في العلاقات بين الرجل والمرأة يرتكب البعض أخطاء قد لا يدرك أنها السبب في فشل التوازن المطلوب لإنجاح هذه العلاقة، ومن أهمها هو الصراحة الزائدة، نعم، وأنا لا أعني انتهاج الكذب في التعامل مع الطرف الآخر. ما أقصده هو أن العلاقة الصحيحة والصحية يجب أن تبنى على أساس احتفاظ كل طرف بمساحة من الخصوصية، يقابلها ضرورة احترام خصوصية الآخر، فليس مطلوبا أن يحكي الشخص لشريكه عن الماضي، حتى لا يظل شبحا في مخيلته، مع العلم بأن ليس هناك شخصا لا له تجارب وانتكاسات أو انتصارات. فالمرء هو محصلة تربية وتجارب يكتسب منهما شخصيته بما فيها من حسنات وعيوب ونقاط ضعف وقوة وصراعات وتصرفات، وهذا يؤكد لنا أن لكل تصرف يزعجنا أو يفرحنا مبررا وخلفية اجتماعية وتربوية. علاقة سوزان بزوجها فشلت بعد خمس سنوات، والسبب أنها كانت تنهار بمجرد علمها أن زوجها يتابع برنامجا فيه فنانة قال لها مرة أنها تشبه فتاة أحبها عندما كان مراهقا، الخطأ هنا من الطرفين، فسوزان بإلحاحها بالسؤال وعدم نضجها الكافي لم تتقبل صراحة زوجها، والزوج أخطأ عندما صار كتابا مفتوحا غير مراعي لشخصية زوجته بغض النظر عن كون الماضي مرحلة وانقضت. أما عمر فقد كان زوجا وفيا أحب زوجته كثيرا حتى تخيل أن إعطائها الرقم السري للبريد الإلكتروني الخاص به نوعا من الحب وبعث الطمأنينة في نفسها، لكن تصرفه انقلب على رأسه وأغرقه في بحر من الاتهامات إذا ما تلقى رسالة من زميلة دراسة تسأل عن أحواله، أو قريبة له تستشيره في أمر ما، وتطور الأمر إلى أن أصبحت تراقب كل رسالة أو اتصال وارد أو صادر من هاتفه الجوال. برأيي أن لكل شخص صندوقا أسود، لا يجوز العبث به إلا في حالات الطوارئ، تماما كالصندوق الموجود في الطائرات والذي يحتفظ بأسرار اللحظات الأخيرة في الرحلة، يقوم الخبراء بفتحه فقط في حال حدوث طارئ ما يصيب الطائرة والركاب. فلا خطأ أن نحتفظ بما فات في صندوقنا الأسود، ما دام أنه لا يجرح استمرار العلاقة، على أن نكون بنقاء (الأبيض) فيما عدا ذلك. أصدقاء الحرف: "أبغض عدوك هونا ما فعسى أن يصير حبيبك يوما ما، وأحبب حبيبك هونا ما فعسى أن يصير عدوك يوما ما" قول مأثور. إعلامية وشاعرة أردنية [email protected]