تعتقد الكثير من النسوة أن صديقاتهن الوفيّات المُخلصات أو لنقل ممن رافقنهن دهراً وبينهن "عيش وملح" – كما نقول بالعامية – صندوق أسرارهن الأسود الذي سيدفن معهن ولن يعرف أحد ما فيه، فيسررن لصديقاتهن كل تفاصيل حياتهن والكثير الكثير من الأمور التي يخفينها ربما عن أخواتهن أو حتى عن أزواجهن، ولا يعرفن الحقيقة الصادمة أن كل سر وكل حديث تسرّه إلى صديقتها هو في الواقع موضوع جديد للنقاش بين تلك الصديقة وزوجها!، فالصديقة الوفيّة تلك ولتمثل دور الزوجة التي لا تخبئ شيئاً عن زوجها تنقل له وبالحرف جميع أخبار وقصص صديقاتها، هذا إن لم تزد عليه بهاراتها لتجمّل من نفسها أمام زوجها وتشوّه من صورة تلك الصديقة في عينه!. هناك نسوة لا يملكن ميزان يقسن فيه الأمور، فلا يفرّقن بين ما يمكن قوله وما لا يجب أن يُقال، يتكلمن بسذاجة فينقلن كل ما يدور بينهن وبين صديقاتهن إلى أزواجهن بحسن نيّة، فتطالهن المعايرة من أزواجهن كلما احتدام الخلاف بينهما واستغل الأزواج تلك القصص ضدّهن، فيما البعض الآخر يملكن ذاك الميزان، ولا يملكن حسن النيّة، إذ لا تنقصهن الفطانة ولا حسن التصرّف، ولكنهن يستمتعن بنقل تلك الأخبار، ويُحدثن أزواجهن عن خصوصيات صديقاتهن وكأنه واحد من "الشلة"، باعتباره شريك حياتهن وشريكهن في كل ما يخصّهن وللأسف يتمادين إلى ما يخصّ صديقاتهن. هناك فرق بين تلك الأحاديث التي تجري بينك وبين أختك، وبين تلك التي بينك وبين صديقاتك، وبطبيعة الحال تختلف هي الأخرى عن تلك التي بينك وبين زوجك، ومن العيب – ولا أقول من سوء التصرّف – أن تكوني آلة تسجيل تنقل كل شيء إلى أذنه، وفي الطرف الآخر هناك من أمنت لك وأفضت لك بخصوصياتها. المُضحك المُبكي أن ما وقعت تلك الزوجة في شر لسانها، ومن حيث لا تعلم تجعل من تلك الصديقة القصة التي تثير فضول زوجها بل واهتمامه وإعجابه، ولأنه يعلم بكل تفاصيل حياة الصديقة قد يطلبها كزوجة إن لم تتزوّج بعد، والطامّة إن كانت تلك الصديقة هي الأخرى لم تصن العشرة والصداقة، فتقبل عرضه، فتستيقظ تلك الزوجة على خبر زواج صديقتها من زوجها والسبب أنها ومن البداية لم تحترم خصوصيات صديقتها ولم تحفظ أسرارها، فلم تستحق الاحترام من الطرفين.