افتتح معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد بن إبراهيم السويل امس فعاليات المؤتمر الدولي الأول لقضايا الحماية من الإشعاع في دول مجلس التعاون لدول الخليج الذي تنظمه المدينة بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون على مدى ثلاثة أيام وذلك في مقر المدينة بالرياض. وقد بدئ الحفل الخطابي المعد في هذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم. ثم ألقى رئيس اللجنة التنظيمية المشرف على معهد بحوث الطاقة الذرية بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور خالد العيسى كلمة قال فيها مع التوسع في الاستخدامات السلمية للتقنيات النووية في التطبيقات المختلفة في الطب والصناعة والزراعة وغيرها برزت الحاجة بشكل أكبر لاستغلالها بحيث يتم الاستفادة القصوى منها مع الالتزام بمعايير الحماية من الإشعاع لتقليل احتمال وقوع الحوادث وتقليل عواقبها في حال وقوعها. وبين أن الحماية من الإشعاع تشمل جميع أفراد المجتمع سواء العاملين في مجال الإشعاع أو غير العاملين من أخطار الإشعاع الطبيعي أو المصنع وحماية البيئة وضمان السلامة والحماية من الإشعاعات في جميع عمليات التعامل مع المصادر المشعة (مواد وأجهزة) في جميع مراحلها. وأشار الدكتور العيسى إلى أن مسؤوليات الحماية من الإشعاع ترتكز على البنية التحتية النظامية والتنظيمية للحماية من الإشعاع بما في ذلك تعيين الجهة الوطنية المختصة بتنفيذ هذا النظام وتحديد مسؤولياتها ومهامها وصلاحياتها، ومراقبة الجرعات الإشعاعية الشخصية للعاملين في المجال الإشعاعي و الجرعات الإشعاعية لأماكن العمل في الممارسات الإشعاعية، ومراقبة الجرعات الإشعاعية الطبية التشخيصية والعلاجية، كما ترتكز على مراقبة التعرضات الإشعاعية لعامة الجمهور والبيئة، والاستعداد والاستجابة للطوارئ الإشعاعية والنووية. وبين رئيس اللجنة التنظيمية المشرف على معهد بحوث الطاقة الذرية بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن هذه الركائز تعد من المعايير الدولية التي تحرص عليها المنظمات الدولية المعنية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث تؤكد ذلك القرارات الدولية ذات الصلة مثل قرارات مجلس الأمن ومدونة قواعد السلوك بشأن أمان المصادر المشعة وأمنها حيث ينبغي أن تتوفر هذه المعايير في جميع الدول التي بها ممارسات إشعاعية أو نووية وبالتالي اصبحت هذه الركائز مطلباً وطنياً ودولياً أساسياً. وأوضح رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر أن المؤتمر يعد الأول في مجاله في دول مجلس التعاون الخليجي العربية ويهدف إلى تبادل التجارب بين دول المجلس وعرض للتطورات الدولية في هذا المجال حيث سيقدم مجموعة من الخبراء الدوليين محاضرات عن التطورات العلمية والتشريعية للفروع المختلفة من الحماية من الإشعاع. بعد ذلك القيت كلمة معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن العطية ألقاها نيابة عنه مدير إدارة البيئة في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي الدكتور فهمي العلي ورفع من خلالها الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ولسمو ولي عهده الأمين ولسمو النائب الثاني حفظهم الله على الجهود الكبيرة والدعم المتواصل لمسيرة العمل المشترك لمجلس التعاون. وقال إن التقدم الذي تشهده دول مجلس التعاون في كافة مجالات الحياة واكبه الأخذ بكل ماهو جديد ومتطور في العلوم والتقنية الحديثة ولا سيما التعامل مع المواد المشعة للاستخدامات السلمية، وعلى الرغم مما تقدمه هذه المواد من خدمات جليلة تسهم في تلبية متطلبات التنمية في مجالات عديدة إلا أن خطورة سوء استخدامها تستقطب الاهتمام العالمي والإقليمي مما يستدعي التعامل معها بحذر واتخاذ كافة الاحتياطات الوقائية اللازمة لتجنب أضرارها، وانطلاقا من حرص دول مجلس التعاون على تنظيم فحص المواد الغذائية وغيرها للتأكد من خلوها من الإشعاع أو عدم تجاوزها المستويات الإشعاعية المسموح بها،. وبين أن الأمانة العامة بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وأجهزة البيئة بالدول الأعضاء قامت بإعداد النظام الموحد للوقاية من المواد المشعة لدول مجلس التعاون والذي اعتمد من المجلس الأعلى في دورته الثامنة عشرة (الكويت ديسمبر 1997م) باعتباره يمثل الحد الأدنى من التشريعات الوطنية في مجال التعامل مع المواد المشعة، ولكل دولة عضو تعديل أو إضافة بعض المواد حسب احتياجاتها بحيث لا تقل تشريعاتها الوطنية عن متطلبات هذا النظام. وأشار معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى أن فريق العمل الخاص بالوقاية من الإشعاع في دول المجلس عقد عدة اجتماعات وتم إعداد خمسة أدلة استرشادية في مجال المواد المشعة و تم إقرارها من الوزراء المسؤولين عن شؤون البيئة في اجتماعهم الثالث عشر (مسقط 22 ابريل 2009م). وبين ان هذه الأدلة تشمل / الدليل الاسترشادي لوضع الخطة الوطنية للاستجابة لمواجهة الطوارئ الإشعاعية والنووية لدول مجلس التعاون، ودليل التراخيص والتسجيل في مجال الإشعاع في دول مجلس التعاون، بالإضافة إلى دليل التفتيش الاسترشادي للتحقق من سلامة الممارسات الإشعاعية في مجال الوقاية في دول مجلس التعاون، ودليل برامج التدريب للعاملين في مجال الوقاية من الإشعاع للاستفادة منه في مجالات بناء القدرات والتأهيل للعاملين في مجال الوقاية من الإشعاع، وأخيرا الدليل الإسترشادي لوضع مستويات الإجراءات في النويدات المشعة الموجودة في الأغذية أو المياه أو المحاصيل. وأشار معالي الامين العام لمجلس التعاون الى أن العمل البيئي لا تحده الحدود السياسية والجغرافية والاقتصادية بل يتطلب تعاملا مع المتغيرات والتحديات الراهنة التي تستهدف البيئة ومقوماتها والتي أحدثت الكثير من المشاكل العالمية والإقليمية والتي ترتب عليها استنفاذ طبقة الأوزون، وارتفاع في نسبة الغازات الدفيئة مع زيادة في اتساع قاعدة الاحتباس الحراري، وارتفاع درجة حرارة الأرض، وزحف الصحراء وتعرية التربة واستنزاف الموارد الطبيعية الأساسية، وارتفاع نسبة المخلفات الخطرة، كل ذلك يضعنا أمام مواجهة تلك المتغيرات المتلاحقة في هذه السلسلة المنتظمة من آثار التدهور البيئي وما هذا اللقاء العملي اليوم إلا تعبيرا عن رغبة صادقة وتصميما للانطلاق إلى آفاق المستقبل الصحيح وفق أسس علمية مدروسة وقواعد وتوجهات حكيمة من الشريعة الغراء مستفيدين من خبرات الدول الأخرى المتقدمة في هذا المجال. وقال العطية إنني أتطلع في سبيل تحقيق الهدف المنشود من هذا المؤتمر، أهمية أن يتحدد دور الأجهزة والمؤسسات المختصة في البيئة في كافة القطاعات بما في ذلك القطاع الخاص لتوفير وتوحيد مصادر المعلومات، وبلورة قضايا التنمية والتعريف بالنظم البيئية ومقوماتها والتشجيع على دراسة العوامل التي تؤثر فيها أو تنتج عنها. وأضاف أن هذا الدور يمتد أيضا ليشمل المجتمع المدني من خلال نشر الوعي البيئي وزيادة مساهمة المواطن للتعريف بالمخاطر القائمة أو المرتقبة وبالتالي يؤدي إلى زيادة المعرفة ويضاعف من درجة الشعور بالمسؤولية ويؤثر في صياغة القرار بل ويرسي دعائم التعاون والتنسيق على كافة الأصعدة. وختم معالي الامين العام كلمته متمنيا أن يتمخض عن هذا اللقاء ترسيخ قواعد العمل لإيجاد بيئة سليمة وتنمية شاملة مستمرة تكون وسائل تحقيقها التشريعات البيئية والإدارة البيئية السليمة والتربية البيئية من خلال التعليم وأنشطة البحث العلمي و الاستفادة من تجارب الآخرين بتبادل الخبرات والمعلومات فيما بين المختصين ونقل التقنيات وتنمية القدرات الوطنية وتدريبها على التعامل مع المواد المشعة بصورة سليمة للاستفادة من معطياتها في العملية التنموية،. إثر ذلك ألقى معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية كلمة رحب فيها بالحضور مبينا أن المدينة تسعدا كثيراً باستضافتها وتنظيمها لهذا المؤتمر الدولي بمشاركة أمانة مجلس التعاون الخليجي للدول العربية واستضافتها للأشقاء في دول مجلس التعاون ،كما تسعد كذلك بمشاركة العديد من الخبراء الدوليين في مجال أعمال هذا المؤتمر لتقديم خبراتهم وتجاربهم العلمية في هذا المؤتمر. وأوضح أن عمل المدينة يتمحور في أن تكون المدينة قريبة من المجتمع، وأن تدعم التوجهات الوطنية، بالإضافة إلى أن يكون للمدينة إسهام في المعرفة الإنسانية. وأشار إلى أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تقوم بدور هام في عملية التحول إلى مجتمع المعرفة بحكم مسؤولياتها المناطة بها لتطوير منظومة العلوم والتقنية والابتكار في المملكة حيث يتضمن سعي المدينة لتنمية القاعدة التقنية ووضع حوافز وإجراءات تشجع على الابتكار الداعم للاقتصاد السعودي وكذلك تسهيل مشاركة القطاعين الخاص والعام لاستثمار هذا الابتكار تجارياً. وقال الدكتور السويل إن موضوع مؤتمرنا يمس جميع محاور عمل المدينة الثلاثة، وقد عملت المدينة ومنذ تأسيسها على تطوير البنية التحتية الرقابية للحماية من الإشعاع على المستوى الوطني لكونها الجهة الوطنية المعنية بالجانب الفني في هذا الشأن كما أن للمدينة جهود بحثية وتطويرية في مجالات حماية الإنسان والبيئة من الإشعاع وإدارة النفايات المشعة وهندسة الحواجب الإشعاعية والمعايرة الإشعاعية وتقدير الجرعات الإشعاعية والفيزياء الصحية والطبية وغيرها من المجالات ذات العلاقة. وأبان أن المتخصصون من المدينة يعملون مع زملائهم في دول المجلس تحت مظلة الأمانة وضمن فريق فني متخصص على تبادل الخبرات وتنظيم المناشط العلمية ووضع الأدلة التشريعية الاسترشادية ومنها على سبيل المثال النظام الخليجي الموحد للوقاية من الإشعاع. وختم الدكتور السويل كلمته بالشكر لكل من أسهم واجتهد لإقامة وتنظيم والمشاركة في هذا المؤتمر الدولي المتميز متمنياً أن تكلل جهود جميع العاملين بالنجاح والتوفيق. بعد ذلك بدأت الجلسات العلمية للمؤتمر بمشارك العديد من المتخصصين في هذا المجال. حضر حفل الافتتاح صاحب السمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود نائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث والعديد من المختصين والمهتمين بهذا المجال.