أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عزوجل ومراقبته في السر والعلن. وقال في خطبة الجمعة امس في المسجد الحرام أيها الناس إن من يسبر التاريخ الغابر والحاضر ببداهة فهمه واتزان نظره ويعرف و يتعرف على واقع الأمم السابقة والمجتمعات الحاضرة فلن يتطرق إليه شئ البتة في وجود حقيقة ثابتة ومبتغى ينشده كل مجتمع وأس لا يتغير ولا يتبدل مهما توالت عليه العصور وعصفت به رياح الأيام التي يداولها الله بين الناس ألا وهو مطلب الأمن والأمان . وأضاف يقول / الأمن الذي يهنأ فيه الطعام ويسوغ فيه الشراب ويكون النهار فيه معاشا والنوم سباتا والليل لباسا انه متى اختل إيجاد الضمانات الواقعية والإعدادات الشمولية ضد ما يعكر الصفو في أجواء الحياة اليومية للمجتمعات المسلمة فاحكموا على أمان الناس واستقرارهم بالغيبة والتيه المفرزين الممارسات اللامسئولة والإخلال المرفوض بداهة بكل ما له مساس بالأمن الذي يهدد رسو سفينة المجتمع المسلم في حين أنه لا قبول له بأي صفة كانت مهما و ضعت له المبررات و الحيثيات التي يرفضها كل ذي عقل حي وفؤاد ليس هواء/. وأكد انه متى دب في الأمة داء التسلل أو الافتلات الأمني من قبل بعض أفرادها فإنما هم بذلك يهيلون التراب على مفهوم الاستقرار ويقطعون شرايين الحياة عن الأجيال الحاضرة والآمال المرتقبة هذا أن لم تكن تلك الممارسات تكأة يتكأ عليها أعداء الإسلام من الكفرة الحاقدين ومبررا سائغا لهم في تنفيذ ما من شانه إيجاد المسوغات المشروعة بمفهومهم في التضييق المتتالي على حياض المسلمين فتأتيهم مثل هذه الإخلالات على طبق من ذهب ليجتاحوا بلاد المسلمين بأدنى الحيل . وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام انه ينبغي في هذا المقام أن ندرك مفهوم الأمن بمعناه الشمولي والواقعي فالأمن له مفهوم أعم وأول وأعظم مفهوم للأمن هو في أن ينطلق المجتمع المسلم على تقرير أن عقيدة المجتمع هي تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله بالبعد عن الشرك بالله في ألوهيته وربوبيته وأسمائه و صفاته والبعد عن الشرك به في حكمه والبعد عن الكفر بملة الإسلام و الإلحاد فيها أو تنحية شرعة البارئ جل شأنه عن واقع الحياة أو مزاحمة شرعة غير شرعة الله مع شرعته جل و علا . وأردف الشيخ الشريم يقول // كما أن مفهوم الأمن ينبغي أن لا ينحى عن مراكز القوى في المجتمعات المسلمة أو يدب التجاهل فيه دبيبا لينسينا اثر هذه المراكز الملموسة في أمن المجتمعات سلبا وإيجابا فهناك ما يسمى مفهوم الأمن الغذائي والأمن الصحي الوقائي وهناك ما يتعلق بالضوابط الأمنية في مجال التكافل الاجتماعي وتهيئة فرص العمل والإنتاج والقضاء على البطالة والعناية بالنشء في كل ما يفيد ولا يضر إضافة إلى فهم النواحي الأمنية المنبثقة من دراسة الظواهر الأسرية وما يعتريها من ثقوب واهتزاز في بنيتها التحتية كما أنه يجب أن لا نغفل عن ما يعد هاجسا أمنيا لكل مجتمع و صماما للفتح أو الإغلاق لمادة الإخلال بالأمن ألا وهو الأمن الفكري الذي يحمي عقول المجتمعات ويحفظها من الوقوع في الشبهات. وأفاد إمام وخطيب المسجد الحرام أن الأمن الفكري والتعليمي والتربوي والإعلامي هو مقبض رحى المجتمعات المعاصرة إذ به يبصر الناس ويرشدون وبه يخدع الناس ويغربون وبه تخدم قضايا المسلمين و تنصر وبه تطمس الحقائق وتهدر وتعرف المجتمعات الجادة من المجتمعات المستهترة وبعدها عن الانحدار في التغريب والتبعية. وبين فضيلته أن إطلاق اللسان وسيلان الأقلام خائضة في المدلهمات والنوازل دون زمام و لا خطام لمن شانه أن يحدث البلبلة ويوغر الصدور وان يخرج المجتمع المسلم من تشخيص النازلة الواقعة إلى التراشق و الاختلاف وتصفية الحسابات الكامنة في النفوس فيكثر اللغط ويقل استحضار العلم فتضمحل العافية و السلامة من الخطأ فضلا عن عدم القدرة في تقديم حل عاجل سوى الخلط و الجهل و التضليل ومن ثم تزال المشكلة بأشكل منها . ورأى فضيلته أهمية النظر إلى الحقيقة الأمنية من أوسع أبوابها وأقرب الطرق الموصلة إليها وان ننزل الأمور منازلها في كل المستجدات وأن لا نقحم أنفسنا في القضايا الكبار التي لا يصلح لها إلا الكبار كل بما أوكل الله أليه من مصالح المسلمين ورعايتهم وإقامة الحق والقسط فيمن استرعاهم الله.