تستشير "وردة" منذ أن تزوجت إحدى صديقاتها في كافة تفاصيل حياتها الزوجية، وتخبرها بكل ما يتعلق بينها وبين زوجها، حتى نشبت مشكلة ذات يوم بسببها، إذ كانت الصديقة تحرضها باستمرار وتنصحها بعدم الخضوع وعدم الاعتذار إن أخطأت، لأن ذلك باعتقادها ينتقص من كرامة المرأة، وثقتها بنفسها، وتسببت هذه النصائح المدمرة في العديد من المشكلات التي أوشكت أن تصل للطلاق. ويروي "عبد المجيد" قصته مع جاره الذي يزوره كل ثلاث ليال للسهر لديه، وكان يسأله دوما عن تفاصيل علاقته بزوجته، مما دفعه للبوح ببعض الأسرار المتعلقة بحياتهما، وكان الجار يقدم له النصائح التي لا تؤتي ثمارها، بل تزيد المشاكل وتوقد نار عدم الثقة بين الزوجين. من جانبه يقول رئيس المجلس الاستشاري الأسري بدبي الدكتور خليفة المحرزي ل"الوطن" "من الطبيعي أن يكون لكلا الزوجين أصدقاء ضمن دائرة العمل أو المنزل، وتمتد علاقاتهم إلى دوائر خاصة قد تؤثر على حياتهم الخصوصية، ولكن الحياة الزوجية لها طبيعتها الخاصة، ولها أسرارها التي لا ينبغي لأحد أن يعرفها, ويكفيها وصف الله تعالى لها بقوله ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ). لذلك يجب وضع معايير وحدود يتم الاتفاق عليها وعدم تجاوزها لصيانة الحياة الزوجية، ومن المهم بالنسبة للزوجين أن يخبرا بعضهما بضرورة إبقاء بعض الأصدقاء بعيدا والحفاظ على الأصدقاء الآخرين، شريطة ألا يؤثروا على خصوصية الحياة الزوجية وفي نفس الوقت عليهما أن يقررا معا أي الأصدقاء يجب أن يكون على مقربة منهما بما لا يؤثر على طبيعة خصوصية حياتهما، فالتدخلات الخارجية من بعض الزملاء في العمل قد تفسد الحياة الزوجية، ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال, فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده". وبين أن بعض الأزواج يسمح لزملاء العمل بالتدخل في حياته الزوجية، وإن كانت المرأة هي الأكثر في كشف الأسرار العائلية من الرجل، كما أثبتت الدراسات أن المرأة لا تجد غضاضة في كشف أسرار بيتها وطرح مشاكلها الزوجية على المقربين من الزملاء، سواء كانوا من الرجال أو النساء. وأضاف أن هذه الظاهرة ليست محصورة في النساء فحسب، فالرجال أيضا يفضحون الأسرار العائلية لأصدقائهم، ويبوحون أحيانا بأدق التفاصيل مما يثير توتر وحفيظة الزوجة، بل ويزيد من حجم المشكلة، لذا ينصح الخبراء بضرورة الابتعاد عن البوح بالأسرار الزوجية، أو تفاصيل الحياة كلها مع الصديق، وضرورة الحفاظ على بعض الخصوصيات بينكم حتى لا تعطي مثلا الحق لصديقتك في التدخل في جميع شؤونك الزوجية. وشدد الدكتور المحرزي على أن "للحياة الزوجية خصوصية ينبغي احترامها من قبل الطرفين، فعندما يبوحان بأسرارهما للأصدقاء، ويسمحان لهم بالتدخل بينهما عند وقوع أي خلاف بينهما، فإنهما يعرضان حياتهما الزوجية للخطر، لأن خصوصيات العائلة يجب أن تبقى طي الكتمان، وأن يتم حلها بالحوار والتفاهم". وعن النماذج التي تلقاها المجلس الاستشاري يقول "تعاملت مع إحدى الحالات الزوجية، حيث تشتكي الزوجة من تدخل صديق الزوج في حياتهما الزوجية، وتؤكد بأنه لا توجد صغيرة ولا كبيرة إلا ويعرفها صديق زوجها الذي يدافع عند تدخله بحياتهما بأنه يريد مصلحتهما، ويستمع الزوج لنصائح صديقه حول طرق التعامل مع زوجته وأولاده وكأنه الخبير بحل المشكلات العائلية، كما تعاملت مع حالة زوج وصل إلى مرحلة الاستياء والتبرم بسبب صديقة زوجته لما تسببه من مشكلات، من خلال تحريضها على التمرد، وكثرة الطلبات، واقتحامها لخصوصية حياته الزوجية، وكشفها لما يجري بيننا حتى تأزمت الخلافات بين الزوجين ووصلت إلى القطيعة والخصام، فخيرها بينه وبين صديقتها. وتابع الدكتور المحرزي قائلا "من أغرب المواقف التي تعاملت معها شكوى الزوجة من تدخل صديق زوجها في تفاصيل حياتهما الزوجية، حيث لا يكترث كثيراً بخصوصيات الحياة الزوجية بينهما لدرجة أنه يلازم زوجها طوال اليوم في العمل وخارجه، ووصل به الحال إلى مرافقته في جميع رحلاته وذهابه إلى السينما والمطاعم وفي نهاية الأسبوع، وكانت أي محاولة منها لتغيير هذا الروتين القاتل تنتهي بالخصام والصوت المرتفع". ولفت الدكتور المحرزي إلى أنه "ليس كل تدخل له انعكاسات سلبية على حياة الزوجين، لأن بعض النصائح قد يكون لها فائدة ترجى، مثل تبادل النساء وصفات الطبخ، وطريقة تربية الأطفال، وترتيب البيت، إلى تقديم النصائح العامة حول طرق التعامل مع الزوج، كما أن بعض الأسرار لا ضير على خروجها من المنزل، منها على سبيل المثال أن يظهر الشريك الطرف الثاني بالصورة الحسنة، وإبراز صفاته الإيجابية، وذكر محاسنه وتصرفاته أمام الآخرين. وأوضح أن بالإمكان تعويد الأزواج على التخلص من هذه العادة عن طريق إيجاد ما يسمى بالإرشاد الزواجي، والعيادات الاجتماعية والأسرية التي تضم اختصاصيين نفسيين واجتماعيين، فقد بات ذلك مطلبا ملحا في عصر تزايدت فيه الضغوطات النفسية التي نتج عنها كثير من المشكلات العائلية.