دخلت الهدنة الإنسانية في محافظة الحديدة، أسبوعها الثاني، في ظل تصعيد متواصل من قبل المليشيات الحوثية المدعومة من ايران، ما يهدد بنسف ما تم الاتفاق عليه في مشاورات السلام بالسويد، على الرغم من وصول فريق المراقبين الدوليين. وسجلت فرق الرصد الحكومية أكثر من 140 خرقا حوثيا لقرار وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ فجر الثلاثاء الماضي، فضلا عن عشرات الانتهاكات التي طالت مدنيين داخل مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الانقلابيين. ونقلت وسائل إعلام يمينة عن مصادر حقوقية، أن مليشيا الحوثي اعتقلت عددا من المدنيين داخل الحديدة، وواصلت حشد آلياتها العسكرية وتحويل الأحياء السكنية إلى ثكنات، بجانب زرع الألغام وتشييد المتاريس والأنفاق في الجهتين الجنوبيةوالشرقية من مدينة الحديدة. وصعدت المليشيا الحوثية من خروقاتها لقرار الهدنة، وشنت خلال ال24 ساعة الماضية قصفا مدفعيا وصاروخيا على مواقع القوات المشتركة، التي أكدت ضبط النفس والتزامها بالهدنة، وفقا لتوجيهات قيادة الحكومة الشرعية؛ من أجل إفساح المجال أمام عملية السلام. وشنت مليشيا الحوثي خلال الساعات الماضية قصفا على منازل المدنيين في مدينة "حيس" جنوب الحديدة، ما أسفر عن إصابة سكان وتدمير عدد من المنازل، وفقا لبيان صادر عن ألوية العمالقة في الجيش اليمني. وناشد سكان "حيس"، الأممالمتحدة، إنقاذهم من بطش مليشيا الحوثي، وإلزامها بتنفيذ الهدنة، والكف عن قصف أحيائهم وترهيب أهلهم ونسائهم وأطفالهم. وقال سكان: إن حياتهم تحولت إلى جحيم جراء القصف الحوثي، ولا يمر يوم دون أن تمطر المليشيا الحوثية مناطقهم بالقذائف. وتزامنت الخروقات الحوثية الأخيرة مع وصول وفد المراقبين الدوليين لعملية الانتشار ووقف إطلاق النار إلى مدينة الحديدة، وتدشين مهامه رسميا بزيارة ميناء الحديدة الإثنين. وتسعى المليشيا الحوثية إلى عرقلة اتفاق الحديدة، الذي قوبل بترحيب إقليمي ودولي واسع، وقالت مصادر محلية: إن المليشيا منعت كبير المراقبين الدوليين الهولندي باتريك كاميرت من زيارة خطوط التماس في الحديدة، بحجة الاضطرابات الأمنية، حتى لا يتسنى له كشف الجهة التي تقوم بخرق الهدنة. ومن المقرر، أن يعقد الفريق الأممي، اليوم الأربعاء، أول اجتماعاته للجنة الانتشار الأمني التي تضم 3 ممثلين من الحكومة الشرعية، ونفس العدد من مليشيا الحوثي الانقلابية، وذلك لتدارس انسحاب المليشيا من ميناء الحديدة، الذي من المقرر أن يتم مطلع يناير المقبل. بدوره قطع وكيل وزارة الإعلام في الحكومة الشرعية فياض النعمان، باستمرار المليشيات الحوثية في ارتكاب المزيد من الخروقات لوقف اطلاق النار في الحديدة، رغم تواجد رئيس فريق الأممالمتحدة بالمدينة. وابلغ النعمان "البلاد" أمس أن المليشيات ارتكبت أكثر من 180 انتهاكا، بعد مضي أسبوع فقط، من دخول اتفاق السويد حيز التنفيذ. مشدداً على أن أغلب الانتهاكات استهدفت المدنيين، وتوزعت ما بين القنص وهدم المنازل باستخدام قذائف الكاتيوشا والصواريخ البالستية المهربة من ايران، فضلاً عن محاصرتها واستهداف المديريات، التي تحررت من قبل الجيش الوطني". ولفت النعمان إلى أن الحكومة اليمنية واللجنة التابعة لمركز محور الحديدة، تعمل على رصد تلك الاختراقات أولاً بأول، ورفعها لقيادة التحالف العربي، التي بدورها تعمل على تفنيد تلك الانتهاكات، ومن ثم تقديمها عبر رئيس اللجنة الحكومية في اللجنة المشتركة المشكلة؛ وفق اتفاق استكهولم، وتقديمها إلى المبعوث الأممي، أو رئيس الفريق الأممي في الحديدة؛ من أجل إطلاعهم على هذه الانتهاكات والخروقات التي تقوم بها المليشيات الانقلابية للاتفاق، وهو ما يعزز بأن المليشيات الانقلابية غير جادة في تحقيق السلام. وفى سياق متصل، عثرت قوات الجيش اليمني، على مخزن أسلحة يشمل صواريخ موجهة متطورة، خلفتها الميليشيات الانقلابية في أحد المواقع التي تم دحرها، منها في معقلها الرئيس بمحافظة صعدة أقصى شمال البلاد. وأفادت مصادر عسكرية أن المخزن تم العثور عليه في وادي آل بوجبارة، الذي تم تحريره مؤخرا، والقريب من مركز مديرية كتاف البقع شمال شرقي محافظة صعدة، ويحتوي على كميات من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، تشمل صواريخ موجهة متطورة. وأكدت أن قوات الجيش الوطني تواصل تقدمها الميداني نحو مركز مديرية كتاف؛ حيث أصبحت على مقربة من السيطرة عليها بالكامل. في الأثناء، دمرت مقاتلات التحالف العربي عدداً من المنصات الصاروخية التي كانت تستخدمها ميليشيات الحوثي بمحافظة صعدة؛ لاستهداف مواقع الجيش وقرى ومنازل المواطنين. وقصفت مقاتلات التحالف في وقت سابق، مواقع للميليشيات في مناطق متفرقة من مديرية مجز وأهدافا للميليشيات في مديرية سحار قرب مركز المحافظة. إلى ذلك، حررت قوات الجيش اليمني، مواقع جديدة، كانت تتمركز فيها ميليشيات الحوثي الانقلابية في مديرية القبيطة شمالي محافظة لحج. ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصدر عسكري، أنه تم تحرير عدد من المواقع في الجبهة الشرقية لمديرية القبيطة، ومنها تبه الطويلة والسلسلة الجبلية لتباب الهشاش، وتبة العدن، وتبة السقاية، وتبة الأسرى القريبة من المشقر، وكذا تحرير تباب الكرب ومفرق الكعبين في الجهة الغربية. وأضاف: "إن قوات الجيش الوطني تمكنت أيضاً من تحرير مواقع أخرى في الجهة الشرقية، ومنها مفرق جبل النبي شعيب، فيما تواصل التقدم حالياً باتجاه دياش". وذكر المصدر، أن المعارك العنيفة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف ميليشيات الحوثي الانقلابية، إلى جانب خسائر أخرى في المعدات القتالية. هذا فيما لايزال خطر الألغام التي تزرعها المليشيا الحوثية قائماً، بل وتشكل رعباً مستمراً لدى المدنيين في مختلف المناطق والقرى اليمنية، التي سيطر عليها الحوثيون سابقاً، أو تلك التي يعمل الجيش الوطني والتحالف العربي بقيادة المملكة على تحريرها من قبضتهم، وتعد الألغام الأرضية من بين المخاطر، التي تواجه المقاتلين والمدنيين على حد سواء. وكانت وكالة "أسوشتيد" برس، قد نقلت في تحقيق مطول عن مدير برنامج مشروع مسام لإزالة الألغام، الذي تموله المملكة أسامة القصيبي ، قوله: إن "الألغام موجودة اليوم في كل منطقة من مناطق اليمن". مضيفاً: "لا يتم استخدامها كآلية دفاعية أو آلية هجومية. إنها تستخدم لترويع السكان المحليين في عموم البلاد".