حكمة يونانية تقول : الهي دعني أموت شاباً ولكن بعمر أطول .. رغم مظاهر التحدي ومقاومة خريف العمر ، فإن الشيخوخة قادمة لا محال، وسيماء الوجوه ستتبدل لا شك فيه ، والأداء الفيزيولوجي لأجهزة الجسم المختلفة ستضعف وتتراجع إلى الوراء ، ولكن قد تقل أعراضها وتخف ملامحها، حين نحسن الصرف عليها وحين نجنبها منغصات الحياة وملوثات البيئة . بعض البلدان اعتبرت سن ال 60 هو بداية مرحلة الشيخوخة والإحالة إلى المعاش .. حيث تطرأ على المتقاعد خلالها تغيرات جذرية في أسلوب حياته الاجتماعية والأدوار السابقة، التي كان يقوم بها ، قد تخلق عنده عقدا نفسية تفقده الثقة في النفس، وتجعله يشعر بأنه أصبح عالة على المجتمع وغير قادر على العمل . وحفاظاً على الروابط الأسرية وحقوق المسنين ، آبائنا وأجدادنا ، وإنفاذا لأوامر الله، الذي أوصانا برّهم في قوله تعالى :"وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا شَقِيًّا "، وبعد أن بلغوا من العمر عتياً وحان الوقت أن يحصدوا ثمرة جهودهم وأزهار أتعابهم ، يتوجب علينا أن نرد لهم الفضل، ونمد إليهم يد العون والمساعدة ، ونجعل من كلمتهم سيفاً على رقابنا وهي الصواب ، وأن نقدم لهم الخدمات من دون تأفف ولا تعال ، ونراعي صحتهم ونتابع معهم نظاماً غذائياً يقيهم خطورة الإصابة بأمراض الشيخوخة؛ كالزهايمر وهشاشة العظام وارتفاع ضغط الدم والسكر ، كما يتوجب علينا أن نشجعهم على ممارسة الرياضة البدنية والذهنية وممارسة الحياة الاجتماعية بشكل فعال كيلا يشعروا بالوحدة والانعزال ويصابون بالاكتئاب فيتمنون الموت . نريد أن نعيش في مجتمع أنيق ، لا يقوى فيه القوي على الضعيف ، ولا مكان فيه لمأوى عجزة أو دور مسنين ، كل فرد فيه يعمل بجد وإخلاص؛ وفقاً لما يملكه من طاقات، وما يبتدعه من إنجازات وما يختزنه من حكم وتجارب ..نريد أن نشاهد المتقاعد قد تصالح مع تحديات الزمن، وتمكن اقتصادياً ، تغلب على أمراض الشيخوخة واعتمد على قدراته الذاتية من لياقة بدنية وكفاءة مهنية .. نرجو الله، أن يمتعنا بكامل قوانا العقلية والجسدية إلى آخر يوم في حياتنا ، وأن لا يضطرنا إلى التأوه والحسرة وترديد عبارة : لقد هرمنا ! ، أو بيت الشعر الذي يقول : ألا ليت الشباب يعود يوماً.. فأخبره بما فعل المشيب