يُعد التطوع ركيزة من الركائز القوية التي تقوم عليها المجتمعات ، ولذلك لما يُشكل من قيمة عالية جداً لما فيه من تقدير للذات ومراعاة لشعور الآخرين ، وبتواجد تلك الأمور لدى الإنسان يصل إلى مرحلة رفيعة من الرقي الفردي الذي ينعكس بشكل مباشر على رقي المجتمع. ولعلنا نرى في مجتمعنا العديد من المتطوعين والمتطوعات الذين يحرصون أشد الحرص على تفعيل ذلك الدور ؛ وذلك من خلال إنشاء مبادراتهم التطوعية الشخصية ، والتي يسوعون من خلالها إلى تقديم خدمات محددة وفق الامكانات المتاحة لديهم. ورغم أن ذلك التوجه توجه حسن ؛ إلا أن الاشكالية فيه أن العديد من تلك المبادرات تفتقد إلى معايير العمل المؤسسي ، أي إنها مبادرات لا تتجاوز كونها رغبات حماسية ! ، تختفي مع العقبات التي تتوالى ، وإن لم يكن ذلك ، فستسير في مكانها رغم قدرة منفذيها على السير بسرعة هائلة إذا كانت هناك رؤية واضحة. ولعل مسألة وضع المعايير للعمل التطوعي بحاجة إلى إعادة نظر ، وذلك من خلال زيادة الفرص التدريبية التي من شأنها أن تعين الراغبين في تكوين فرق عمل تطوعية بالحصول على أساسيات ومبادئ العمل التطوعي لتكون بدايتهم بداية صحيحة. علاوة على تحديد الخطوات الأساسية للمتطوعين والمتطوعات عموماً ، بحيث تكون لديهم مفاتيح لذلك العالم الذي من خلاله يقدمون العون للآخرين ويصقلون من ذواتهم فيه ؛ وحتى لا يتعرضوا أيضاً للخداع من الذين لا يعون معنى التطوع ، بل ويتسلقون على أكتاف التطوع رغبة منهم في الوصول إلى مقاصدهم المادية والمعنوية ! كما أن العمل التطوعي بشكل عام بحاجة إلى زيادة لوعي الناس عنه ، وذلك ليكون هناك تكاتف بلمسة حانية بين جميع شرائح المجتمع ، وحتى نكون بلداً يؤمن جميع من على أرضها بالتطوع ، بل ويقومون به باحترافية فائقة وعالية. ولتحقيق الفائدة المرجوة من التطوع والمقبلين عليه ، نحن بحاجة إلى تفاعل أكبر سواء من الجهات الحكومية ، ومؤسسات المجتمع المدني ؛ وذلك حتى ينتقل العمل التطوعي من الحماس المطلق إلى الرؤية المدروسة ، من حيث التنظيم ووضوح الواجبات والحقوق ، إضافة إلى عمل مستويات للتطوع تعتمد على الفروقات الفردية. علماً بأن كل جهد يبذل في صالح التطوع ، ستكون آثاره ايجابية على المدى القريب والبعيد ، فالتطوع لغة لا يحسن الحديث بها بطلاقة سوى من كانوا نفوس مطمئنة. لمحة : إن التطوع ؛ شعور راقي وفعل سامي وأثر باقي . البريد الإلكتروني : [email protected]