في رمزية عالية رسم القاص ضيف فهد أجواء قصصه الملتفة بالغموض بحسب وصف بعض الحضور في الأمسية التي أحياها نادي المنطقة الشرقية مساء الثلاثاء الماضي برفقة زميلته القاصة عقيلة آل حريز التي ابتدأت إلقاء قصصها من ( يا فاتة يا بتي) التي استلتها من أسطورة شعبية لتشيد عليها بنيان قصتها. وافتتح الأمسية القاص والشاعر عبد الله السفر بكلمة مثلت نصاً موازياً تفاعلياً ونقدياً في آن مع قصص فهد التي قال أنها تقوم بما وصفه فعل (التقشير) والذي فسره بفعل اختراق أقنعة الوجوه للنفوذ إلى الأغوار العميقة بحثاً عما يكمن في (الماوراء) من أجل قشع الوهم من المعرفة الواثقة. وعرّج السفر على نص فهد (صفة رجل واحد) حيث قام القاص بتفتيت صفة صورة الرجل وتجزيئه إلى درجة (اللاصفة)، وأضاف أنّ الكاتب يرجرج الصفة ويخلخلها إلى العدم. وقال السفر عن نص فهد الآخر ( لا لأنّه ) أنه قام بعملية محو للفعل يفرغه من التشكّل وتفريغ للشخص من الاسم ما يسيّل صلابته، على طريقة الكاتب التي وصفها السفر ب( خرق الصورة، تجاوزها أو نقضها). ما وصفه البعض بغموض قصص فهد لم يمنع الشاعر عبد الوهاب الفارس الذي بدا متحمساً وهو يعبّر عن استمتاعه بالاستماع لها قائلاً أنها « كما هطلت وصلت «، وعبّر الفارس كذلك إعجابه الشديد بالقصص واصفاً إياها بالقصص الرمزية البعيدة عن التكلّف والتقعّر ووصف مواضيعها ب(المتفردة والنوعية)، إلا أنّه نبّه إلقاص إلى وجود أخطاء في الإلقاء ناصحاً إياه بوجوب الاهتمام بتشكيل الكلمات. ولم تخل قصص فهد من ملامح الصحراء وحيواناتها حتى في عنواوينها حيث قرأ فهد ( حشرة صغيرة سوداء لا سمّ لها)، ( أظلاف)، (المعدال)، وهي كلمة قال القاص أنها تعني الغرض الذي يستخدم في عرف أهل الصحراء كضمانة لاستراد الحقوق ذات قيمة معنوية أو مادية. كما قرأ فهد قصة (حسد) و(الخوي) وبرزت كائنات الصحراء في قصصه كالذئب والأفعى والحشرات السامة ومعتقدات أهل الصحراء عن الجن. الجانب الأسطوري حضر أيضاً في أول قصة قرأتها القاصة عقيلة آل حريز ( يا فاتة يا بنتي) والتي تحكي أسطورة متعلقة بطائر الفاختة أو اليمامة. وحضرت آلام المرأة وأحلامها وطموحاتها في القصص التي قرأتها آل حريز في الأمسية والتي احتلت فيها المرأة دور البطولة وكادت أن تخلو تماماً من وجود الرجل. واكتفت آل حريز قصتيين أخريتين بعنوان (أحبّّ المطر) و ( التحليق عالياً) في مقابل خمس قصص قرأها فهد إلا أن انها استغرقت الوقت نفسه رغم سرعتها في القراءة وذلك لطول نفس قصصها. ووصفت القاصة فوزية العيوني قصة آل حريز (أحبّ المطر) بالسرد الجميل والعذب ممتنعة عن وصفها بالقصة ومرجعة السبب إلى أنها لم تجد في نصها عناصر القصة، إلا أنّ القاص خليل الفزيع قال أنتقد بشدّة ما وصفه بسوء الإلقاء واللغة لدى آل حريز . وقال أنّ عليها الالتفات للإعراب وألا تستعجل في الإلقاء لكي لا تفوّت الصور على المتلقي وأضاف أن لديها مشكلة في فقه اللغة، مؤكّداً على أنّه إذ يسوق هذه الملاحظات فإنّه يرجو للكاتبة المزيد من الإبداع بتلافيها لاحقاً. واعتذرت آل حريز عن ملاحظات الفزيع بملابسات مجيئها المتأخّر إلى الأمسية والذي سبب ارتباكها واستعجالها في الإلقاء محاولة تدارك الوقت الضائع. يذكر أنّ للقاصة آل حريز مججموعتان قصصيتان بعنوان (لا تمدّن عينيك، 1425ه) و( الروشن، 2006) ولها تحت الطبع عن نادي المنطقة الشرقية الأدبي (أمنيات حافية). وحصلت آل حريز على بكالوريوس آداب من جامعة الملك سعود تخصص علم اجتماع وتعمل كأخصائية اجتماعية في مستشفى الأمل بالدمام. أمّا القاص ضيف فهد فيعمل في التعليم وهو حاصل على بكالوريوس فيزياء، وشارك في العديد من الأمسيات في مدن المملكة والخليج وله مجموعة قصصية بعنوان (مخلوقات الأب).