تمتلِكُ المملكة العربية السعودية أغنى حقول البترول في العالم… والتي أكُتشفت بعد اتفاقية الامتياز التي تمت في مايو من عام 1933م، مع شركة "ستاندرد أويل أوف كالفورنيا" والتي تشمل التنقيب والحفر ومعالجة ونقل وتصدير المستخرجات البترولية مع إنشاء مصفاة لإنتاج احتياجات البلاد من المنتجات البترولية. واستمرت هذه الإتفاقية ستة وستون عامًا . كان مايخص المملكة في بدايات الإتفاق أربعة شلنات ذهب* أو مايعادلها بالدولار الأمريكي أوالجنيه الإسترليني لكل طن (الطن يساوي 7 براميل، البرميل يساوي 159 لتر) من البترول الخام الذي تنتجه الشركة، و قد تم مناقشة مايخص المملكة مرات عديدة حتى انتهاء الاتفاق عام 1988 م، وقد تم استغلال عائدات النفط في إنجاز توسعات الحرمين الشريفين وتنفيذ العديد من مشاريع الدفاع ،الداخلية، التعليم، الصحة، النقل وخلافه. إن إمتلاك كامل مستخرجات حقول البترول أدى إلى تغير الهيكل الاقتصادي، ووضع المملكة في مصاف أغنى بلدان العالم وانضمامها الى مصاف الدول العشرين. تعكس رؤية المملكة لتخفيض الاعتماد على النفط إلى 46٪ في عام 2020م ، توجهًا طموحًا لبناء اقتصاد متعدد الأقطاب معتمدًا على الصناعة والخدمات والاستثمار الفاعل مع البدء في تقليص الهدر العام بدون المساس بالأهداف الأساسية. استمتع سكان المملكة بنعم الله التي لا تحصى ومنها دعم المنتجات البترولية والتي يُستهلك منها في السنوات الأخيرة حوالي ثلاثة مليون وخمسمائة ألف برميل يومياً ، مع العلم إن المُستهلك داخلياً يُخصم من (الكوتا) مخصصات الإنتاج اليومية المحددة حسب الاتفاقات المبرمة مع منظمة أوبك. البترول وقود عضوي يستغرق تكوينه ملايين السنين… ويعتبر من الموارد الناضبة التي لايمكن تجديدها أو صنعها مرة أخرى. وحيث أن معظم الطاقة المستهلكة داخليًا تُنتج من البترول المستخرج وتُصرف على وقود النقل والكهرباء… وبعد رفع جزء من الدعم عن الطاقة،يتوجب علينا إيقاف الهدر والمحافطة على المستخرجات البترولية والتأكد من الاستخدام الأمثل ، والذي يشمل تخفيف الآثار البيئية الناتجة عن انبعاث مخلفات الاحتراق المُلوثة. وبعد هذه المقدِمة المُطولةُ ، سوف أتقدم بالمقترحات التالية: (أولًا) مقترحات لأمانة محافظة جدة (ولجميع أمانات المملكة) : 1- عمل دراسة لتنفيذ الطاقة الشمسية على جميع أعمال الإنارة للمخططات والشوارع الجديدة، من الآن فصاعدًا. 2-عمل دراسة لتنفيذ التغير التدريجي لأعمال الإنارة لجميع الشوارع الرئيسية والفرعية من الكهرباء إلى الطاقة الشمسية، مع رصد الميزانية السنوية للتنفيذ التدريجي. 3-البدء حالاً بتقليص عدد أعمدة الإنارة العاملة في الشوارع الرئيسية والداخلية إلى النصف والإستفادة منهافي تغطية الشوارع الجديدة والغير مضاءة. إن مساهمة الأمانة في تنفيذ المقترحات أعلاه، سيوفر ويقلص استهلاك الطاقة المهدرة في جميع شوارع المحافظة، وستكون قدوة لجميع مدن المملكة في خفض استهلاك الطاقة، وتعود للبلاد بعائد كبير إثر خفض الاستهلاك اليومي العام للمملكة على المدى الطويل. كما أتمنى من المجلس البلدي لمحافظة مدينة جدة أن يُمْعِنَ بالنظر في هذه المقترحات ودعمها عند المناقشة لعمل الدراسات ووضع الخطط التنفيذية ، حتى الوصول إلى اعتمادها ضمن خطط تنفيذية متكاملة، مع التأكيد للجميع أن تنفيذ هذه الخطط سيوقف هدر الطاقة ويوفر الفائض منها للإمتداد العمراني ،وأتمنى أن تكون مدينتنا جدة، قُدوةً لجميع محافظات المملكة. (ثانيًا) مقترحات لوزارة النقل : يمكن تطبيق نفس مقترحات الأمانات أعلاه للطرق التي تربط المدن والقرى. وعمومًا إنَّ استخدام الطاقة الشمسية يرتكز بداية في صرف مبالغ لتنفيذ المشاريع مع مبالغ بسيطة للصيانة الدورية ، وبدون إهدار المواد البترولية التي تستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية. (ثالثًا) مقترحات لوزارة التجارة والاستثمار : 1- تشجيع استيراد السيارات التي تعمل على الطاقة الشمسية، بعد إثبات الكفاءة اللازمة للسيارات المراد استيرادها. 2- تشجيع استيراد السيارات الكهربائية و إنشاء محطات شحن كهربائية. 3- تشجيع استخدام السيارات التي تعمل بالديزل، مع العلم بأن قيمة الديزل أقل من قيمة البنزين ، والتركيز على ضرورة وجود الأجهزة والأنظمة المعتمدة للمحافظة على البيئة لكل مايستورد من سيارات الديزل. 4- وضع رسوم إضافية على استيراد السيارات الفارهة ذوات عشر سلندرات أو أكثر وذلك لتقليص استيرادها للمملكة، حيث تصرِف السيارات المذكورة كميات كبيرة من الوقود، وبذلك نقلل من هدر الطاقة. 5-تشجيع الاستثمار لإنشاء مصانع للخلايا الشمسية وتكوين فرق صيانة مدربة على صيانة جميع أنواع الخلايا الشمسية وما يصاحبها من أجهزة. وتعتبر الطاقة الشمسية … الطاقة المتجددة لأنها تتجدد باستمرار. وختامًا أرجو أن يُنظَر لهذه المقترحات ويُنفذ المفيد منها وعلى الجميع المحافظة على الطاقة وإيقاف هدرها في كل المجالات بداية من بيوتنا، مكاتبنا الخاصة والعامة، مصانعنا ،ورشنا، مدننا، قرانا وطرقنا. و ذلك لأن الطاقة التي سنحافظ عليها سنستخدمها في تطوير منشآتنا وبناء الجديد منها، وقد نحفظ بعض الطاقة البترولية للأجيال القادمة. [email protected] المصدر : كتاب المملكة العربية السعودية وعالم البترول 1399ه(د. أحمد الصباب)