كلما تذكرت وصايا لقمان وتأملت في كنوز الأخلاق الاسلامية، وما آل اليه واقع حياتنا المعاصرة وما نربي عليه ابناءنا، ينتابني حزن على ما فرطنا فيه، واشعر بقلق على بوصلة التربية التي توجهها الماديات في تفاصيل حياتنا، حتى اصبحت تلك الماديات بكل اشكالها عنوانا للمصالح فقط واصبحت اكبر همنا في المعاملات والعلاقة بين الناس حتى بين الاخ واخيه والجار وجاره. وعندما اقرأ في سيرة السلف الصالح كيف كانت القيم الاخلاقية ومكانتها العظيمة مقارنة بما اصبحنا عليه، اشعر بفارق كبير، فكلنا نشكو تغيرا للأخلاق الا من رحم ربي. لنقرأ ايها الاحبة ونتدبر قول الله تعالى في تزكيته سبحانه وتعالى لنبيه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه (وإنك لعلى خلق عظيم) ولنتأمل ونتدبر قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) عندما نتدبر ذلك نرى صورة واقع التربية اليوم نجد ان الأمة والاسرة والمجتمع قد فرطوا في الكثير من جوانب التربية التي فيها صلاح الحياة. فكم من الآباء والامهات يربون الابناء على الخلق الاسلامية والتأدب بآداب النبي صلى الله عليه وسلم وكلها مصدر الفلاح بتقوى الله التي تشيع المودة والتراحم والصبر والرضا والصدق والاخلاص، ولنتصور لو ترسخ كل هذا الخير في النفوس، كم يكون صلاح الاسرة والمجتمع والفرد واستقامة الاجيال بمكارم الاخلاق والفضيلة. مما ورد في الاثر من حديث لقمان لولده: مررت على كثير من الانبياء فاستفدت منهم ثمانية حكم: إن كنت في الصلاة فاحفظ قلبك – وان كنت في مجالس الناس فاحفظ لسانك – وان كنت في بيوت الناس فاحفظ بصرك – وإن كنت على الطعام فاحفظ معدتك. اثنان لا تذكرهما ابدا (اساءة الناس اليك – واحسانك الى الناس) واثنان لا تنساهما ابدا: (الله – والدار الآخرة). يالها من حكم عظيمة تثير الدمع خشية وندما على كل غفلة وتقصير، وتشعرنا اين نحن منها للفلاح في الدارين، فكم من الاباء والامهات يلقي على اسماع الابناء مثل ذلك لتعظيم مكارم الاخلاق في نفوسهم، بل كم منا يسحضر هذه الجواهر في الحياة وكم منا يهتم بما اهتم به لقمان في حديثه لولده وهو يعظه من هذا النبع العظيم ومن مدرسة النبوة، فلقد اتى حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الاخلاق من السخاء والايثار والعفاف والصبر والحلم وبر الوالدين وصلة الرحم والاحسان الى الجار، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر،ِ والدعوة الى الخير واصلاح ذات البين. ليتنا نعيد التربية الى نبعها الصافي ولو عدنا الى جوهر الاخلاق لما عانينا وشكونا من الغش فالبيع والشراء في المعاملات والانشغال بأمور الدنيا حتى تكاد تذهب بالصلاة. فصلاح الاخلاق ونشر القيم لابد ان يكون على الاسس المتينة من اخلاق الدين حتى تستقيم الحياة ونعالج الادران في النفوس، وما اعظم ان يحفظ الانسان قلبه في الصلاة وان يحفظ لسانه في المجالس بدل من الغيبة والنميمة التي اصبحت ادمان المجالس، وتغير المعايير وباتت قيمة الانسان في هذا العصر بما يملك من جاه ومال وليس بقيمته كانسان وهذا يولد النفاق ويشيع البغضاء. اللهم اهدي نفوسها تقواها وزكها انت خير من زكاها. للتواصل/ 6930973 مرتبط