسابات السفر والسياحة على الهواتف في قناعات السائحين ، بل الصحيح أنها تساعد إلى حد ما ، لكنها لا تؤدي الغرض مثل الوجود الإنساني والإجابات الفورية . ومع قائدة فريق مجد العلا للتراث النسائي مشاعل مكي ، التي أكدت أن الإرشاد السياحي سوف يحظى بمستقبل واعد كونه في تطور مع المنافسة السياحية في العالم والتي تعد اليوم من أهم الصناعات وإحدى أكبر الدعائم الأساسية التي تعزز النمو الاقتصادي وتسهم في إنعاش الحركة الاستثمارية، وتوفير الفرص الوظيفية للشباب والشابات ، مشيرة إلى أن المرشد هو من يعطي الانطباع الأول للبلد والمكان السياحى من خلال مرافقة السائح في رحلته ، وهذه من عوامل نجاح الإرشاد السياحي وأهميته، علاوة على توثيق المعالم السياحية وإبرازها للعالم اجمع ، فبرامج الإرشاد السياحي من خلال العنصر البشري المتخصص توفر الخدمات الضرورية وأيضا تسهل للسائحين الحصول على المعلومات الصحيحة . وعن مستقبل الإرشاد السياحى بالمملكة ، أكدت مشاعل أن المرشد السياحي يعد أحد مقومات نجاح السياحة، فهو سفير لوطنه داخل وطنه ، كما أن من أهداف رؤية 2030 هو استغلال ودعم السياحة الداخلية في المملكة وهذا ماشهدناها، ومما لاشك أن نجاح السياحة يتطلب مرشداً مؤهلاً وعلى قدر جيد من العلم والثقافة والمعرفة الدقيقة لتقديمها للسائح سواء كان من الداخل أو الخارج ، خاصة وأن المملكة تحتضن أماكن تاريخية وأثريه كمدائن صالح التي تعتبر أول موقع أثري في المملكة يسجل في قائمة اليونسكو ودادان وجبل عكمة في العلا، وأيضا جبل جبه في حائل وبلدة جدة التاريخية والدرعية، والأحساء وغيرها، ولاتزال المهمة كبيرة في إبراز جمال السياحة الداخلية وجمال الحضارات فيها . وهذا ماعملت من أجله المشاريع الجديدة ورؤية المملكة 2030 مثل مشروع “نيوم” الوجهة السياحية الفخمة على ساحل البحر الأحمر ومشروع القدية اكبر مشروع ترفيهي ثقافي رياضي. تأهيل متخصص يذكر أن المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية السياحية “تكامل” بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وبالتعاون مع الجمعية السعودية للمرشدين السياحيين ، يسهم في تأهيل المرشدين السياحيين على المهارات الأساسية ، وذلك من خلال مجموعة من المحاضرات العلمية والتدريبات العملية على المهارات اللازمة للمرشد السياحي، وتشمل قدرات التعامل والتفاعل مع المجموعة والروح الاجتماعية والتحدث بطلاقة واختيار الكلمات والاتصال غير اللفظي ونبرة الصوت ومهارات خاصة مثل مهارة إدارة وقيادة المجموعة، وجذب الاهتمام والتعريف بالمواقع السياحية، والوقوف في المواقع المناسبة والأمن والسلامة. وتم تخريج أعداد كبيرة من السعوديين كمرشدين سياحيين معتمدين في مختلف مناطق المملكة، كما يتم تأهيل مدربين معتمدين من الاتحاد الدولي وذلك بالتعاون مع الاتحاد الدولي للإرشاد السياحي.